صراعات
.
في أواخر يونيو الماضي تبدلت ملامح مجموعة فاغنر بغير رجعة، من ميليشيا مدعومة من الكرملين، يُطلب منها تأدية ما لا تفضّل الجهات الرسمية تأديته من مهام، إلى عدو يدفع جنوده إلى نزاع على السلطة العسكرية أو ربما ابتلاعها تماما.
غير أن محاولة انقلاب المجموعة وزحفها إلى العاصمة موسكو في ٢٤ يونيو، توقف في منتصف الطريق بعد وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، ودفع بالتساؤلات حول مستقبلها.
اليوم ظهرت الإجابة إلى السطح بعد أعلنت وزارة الدفاع في بيلاروسيا أن مقاتلي فاغنر يعملون رسميا كمدربين لجيشها، بينما لا يزال الغموض سيد الموقف فيما يتعلق بمصير قائد التنظيم يفغيني بريغوجين، والجنرال سيرجي سوروفكين لصيق الصلة ببريغوجين، وفقا لوكالة فرانس برس.
في مقطع فيديو أفرجت عنه وزارة الدفاع في بيلاروسيا، يظهر مقاتلون من المفترض أنهم ينتمون لمجموعة فاغنر، يخفون وجوههم بالأقنعة، ويعملون في مساحة خضراء شاسعة، بعيدا عن القتال الحقيقي وساحات المعارك أو حتى طريق الزحف الشائكة إلى العاصمة الروسية.
هذه المرة يضطلع المقاتلون بمهمة تدريب "الزملاء الجدد" على إطلاق النار واستخدام معدات قتالية متباينة، فيما يُعتقد أنه الدور الجديد للمجموعة التي طالما أظهرت الولاء لروسيا، قبل أن يتواجها في محاولة الانقلاب قبل ثلاثة أسابيع.
صورة نشرتها وزارة الدفاع البيلاروسية لأحد مقاتلي فاجنر يدربون جنودا في جيشها
مقاتلو فاغنر تلقوا قائمة من الاختيارات المختلفة بعد أن تداعت خطة انقلاب قائدهم، في مقدمتها التخلي تماما عن الحياة العسكرية أو شبه العسكرية والعودة للمنزل، أو توقيع عقود رسمية للعمل داخل أنسجة الجيش الروسي، أو أخيرا، الانتقال إلى بيلاروسيا، لكن ظلت نتائج الاتفاق غير النمطي غامضة حتى إعلان وزارة الدفاع البيلاروسية التعاون مع ضيوفها الجدد.
وفقا للرؤية الأوكرانية، فحجم المقاتلين في صفوف فاغنر المتواجدين في بيلاروسيا محدودا، فعلى سبيل المثال، أشار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي عن طريق منشور على موقع تيلغرام أن المعلومات الاستخباراتية والإجراءات التي اتخذتها بيلاروسيا تؤكد أنه لا يوجد خطر غزو من جهتها.
نشرت وزاة الدفاع البيلاروسيا مقطع فيديو يظهر مقاتلي فاغنر يدربون الجيش البيلاروسي. (المصدر: وكالة رويترز)
بحسب صحيفة واشنطن بوست يقدّر مسؤول أوكراني أعداد مقاتلي فاغنر في بيلاروسيا بحوالي ٤٠٠ مقاتل، وهو المعدل المحدود للغاية، من وجهة نظره، كما أكد المسؤول الذي فضّل عدم الإفصاح عن هويته أنه لا يمكن فهم ما حدث بالفعل للمجموعة سوى بمضي بضعة أسابيع.
كان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، صرح يوليو الجاري أن قوات فاغنر لن تهاجم أوكرانيا عبر بلاده.
يعتقد مسؤول أوكراني أن عدد مقاتلي فاغنر في بيلاروسيا يصل ٤٠٠ شخص. (المصدر: وكالة رويترز)
لم تُعلن كذلك أي بيانات حول عدد مقاتلي فاغنر الذين قبلوا العرض الروسي بالانضمام للجيش، فيما قُدرت أعداد مقاتلي المجموعة قبل الحرب الروسية الأوكرانية بحوالي ٥ آلاف مقاتل، لكن زعيم المجموعة بريغوجين، كشف، إبان سعيه الزحف على موسكو، أن عدد مقاتليه يبلغ ٢٥ ألف مقاتل يسيرون أسفل لوائه، حسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية.
عبر تتبع بيانات طائرته الخاصة، يعتقد أن بريغوجين حل ضيفا لفترة على بيلاروسيا، إد رصد سفر طائرته إلى الجارة الحليفة لروسيا مرتين، إلا أنه على الأرجح قضى وقتا أطول في مسقط رأسه؛ سان بطرسبرغ، فوفقا لواشنطن بوست، كان على زعيم الميليشيا أن يعيد ترتيب أوراقه هناك أولا، قبل الارتحال بغير رجعة.
بريغوجين رفض العودة للقتال تحت قيادة جديد. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
"الزعيم" لديه بضعة ممتلكات خاصة كانت قد تحفظت السلطات الروسية عليها ما بين أسلحة وأموال يعتقد أنها تصل حوالي ١١٠ مليون دولار أميركي، ويعتقد أيضا أن زعيم فاغنر مرّ بموسكو العاصمة ذاتها، الأمر الذي تؤكده تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين الذي ذكر لصحيفة Kommersant أنه التقى ببريغوجين و٣٥ من قادة فاغنر في الكرملين بعد ٥ أيام فقط من فشل محاولة الزحف، متحدثا عن الوضع القانوني للمجموعة القتالية "هذه قضية منفصلة تتعلق بالتشريع الفعلي، لكن هذا سؤال يجب مناقشته في مجلس الدوما وفي الحكومة، إنه ليس بالسؤال السهل".
في هذا اللقاء دعا الرئيس ضيوفه إلي العودة للقتال لصالح روسيا، ولكن بعد توقيع عقود مع القوات المسلحة، وتحت لواء قائد جديد، إلا أن الفكرة لم ترق لبريغوجين ورفضها، بحسب تقارير غربية.
في وثائق عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تلاحق الرئيس بوتين ودائرته السياسية والعسكرية، يظهر اسم قائد فاغنر الجديد، أندريه تروشيف.. الاسم الذي اقترحه بوتين لقيادة بقايا المجموعة.
في تلك المستندات الرسمية، يعرف تروشيف، باسم المدير التنفيذي لفاغنر إذ أنه يعتبر من قيادات المجموعة الأكبر سنا، وأحد أعضائها المؤسسين، كما أن الرئيس بوتين وصفه في تصريحاته الصحفية كقائد فاغنر الحقيقي، وفقا لوكالة رويترز.
تروشيف ساند مجموعة فاغنر في دير الزور السورية. (المصدر: وكالة رويترز)
يعرف تروشيف باسم آخر أيضا، Sedoi والتي تعني بالروسية ذو الشعر الرمادي، فوفقا للمصادر الروسية ولد المقاتل في مدينة سان بطرسبرغ، مثل بريغوجين، في العام ١٩٦٢، بيد أن المصادر الأوروبية ترجح أنه ولد في العام ١٩٥٣، أي أن عمره قد يصل حوالي ٧٠ عاما.
يعتقد أن تروشيف شارك مع بلاده كرجل عسكري مناسبات عدة بداية من الحرب السوفيتية في أفغانستان، كما خدم في شمال القوقاز بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ثم خدم كقائد وحدة SOBR وهي قوات خاصة للتدخل السريع تتبع وزارة الداخلية الروسية.
على مدار سجله العسكري، حصل تروشيف على وسام النجمة الحمراء مرتين، كما يعتقد أنه شارك في القتال على الأراضي السورية، ضالعا في أنشطة مجموعة فاغنر هناك، بالتحديد في منطقة دير الزور، وقد حصل على وسام بطل الاتحاد الروسي نتيجة لخدماته هناك.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة