مال وأعمال

الأسواق تنقلب على ترامب.. الرسوم بلا أثر قبل أغسطس

نشر
Camil Bou Rouphael
الأسواق العالمية، التي طالما كانت تتقلب مع كل تهديد صادر عن واشنطن، بدت وكأنها فقدت حساسية الخوف. فبينما يلوّح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، برسوم تصل إلى 40% على صادرات 14 دولة بدءًا من الأول من أغسطس، لم تهتز المؤشرات الآسيوية ولا الأوروبية بشكل دراماتيكي، بل أظهرت بعض الأسواق ارتفاعًا في ظل موجة من التشكيك بجدّية التهديدات.
البيت الأبيض أرسل دفعة أولى من الرسائل الرسمية إلى عدد من الحلفاء والخصوم التجاريين، مؤجلًا التنفيذ بعد تمديد المهلة 90 يومًا، بينما لا تزال دول كالاتحاد الأوروبي تنتظر رسائلها الخاصة.
الردود الدبلوماسية كانت حذرة، وأغلب الدول المستهدفة أبدت استعدادها للتفاوض، وإن كانت الرسائل الأميركية الجديدة أقل مرونة من سابقاتها.

اعرف أكثر

الأسواق تتجاهل التهديدات الجمركية رغم التلويح برسوم تصل إلى 40%

أظهرت الأسواق العالمية ردّ فعلٍ فاترًا تجاه قرارات ترامب بفرض رسوم جمركية مشددة على واردات من 14 دولة، بدءًا من الأول من أغسطس، وفق شبكة "سي إن بي سي".
فمؤشر "نيكي 225" الياباني أغلق مرتفعًا بنسبة 0.3%، وصعد مؤشر "كوسبي" الكوري الجنوبي بنسبة 1.8%، فيما ظل الأداء في البورصات الأوروبية مستقرًا بشكل عام، وارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية رغم التهديدات الجمركية.
الخبير دان كوتسورث أشار إلى أن الأسواق باتت تعتمد على فرضية "ترامب دائمًا يتراجع"، وهي ظاهرة باتت معروفة باسم "TACO"، ما قلل من القلق، خاصة بعدما وصف ترامب المهلة الجديدة بأنها "نهائية، ولكن ليست نهائية بنسبة 100%"، وفق التقرير نفسه.
تقرير "سي إن إن" أشار إلى أن الرسوم المعلنة قد ترفع المتوسط الفعلي من 15.5% إلى 17.3%، لكنها لا تزال أقلّ من مستويات القلق الحاد، خاصة أن عدداً من السلع لا تزال تُباع بأسعار ما قبل الرسوم بسبب المخزون المُسبق.
وفي حين تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية منتصف يوم الثلاثاء بعد إعلان ترامب، أظهرت الأسواق الآسيوية بداية تداولات الثلاثاء على استقرار، كما ذكرت "سي إن إن"، في مؤشر إضافي على فتور رد الفعل.

حلفاء واشنطن يردّون دبلوماسيًا.. لكنهم بلا أوراق ضغط حقيقية

أعرب عدد من قادة الدول المستهدفة عن "أسفهم" للرسوم الجديدة، مع تعهدات بتكثيف الحوار مع الولايات المتحدة. فالرئيس الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، وصف الرسوم البالغة 30% بأنها "غير مبنية على عرض دقيق للبيانات"، مشيرًا إلى أن 77% من صادرات الولايات المتحدة إلى بلاده لا تخضع لأي رسوم، وفق ما أوردته "سي إن إن".
من جهتها، أعلنت كوريا الجنوبية أنها ستُسرّع المفاوضات التجارية، رغم أنها لم تتمكن حتى الآن من تحديد ما الذي تريده واشنطن بدقة، كما نقلت نيويورك تايمز.
أما تايلاند، فعبرت عن استغرابها من الرسوم رغم لقاءات رفيعة جرت مؤخرًا مع مسؤولين أميركيين.
ورغم محاولات هذه الدول عرض صفقات مغرية، مثل شراء الغاز الأميركي أو الطائرات أو المحاصيل الزراعية، فإن تأثير هذه العروض ظلّ محدودًا، كما أظهرت وثائق إدارة ترامب التي أوردتها نيويورك تايمز.
تقرير وول ستريت جورنال أشار إلى أن دولًا نامية مثل كمبوديا وبنغلاديش تواجه أيضًا ضغوطًا جمركية متزايدة، لكنها تفتقر لأدوات تفاوض فعالة، في وقت تستعد ماليزيا لاستقبال وزير الخارجية الأميركي أملاً في تهدئة الوضع.

انقسام أوروبي آسيوي.. هل تتجه واشنطن لعقد صفقات انتقائية؟

رغم تأجيل الرسوم على دول آسيوية، فإن بعض الدول الأوروبية لم تتلقّ بعد أي رسائل رسمية من البيت الأبيض، ما دفع دبلوماسيين إلى توقع اتفاقات ثنائية انتقائية، كما نقلت سي إن بي سي.
ووفق تقرير الشبكة، فإن غياب الاتحاد الأوروبي عن القائمة قد يعكس قرّب الطرفين من إبرام صفقة، لا سيما بعد "تبادل إيجابي" بين ترامب ورئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين.
وفي وقت زار ماكرون المملكة المتحدة، خيّمت على الزيارة أجواء من الترقب التجاري، وسط مؤشرات إلى رغبة فرنسية بترميم العلاقة مع واشنطن، بحسب سي إن بي سي.
من جهة أخرى، نقلت "وول ستريت جورنال" أن اليابان وكوريا الجنوبية تشكلان اختبارًا رئيسيًا لنجاح أو فشل الضغط الأميركي، حيث تُراقب واشنطن عن كثب ما ستسفر عنه المفاوضات مع طوكيو وسيول قبل اتخاذ قرارات مماثلة تجاه دول أخرى.

شبح الركود وخطر سلاسل التوريد.. لماذا قد تكون الرسوم سيفًا بحدّين؟

رغم بلوغ الأسهم الأميركية مستويات تاريخية جديدة، يحذّر خبراء من أن الرسوم الجمركية قد تتحول إلى عبء ثقيل على الاقتصاد الأميركي نفسه. فدوغلاس هولتس-إيكين، رئيس مركز American Action Forum، قال لـ"سي إن إن": "الرسوم حقيقية، وستؤثر في الأسعار، والسؤال فقط: متى وأين؟".
مؤشرات الخطر بدأت تظهر مع تقلص مخزونات المتاجر، ومع استمرار ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك، بحسب التقرير ذاته. كما حذرت الخبيرة ماري لوفلي من أن "لا يمكن ضخّ كل هذا الضغط السعري في النظام ثم نتوقع أنه سيتلاشى".
من جانبها، أشارت كريستينا هوبر من Man Group إلى أن ارتفاع الأسعار، وعودة قروض الطلاب، والغموض التجاري، كلها عوامل تُشكّل "عاصفة شبه مثالية"، فيما حذرت "مورغان ستانلي" من تأثيرات محتملة على سوق العمل.
أما على مستوى سلاسل الإمداد، فشبكة نيويورك تايمز نبّهت إلى أن الضغط الأميركي على دول آسيوية لتقليص علاقاتها مع الصين يهدد بتعطيل سلاسل التوريد العالمية، خاصة في قطاعات حساسة مثل أشباه الموصلات، التي تمرّ بين اليابان، وكوريا، وماليزيا، والصين.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة