مال وأعمال

العقوبات تسقط.. لكن طريق التعافي السوري طويل

نشر
blinx
 & 
بعد أكثر من عقد من العقوبات الأميركية المشددة، يفتح إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع القيود الاقتصادية عن سوريا بابًا جديدًا في مسار تعافي البلاد من النزاع الدموي فيها.
في خطاب ألقاه من الرياض، وضع ترامب حجر الأساس لتحوّل اقتصادي محتمل، متعهدًا بـ"توفير فرصة" لسوريا للنهوض، في خطوة اعتبرتها دمشق "محورية".
وبينما يصف خبراء القرار بأنه "إشارة سياسية قوية" ستعيد وصل الاقتصاد السوري بالعالم، يظل الطريق نحو التعافي محفوفًا بالتحديات التقنية والتشريعية، وسط بنية تحتية منهكة، وعزلة مالية طالت الشعب والنظام على حد سواء.
فهل يُعيد رفع العقوبات النبض إلى شرايين الاقتصاد السوري؟ أم أن تبعات الحرب والتعقيدات القانونية ستُبقي وتيرة التعافي بطيئة وشاقّة؟

اعرف أكثر

اجتماع غير مسبوق في الرياض

يعدّ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق خلال حكم الأسد، خطوة مفصلية على طريق التعافي بعد نزاع مدمّر، لكن نهوض الاقتصاد السوري بعد سنوات من العزلة، لا تزال أمامه عقبات عدة.
وتعهّد ترامب، الثلاثاء، في خطاب له من الرياض، رفع العقوبات من أجل "توفير فرصة" لسوريا للنمو.
وعقد الرئيسان السوري والأميركي، الأربعاء، في العاصمة السعودية اجتماعا هو الأول من نوعه منذ زهاء ربع قرن، حضره ولي عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان، وشارك فيه الرئيس التركي، رجب أردوغان، عبر الهاتف.

فرصة لإعادة بناء الثقة والاستثمار

رأت دمشق في رفع العقوبات "نقطة تحوّل محورية". ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن وزير المالية محمد برنية قوله الثلاثاء إن القرار "سيساعد سوريا في بناء مؤسساتها، وتوفير الخدمات الأساسية للشعب وسيخلق فرصا كبيرة لجذب الاستثمار وإعادة الثقة بمستقبل سوريا".

تأثير فوري على التحويلات والعملة

يشرح رئيس تحرير النشرة الاقتصادية الإلكترونية "سيريا ريبورت" جهاد يازجي أن "العقوبات الأميركية كانت الأكثر تأثيرا" بين كلّ العقوبات الغربية التي فرضت خلال الحكم السابق.
ويوضح لوكالة فرانس برس أن رفع القيود الأميركية يعدّ "إشارة سياسية مهمة جدا، تعني ببساطة أنه يمكن للجميع العمل مع سوريا مجددا.. وهذا أمر بالغ الأهمية".
وأشار الى أن الأثر المباشر الأكثر وضوحا سيكون تسهيل تحويل الأموال، بالإضافة إلى المساعدات الإنمائية بشكل عام.
وفرضت غالبية العقوبات عقب بداية النزاع عام 2011 إثر قمع السلطات بعنف الاحتجاجات المناهضة للأسد. وطالت في حينه بشار الأسد وعددا من أفراد عائلته، وشخصيات وزارية واقتصادية.
وفي 2020، فرضت عقوبات جديدة بموجب قانون "قيصر" استهدفت العديد من القريبين من الأسد بينهم زوجته أسماء.
كما فرضت بموجبه عقوبات مشددة على أي كيان أو شركة يتعامل مع السلطات السورية.
وطال القانون كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز، وحظر على واشنطن تقديم مساعدات لإعادة الإعمار.

تحويلات مالية وعقبات

ويشير يازجي إلى أنه بالنسبة للسوريين الذين يقبع نحو 90% منهم تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، يبقى التأثير الأكبر على يومياتهم رهن رفع العقوبات عن القطاع المصرفي.
وفصلت العقوبات البنوك السورية عن النظام المصرفي العالمي "وتاليا لم يكن من الممكن إجراء تحويلات مالية من وإلى سوريا"، بحسب الخبير.
ويرى أن رفع العقوبات عن القطاع المصرفي من شأنه "تسهيل عمليات التحويل من وإلى سوريا، مما سيُحسّن النشاط التجاري، ويُعزّز الاستثمار، وسيوفر الكثير من فرص العمل ويخلق بيئة أعمال أكثر نشاطا".
ويتوقع أن تنعكس عودة التعاملات المالية مع الخارج، إيجابا على الليرة السورية التي فقدت تدريجيا نحو 90% من قيمتها خلال سنوات النزاع.
وبعدما كان سعر صرف الدولار الواحد يناهز 50 ليرة سورية قبل 2011، يراوح حاليا بين 10 آلاف و12 ألف ليرة.
ويشرح يازجي أنه "من المفترض أن يكون هناك تدفق أكبر للدولار إلى سوريا، ما قد يساعد على دعم قيمة العملة المحلية على المدى المتوسط إلى الطويل"، لكنه يشير إلى "عوامل عدة أخرى مؤثرة، مثل ما إذا كانت الحكومة ستقوم بطباعة المزيد من العملة وزيادة الإنفاق لرفع الرواتب".
ولا تزال سوريا تواجه الكثير من العقبات لناحية طول الإجراءات المتعلقة برفع العقوبات، أو أثرها المباشر على عملية إعادة الإعمار.

قانون قيصر... عقبة أمام إلغاء كامل

يشرح الخبير في الاقتصاد السياسي السوري، كرم شعار، أن "إجراءات رفع العقوبات طويلة ومعقّدة، حتى في حال وجود إرادة سياسية".
ويضيف أن ذلك "قد يستغرق أشهرا، لأننا نتحدث هنا أيضا عن تشريعات عقابية، فبعض العقوبات تأتي بموجب قوانين وليس فقط بموجب أوامر تنفيذية"، مشيرا الى أنه بينما "إلغاء الأوامر التنفيذية بسهولة أكبر، إلا أن القوانين أكثر تعقيدا بكثير".
ويقول شعار إنه في حالة قانون "قيصر"، يمكن للرئيس الأميركي "تعليق العقوبات، لكنه لا يستطيع فعليا إلغاءها من دون تصويت في الكونغرس".
ولا يكفي رفع العقوبات وحده للدفع بعملية إعادة الإعمار الذي قدرت الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 400 مليار دولار، بعد نزاع استمر 14 عاما وتسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وتهجير أكثر من 10 ملايين في سوريا وخارجها.
ولم يعد سوى 1,87 مليون شخص حتى الآن إلى مناطقهم الأصلية منذ سقوط الأسد في الـ8 من ديسمبر، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وأشارت المنظمة الأممية في تقرير لها في 14 مايو، إلى أن "نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يشكل التحدي الأبرز" أمام عودتهم.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة