ترامب في الإمارات.. شراكة متجددة بالطاقة والاقتصاد
تمثل زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى دولة الإمارات، محطة بارزة في مسار العلاقات الإستراتيجية بين البلدين الصديقين، والعمل على تعزيزها في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالحهما المشتركة في التنمية والازدهار، وفق ما أوردت وكالة أنباء الإمارات، وام.
وتجسد الزيارة عمق العلاقات التاريخية الممتدة لنحو نصف قرن بين البلدين، والتي حافظت على متانتها وتطورها المستمر، إذ تعد الإمارات أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفقاً لوزارة الاقتصاد.
وأعلن رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الخميس، خلال استقباله نظيره الأميركي دونالد ترامب في قصر الوطن بأبوظبي، أن بلاده ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات العشر المقبلة.
ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، الزيارة بأنها "عودة تاريخية إلى الشرق الأوسط"، فيما يرى مراقبون أن اختيار ترامب الخليج مرة أخرى كأول محطة له يأتي تأكيداً على أهمية دور المنطقة في المجالات المختلفة.
وتأسست العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين البلدين، بعد فترة وجيزة من قيام اتحاد دولة الإمارات في عام 1971، وتم تدشين سفارة الإمارات في واشنطن عام 1974، كما تم افتتاح سفارة الولايات المتحدة في أبوظبي خلال العام نفسه.
ونجح البلدان في وضع أسس متينة لتعاون طويل الأمد في المجال الاقتصادي، وإقامة شراكات مبتكرة في مجالات جديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والطاقة النظيفة، واستكشاف الفضاء، وغيرها من المجالات ذات الأولوية في العلوم والتعليم والثقافة.
يرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، ووفقاً لبيانات وزارة الاقتصاد، فقد بلغت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات مع الولايات المتحدة الأميركية خلال العام 2024 ما قيمته 32.8 مليار دولار، فيما تعد الولايات المتحدة الشريك التجاري الـ6 عالمياً للإمارات خلال 2024 والأول عالمياً خارج قارة آسيا؛ إذ استأثرت بنسبة 4% من تجارة الإمارات غير النفطية خلال 2024.
وتعتبر الإمارات من المستثمرين الرئيسيين في الولايات المتحدة الأميركية؛ إذ تقدر قيمة الاستثمارات بـ1 تريليون دولار تتوزع في قطاعات التجارة والطيران والتصنيع والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
"الإمارات من أكبر المستثمرين في قطاع الطاقة الأميركي"
أكد وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، سهيل بن محمد المزروعي، أن زيارة ترامب تمثل محطة فارقة في مسيرة العلاقات الإستراتيجية الممتدة بين البلدين، والتي تقوم على أسس متينة من الشراكة والتفاهم المشترك في القطاعات المختلفة، وفي مقدمتها قطاع الطاقة.
وأضاف أن دولة الإمارات تحرص على تعزيز مكانتها شريكاً موثوقاً في مجال الطاقة، حيث تُعد من أكبر المستثمرين في قطاع الطاقة الأميركي من خلال استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة المتجددة، مؤكداً أن هذا التعاون يمثل نموذجاً للشراكات الاقتصادية الناجحة العابرة للحدود.
"استثمارات واعدة في مشاريع وتقنيات الطاقة المتجددة"
تعكس الشراكة الإستراتيجية الإماراتية الأميركية في مجال الطاقة المتجددة رؤية البلدين الصديقين نحو بناء مستقبل مستدام من خلال تعزيز الاستثمارات المشتركة في حلول وتقنيات الطاقة النظيفة، بما يسهم في دعم الاقتصادات الناشئة عبر نقل التكنولوجيا وتوفير التمويل لمشاريع الطاقة المتجددة في البلدين وحول العالم، وفق ما جاء في تقرير لـ"وام".
وتفتح الاستثمارات الإماراتية الأميركية الضخمة في قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة آفاقاً جديدة وواعدة للتنمية الاقتصادية المستدامة على مستوى العالم من خلال نشر حلول الطاقة المتقدمة، ما يعكس التزام البلدين في مجال تعزيز أمن الطاقة العالمي.
تعاون إستراتيجي في مشاريع الطاقة النووية
أكد العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للطاقة النووية، محمد الحمادي، أن الشركة تتعاون مع الشركات الأميركية الكبرى والمتخصصة في تكنولوجيا الطاقة النووية، للاستثمار في مشاريع جديدة أو إعادة تطويرها، إضافة إلى استكشاف فرص تطوير ونشر المفاعلات المصغرة، وذلك في إطار البرنامج المتقدم لتقنيات الطاقة النووية الذي أطلقته شركة الإمارات للطاقة النووية في العام 2023 لهذه الغاية.
وقال في تصريح لوكالة أنباء الإمارات "وام"، إن الشركة تستثمر أيضاً في معارفها وخبراتها المكتسبة في تقديم الاستشارات الإستراتيجية التي تعود بالفائدة الكبيرة على الجانبين الإماراتي والأميركي، مشيراً إلى أن "الإمارات للطاقة النووية" انتقلت إلى مرحلة جديدة تتمثل في التركيز على الاستثمار في مشاريع الطاقة النووية الجديدة حول العالم، واستكشاف فرص تطوير واستخدام تقنيات جديدة ومتقدمة لمفاعلات الطاقة النووية سواء داخل دولة الإمارات أو خارجها، ومن ذلك الاستثمار وبناء الشراكات في الولايات المتحدة التي تشهد نمواً كبيراً في قطاع الطاقة النظيفة وتحديداً قطاع الطاقة النووية.
ويشكل التعاون بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجال الطاقة النووية نموذجا عالميا في الاستخدام السلمي والمسؤول للتكنولوجيا النووية، إذ شهد الجانبان توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تعزيزا للتعاون الثنائي، منها توقيع مذكرة تفاهم بين "الإمارات للطاقة النووية" و"تيراباور" الأميركية المتخصصة في الابتكار في قطاع الطاقة النووية، بهدف التعاون المشترك في مجال تطوير تطبيقات التقنيات المتقدمة في هذا القطاع.