معاناة النازحين السوريين داخل لبنان.. الأزمة مزدوجة

تتولى مفوضيّة شؤون اللاجئين الـ"UNHCR" شؤون مساعدة السوريين في لبنان، سواء الذين يعيشون داخل مخيمات النزوح الخاصة بهم والتي تم تأسيسها قبل سنوات، أو الذين كانوا يقطنون في مناطق توتر وشهدت قصفا إسرائيليا كالضاحية الجنوبية لبيروت.

تقول دلال حرب، وهي ناطقة باسم الـ"UNHCR"، لبلينكس إن مساعدة النازحين اللبنانيين والسوريين مستمرة ولم تتوقف.

حرب أشارت إلى أن المفوضية تقوم بتوزيع مساعدات نقدية إلى جانب حصص غذائية ومستلزمات النظافة، ووسائل خاصة بالنوم من بطانيات وغيرها على لاجئين لبنانيين وسوريين وآخرين من جنسيات أخرى مختلفة.

من ناحيته، يقول مصدر إداري في وحدة إدارة الكوارث في لبنان لبلينكس إن الجهات الحكومية في لبنان مسؤولة عن المواطنين اللبنانيين من تأمين مساعدات ومراكز إيواء وغيره، مشيرة إلى أن شؤون النازحين السوريين بشكل أساسي هي من مسؤولية مفوضية اللاجئين في لبنان الـ"UNHCR"، في حين أن النازحين من الفلسطينيين تتولى شؤونهم منظمة "الأونروا".

وذكر المصدر أن هناك الكثير من النازحين السوريين الذين يقطنون على الطرقات يرفضون تسجيل أسمائهم لدى البلديات، خصوصا أن عددا كبيرا منهم قد يكون من دون أي قيود أو أوراق ثبوتية ما يعرضهم للملاحقة، وأضاف "أما في ما خص النازحين الذين كانوا ضمن مخيماتهم الخاصة، فمن المفترض عليهم التوجه إلى مراكز الـUNHCR المسؤولة عنهم لمتابعة شؤونهم".

أرقام حصلت عليها بلينكس من الـ"UNHCR" تكشف أن هناك حاليا 1067 ملجأ جماعيا تم تخصيصهم من قبل الحكومة اللبنانية ويستضيف أكثر من 190698 نازحا داخليا، فيما وصل 885 ملجأ بالفعل إلى حدود الطاقة القصوى.

كذلك، تقول تقديرات المفوضية إن ما لا يقل عن 340 ألف نازح سوري، كانوا يقيمون في المناطق الأكثر تضررا من الأعمال العدائية.

وفقا للأرقام، فقد وزعت الـ"UNHCR" أكثر من 149865 مادة من مراتب وبطانيات وأدوات مطبخ ومصابيح شمسية على 83590 شخصا (معظمهم لبنانيون) منذ 23 سبتمبر الماضي.

كذلك، ومنذ أكتوبر 2023، تم توزيع أكثر من 295580 من مواد الإغاثة الأساسية على 138645 نازحا من السوريين واللبنانيين وآخرين.

أيضا، تلقى أكثر من 268,650 فردا لبنانيا ولاجئا مساعدات نقدية من المفوضية منذ 23 سبتمبر، (النقد مقابل المأوى، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والمساعدات النقدية الطارئة).

أمام كل ذلك، فإن هناك أيضا مبادرات فردية يقوم بها لبنانيون لدعم السوريين في لبنان، سواء أولئك الذين يقطنون على الطرقات أو ضمن منازل.

الناشطة منى حركة تقول لبلينكس إنها تعمل مع متطوعين آخرين على دعم النازحين السوريين واللبنانيين في أي منطقة، وذلك من خلال تلبية احتياجاتهم، مشيرة إلى أن الحديث عن تفرقة وغيره "غير صحيح".

من ناحيتها، قالت الناشطة رنا غنوي إن هناك جهات إنسانية عديدة تدعم السوريين وتمنحهم الأطعمة وغيرها ولا تفرقة بين أي أحد، مشيرة إلى أن هذا الأمر يسري في مختلف مناطق النزوح، وتحديدا عبر جمعيات حقوقية عديدة.

مقابل ذلك، يتحدث سوريون لبلينكس عن ممارسات عنصرية طالتهم من قبل أشخاص امتنعوا عن تقديم أطعمة لهم بذريعة أنهم ليسوا لبنانيين، على حد تعبيرهم.

على كورنيش عين المريسة في العاصمة بيروت، يمكث السوري "أبو حمد" مع طفليه وزوجته، ويروي لبلينكس تفاصيل المعاناة التي واجهها بصفته سوريا وليس لبنانيا، ويقول "للأسف الشديد، كانت هناك تفرقة شديدة. لقد واجهنا الكثير من الإهانات لأننا سوريون، ويقولون لنا إنه علينا العودة إلى بلادنا.. لو كنت أستطيع ذلك ما ترددت لحظة".

ما حصل هو أن "أبو حمد" بات في العراء، ويكشف أنّ هناك أشخاصا كانوا يوزعون بطانيات على النازحين في عين المريسة لكنهم رفضوا إعطاءه لأنه من السوريين، ويضيف "حينما علموا بجنسيتي أعرضوا عن منحي البطانيات لي ولأطفالي.. أين الإنسانية من ذلك؟ أيعقل أن ينام الأطفال على الكرتون؟".

ما قاله "أبو حمد" يتقاطع مع ما رواه مُضر حميدوش الذي ينام على قارعة الطريق مع إبنته وزوجته في عين المريسة، مشيرا إلى أنه حاول إيجاد شقة لكي يمكث فيها مع عائلته لكن الأسعار كانت باهظة، ويقول "لقد عُرضت عليّ غرفة واحدة بـ400 دولار ووضعها لا يرقى أبدا للسكن.. أيضا، حينما يعلمون أنني من سوريا يمتنعون تماما عن تلبيتنا".

يقول حميدوش إنه صادف أشخاصا يبادرون إلى توزيع الطعام، وحينما اقترب منهم سألهم عما إذا كان باستطاعته الحصول على وجبات، ويتابع "عندها، تم سؤالي ما إذا كنت لبنانيا أو سوريا، وحينما أبلغتهم بجنسيتي، تبدل الأمر بالنسبة للموزعين ورفضوا منحي الطعام.. المفارقة أنهم حينما تقدموا قليلا نحو الأمام، وجدت الأشخاص أنفسهم يوزعون طعاما لآخرين في خيم أخرى بشكل علني وواضح".