كلاب مسعورة تنهش "الجثث والأحياء" في السودان

لم تكتف الكلاب الضالة بأكل لحوم الموتى الذين سقطوا جراء المعارك، لكن بدأت تصطاد الأحياء منهم، فكاد مهاب علي، شاب سوداني في العقد الثالث، أن يكون من ضحايا هذه الكلاب في مدينة أم درمان، قبل أن يفلت منها بأعجوبة.

بينما كان مهاب يسير في الطريق بالقرب من منزله في ضاحية ود نوباوي بمدينة أم درمان، تفاجأ بكلب يتتبعه من الخلف ببطء، ومن دون أن يصدر أي صوت، "على النحو الذي تنتهجه الحيوانات المفترسة في اصطياد فريستها"، وفق ما رواه لبلينكس.

"عندما شعر به، كانت المسافة بيننا في حدود الـ4 أمتار، لحظتها أظهر الكلب أنيابه، وهاجمني بقوة وحركة مسرعة"، ويضيف مهاب أنه لم يكن أمامه سوى سياج من الأشجار المنزلية فاحتمى به، ورمى الكلب المفترس بالحجارة وذرات الرمل، فشكلت له طوق نجاة.

"كنا نلاعب الكلاب فهي صديقة للإنسان، وفي العادة يكون هجومها على الأشخاص للدفاع عن نفسها، لكن بعد الحرب صارت تترصد البشر بغرض أكل لحومهم"، وفق قوله.

غادر السكان في رحلات فرار شبه جماعية من مناطق جنوب الخرطوم، وتركوا الكلاب التي قاموا بتربيتها خلفهم، فحاصرها الجوع والعطش، فانتشرت بكثافة في الأحياء السكنية، حسب عبد الباقي سليمان الذي تحدث لبلينكس.

يشرح سليمان: "بعض هذه الكلاب ذهبت إلى منطقة الشجرة العسكرية عندما كانت تشهد أعمالا قتالية، وظلت تتغذى على لحوم الموتى لأشهر، وبعد توقف الاشتباكات عادت إلى جنوب الخرطوم وهي مفترسة تترصد البشر بغرض الأكل في ظل انعدام الطعام".

الكلاب التي ظلّت داخل المنازل التي هجرها أصحابها، صارت هزيلة يحاصرها الجوع والعطش في ظل انقطاع التيار المائي بالمنطقة لأكثر من 7 أشهر متواصلة، ولم تجد غير القطط لسد رمقها، وهي في طريقها للتحول إلى مفترسة، وفق سليمان.

يخشى سكان العاصمة السودانية من تفشي داء الكلب في ظل غياب الحملات الوقائية في كثير من المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، والتي تواجه كذلك تدهور في الخدمات الصحية نتيجة دمار لحق بالمستشفيات.

وذكرت غرفة طوارئ محلية في أم درمان أن "الكلاب السعرانة أصبحت تشكل تهديدا خطيرا على سلامة المواطنين، لأن عضتها تسبب إصابات خطيرة وانتقال إلى الأمراض المعدية مثل داء السعار".

وحثت غرفة الطوارئ وهي جمعية طوعية شبابية، المواطنين على تجنب التقارب من الكلاب الضالة والابتعاد عنها بأمان، والإبلاغ الفوري في حالة مشاهدة أو مواجهة أي كلب يظهر سلوكا غير طبيعي، ويستوجب تلقي اللقاحات الوقائية اللازمة للحماية.

بدوره، يكشف مسؤول الطوارئ والأمراض الوبائية في وزارة الصحة السودانية، د. محمد إبراهيم، في حديثه لبلينكس أنهم سيشرعون قريبا في تنفيذ خطة للتخلص من الكلاب الضالة والقطط، وكل ما يضر بالمواطنين في الخرطوم.

وجُمِعَت جثامين الموتى وبقايا الحرب في مدينة أم درمان كمقدمة للتصدي لانتشار الكلاب الضالة العقورة، في حملة واسعة ستنطلق خلال أيام بمشاركة أجهزة عدة في الدولة، وفق المسؤول السوداني.

وأكد إبراهيم توفّر الأمصال في المستشفيات كافة التي لا تزال تعمل في العاصمة الخرطوم.