"جاسوس الضاحية".. ما لا تعرفه عن جوشوا تارتاكوفسكي

قبضت السلطات اللبنانية على تارتاكوفسكي في ضاحية بيروت، بعد الشكوك في سلوكه وأماكن تواجده داخل البلاد، بعد أن دخل لبنان على أنه صحافي جاء لتغطية أحداث الحرب.

نشرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل تقريرا عن جوشوا وأكدت أن الحكومة الإسرائيلية على علم بالقبض عليه في لبنان، وتحرك مسؤولون من أجل التعامل مع الموقف.

مسؤول إسرائيلي قال عن واقعة القبض على جوشوا: "ليست المرة الأولى التي يتعرض خلالها إسرائيلي للاعتقال في بلاد (معادية)، رغم أن هذا محظور بموجب القانون".

مصادر أمنية لبنانية كشفت لبلينكس أن جوشوا تارتاكوفسكي خضع للتحقيق بعد تفتيش هاتفه لدى مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني وذلك عقب دخوله لبنان بصفة صحافي، ومعرفة ما إذا كانت لديه شبكة يتعامل معها في لبنان.

المصادر أكدت أن مديرية المخابرات وسعت نطاق عملياتها لتوقيف أشخاص آخرين يشتبه بتورطهم بالتجسس، مشيرة إلى توقيف لبنانيين بسبب شبهات أمنية مرتبطة بتصوير مواقع داخل الضاحية الجنوبية لبيروت.

ليس تارتاكوفسكي وحده تحت أنظار السلطات اللبنانية، فوسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن صحيفة "بيلد" الألمانية قولها إن العديد من صحافييها اعتقلوا في بيروت واقتيدوا للاستجواب في اليوم التالي لاغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.

الاسم الأولي الذي أعلن لجاسوس الضاحية كان "يهوشع" أو "يهوشوا" وهو نفس الاسم الذي نشرته القناة 12 الإسرائيلية مع إعلان القبض عليه داخل الأراضي اللبنانية.

لكن مع البحث عن اسم "يهوشوا" ظلت صفحة المعلومات بيضاء، فلا نتائج يمكن التوصل إليها لمعرفة من هو ذلك الشخص الذي يتخابر مع إسرائيل من قلب بيروت.

انتشرت معلومة أخرى يمكنها أن تكون طرف الخيط الذي يؤدي إلى التعريف بتارتاكوفسكي، وهي أنه تخرج من جامعة براون في أميركا، وهنا وُجد اسم آخر له وهو "جوشوا" لتبدأ رحلة حصاد المعلومات، وتزداد معها الألغاز.

بالبحث المكثف اتضح أن جوشوا أو يهوشع أو يهوشوا يعمل كاتبا صحافيا في موقع "The Brown Daily Herald" وهو موقع غير ربحي مخصص لطلاب جامعة براون.

في أحد مقالته، عرف تارتاكوفسكي نفسه بأنه أحد عناصر "جيش الاحتلال الإسرائيلي"، وهو توصيف لا يستخدمه أي إسرائيلي على الجيش في بلاده، حيث أن المسمى الرسمي هناك هو "جيش الدفاع الإسرائيلي"، حسب تعبيرهم.

الأكثر إثارة هو أنه كتب "الضفة الغربية المحتلة" وهو يعرف عن نفسه كصحافي إسرائيلي أميركي.

باسم جوشوا تارتاكوفسكي وصورته، توجد 7 حسابات على تطبيق فيسبوك. في إحداها ظهر جوشوا أمام مسجد قبة الصخرة، وفي منشور آخر نشر جوشوا آيات قرآنية. أما في منشور آخر فشعار جماعة أوتزما يهوديت كان حاضرا، وهي جماعة يهودية متطرفة يقودها إيتمار بن غفير منذ 2019.

لم تقف ألغاز تارتاكوفسكي عند هذا الحد، بخلاف المنشورات الإسلامية واليهودية، نشر على حسابه عبر فيسبوك صورة للسيدة مريم العذراء.

نشرت بعض المقالات باسمه في مؤسسة تعنى بشؤون اليهود، تدعى "فيجين ماغازيين"، وتحدث خلالها عن كونه إسرائيلي يزور مدينة إسطنبول التركية وكواليس ما حدث في رحلته.

كما نشر تارتاكوفسكي مقالات أخرى في الموقع الأميركي غير الربحي تروث أوت.

بحسب صحيفة يديعوت أحرنوت، فإن تارتاكوفسكي ولد في الولايات المتحدة وأكمل دراسته هناك، ويعمل كصحافي في صحيفة Zo Daregh. صديق آخر له قال إنه "كتب مقالات ضد تجنيد الحريديم (اليهود المتدينين) وضد الاستيطان، لكنه فجأة كتب لصالح تجنيد الحريديم".

رحلة الألغاز استمرت عن تارتاكوفسكي، فكلما توسع البحث عنه زادت الأشياء الغريبة والمتناقضة التي يمكن أن تظهر في شخص واحد.

بعد خضوعه للتحقيقات، قررت السلطات اللبنانية ترحيل تارتاكوفسكي خارج البلاد، وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن الولايات المتحدة الأميركية مارست ضغوطا من أجل الإفراج عنه.

وافقت السلطات اللبنانية على ترحيله الأربعاء 9 أكتوبر، بعد جمع الكثير من المعلومات عنه.

نشرت يديعوت أحرونوت أن الليلة التي قضاها تارتاكوفسكي في الاحتجاز شهدت اتصالات دبلوماسية مكثفة من مسؤولين إسرائيليين وأميركيين من أجل إطلاق سراحه. ولم تعلن السلطات اللبنانية وجود معلومات سرية أو خطيرة نقلها تارتاكوفسكي بعد تفتيش هاتفه ومقتنياته، لتوافق في النهاية على ترحيله.