شهية المخاطرة في الأسواق على المحك.. ماذا يحصل؟
بين مؤشرات أسهم أوروبية تميل إلى التراجع، ومؤشر ياباني يلتقط أنفاسه بعد موجة بيع حادة، وذهب يتراجع عن أعلى مستوى في ٦ أسابيع مع ارتفاع عوائد السندات الأميركية، تبدو الأسواق العالمية في حالة ترقّب جماعي لقرارات البنوك المركزية الكبرى والبيانات الاقتصادية المقبلة.
يتوزع قلق المستثمرين بين احتمال أول تشديد نقدي حقيقي من بنك اليابان، ورهانات واسعة على خفض الفائدة الأميركية في ديسمبر، في وقت يترقب المتعاملون بيانات التضخم في منطقة اليورو، ويتابعون في الخلفية مساعي دبلوماسية أميركية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
أوروبا بين ضغوط الأسهم وقفزة باير وترقب تضخم اليورو
في أوروبا، انخفض المؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنحو 0.1٪ إلى 574.48 نقطة في التعاملات المبكرة من جلسة الثلاثاء، مواصلا جزءا من خسائر الجلسة السابقة التي قادها قطاع الصناعات، وفق رويترز.
ورغم هذا الميل الهبوطي، تمكنت مؤشرات رئيسية مثل داكس الألماني وكاك 40 الفرنسي من تسجيل ارتفاع طفيف بنحو 0.1٪ لكل منهما.
قطاع الرعاية الصحية تصدّر التراجعات على المؤشر بانخفاض 0.3٪ متأثرا بخسائر أسهم أسترازينيكا ونوفو نورديسك، بينما تعرضت أسهم السلع الفاخرة وشركات السيارات لضغوط إضافية.
في المقابل، خفّف سهم باير من حدة التراجع القطاعي، بعدما قفز بنحو 15٪ إثر حثّ إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المحكمة العليا الأميركية على النظر في محاولة الشركة وقف آلاف الدعاوى القضائية التي تزعم أن مبيد الأعشاب الذي تنتجه يسبب السرطان، بحسب رويترز.
القلق في أوروبا ليس ماليا فقط، فالمستثمرون يراقبون أيضا البعد الجيوسياسي، مع الإشارة إلى أن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر ترامب، من المقرر أن يلتقيا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لبحث مساعي وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
كما تراجع سهم شركة المراهنات وإدارة الألعاب عبر الإنترنت إف.دي.جيه يونايتد بنسبة 4.2٪ بعدما خفّض بنك جيه.بي مورغان توصيته للسهم، بينما يترقب المتعاملون صدور البيانات الأولية للتضخم في منطقة اليورو لشهر نوفمبر في وقت لاحق من اليوم، في اختبار جديد لشهية المخاطرة الأوروبية، وفق رويترز.
تحوّل في نبرة بنك اليابان يربك طوكيو ويرفع عوائد السندات
في طوكيو، اختتم المؤشر نيكي تعاملات الثلاثاء من دون تغير يُذكر عند 49303.45 نقطة، بعد جلسة اتسمت بتداول ضعيف أعقبت موجة بيع حادة في اليوم السابق هبط خلالها المؤشر 1.9٪ ودون المستوى الرئيسي البالغ 50 ألف نقطة، وفقا لرويترز.
التحول جاء بعد تصريحات لمحافظ بنك اليابان كازو أويدا، قال فيها إن صناع السياسات النقدية سينظرون في "إيجابيات وسلبيات" رفع سعر الفائدة في ديسمبر، في أقوى إشارة حتى الآن إلى احتمال تشديد السياسة النقدية في الأمد القريب، بعدما كان أويدا يتوخى الحذر في تصريحاته.
هذه النبرة الجديدة انعكست مباشرة على سوق الدين، إذ ارتفعت عوائد السندات الحكومية اليابانية إلى أعلى مستوياتها في عقود عدة، بما يشمل ذروة قياسية لسندات الثلاثين عاما، ممتدةً موجة البيع الأكبر في أربعة أشهر التي شهدتها سوق السندات في جلسة الإثنين.
على مستوى الأسهم الفردية، كان سهم فاست ريتيلينغ، المالكة لعلامة "يونيكلو"، أكبر الرابحين من حيث عدد النقاط على نيكي بمكاسب 1.8٪ أسهمت بما يصل إلى 98 نقطة.
أما سهم فانوك للروبوتات فكان الأفضل أداء من حيث النسبة المئوية بقفزة 6.5٪ بعد أن أعلنت الشركة عن تعاون مع إنفيديا لتعزيز ما يسمى "الذكاء الاصطناعي المادي" عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الروبوتات.
في المقابل، هبط سهم مجموعة سوفت بنك، أحد أبرز المستفيدين المحليين من طفرة الذكاء الاصطناعي، بنسبة 5.2٪ ليكون الأسوأ أداء على نيكي، كما تراجع سهم تويوتا موتور 1.2٪ وسط انخفاض عام في أسهم شركات صناعة السيارات، بعدما أدى الارتفاع الحاد في قيمة الين خلال الليل إلى تقليص قيمة الإيرادات الخارجية للشركات، بحسب رويترز.
الذهب يتراجع عن ذروة ٦ أسابيع مع ارتفاع العوائد وترقّب الفدرالي
في سوق المعادن، تراجع الذهب في المعاملات الفورية بنحو 0.3٪ إلى 4218.71 دولارا للأوقية بحلول الساعة 06:21 بتوقيت غرينتش، بعدما لامس في الجلسة السابقة أعلى مستوى في ستة أسابيع، وفق ما أوردته رويترز. وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.6٪ إلى 4250.7 دولارا.
وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى "كيه.سي.إم تريد"، إن الذهب يشهد "أداء ضعيفا اليوم، لكن الصورة الأساسية لم تتغير"، موضحا أن التوقعات بتخفيضات في أسعار الفائدة الأميركية ما زالت داعمة للمعدن الأصفر من زاوية العائد، رغم أن الأسواق تتصرف بحذر في ضوء عدم إظهار رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول ميلا واضحا للتيسير بقدر بعض زملائه، بحسب رويترز.
باول تجنب في خطاب ألقاه في جامعة ستانفورد مساء الإثنين التعليق على الاقتصاد أو السياسة النقدية، في حين تُظهر أداة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة سي.إم.إي، وفق رويترز، أن الأسواق تتوقع بنسبة 88٪ أن يخفض مجلس الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة في ديسمبر.
وفي خلفية المشهد، قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، الأحد، إنه سيكون "سعيدا" بتولي منصب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي إذا وقع الاختيار عليه، في تذكير جديد بأن السياسة النقدية الأميركية لا تتحرك فقط بأرقام التضخم والوظائف، بل أيضا بحسابات التعيينات في قمة الهرم النقدي.
وبما أن الذهب لا يدرّ عائدا، يميل المتعاملون إلى الإقبال عليه عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة أو في طريقها للانخفاض.
ومع ذلك، لم يقتصر التراجع على الذهب، إذ انخفضت الفضة 1.3٪ إلى 57.24 دولارا للأوقية، وتراجع البلاتين 0.9٪ إلى 1643.10 دولارا، وهبط البلاديوم 0.4٪ إلى 1419.50 دولارا، بحسب رويترز.