تصعد أم تنحسر.. هل ترد إيران على الرد الإسرائيلي؟

بعد الطلب الأميركي، تجنبت إسرائيل استهداف المنشآت النفطية والنووية في إيران، وفي موجات ثلاث، ركزت على قواعد صواريخ وطائرات مسيرة ومواقع إنتاج، بحسب ما ذكر مسؤولون أميركيون وإسرائيليون لأكسيوس، مشيرين إلى أن تل أبيب أرسلت رسائل عبر وسطاء إلى طهران قبل ساعات من هجومها تطلب منها عدم الرد.

في السياق ذاته، قال مسؤول إسرائيلي لصحيفة وول ستريت جورنال، إن الضربة كانت محسوبة الأهداف، لإرسال "رسالة قوية للغاية مفادها بأننا نستطيع ضرب أي مكان في إيران".

وأشار المسؤول العسكري الكبير: "لقد تم تصميم الهجوم لإرسال رسالة قوية، مع تجنب التصعيد في الأمد القريب".

وفي الوقت نفسه، فإن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، خرج عقب الهجوم ليحذر إيران من أي تصعيد جديد، ويحدد ما تم استهدافه كالآتي:

• منشآت تصنيع الصواريخ التي استخدمتها إيران في هجماتها على إسرائيل.
• مصفوفات الصواريخ أرض-جو الإيرانية.
• القدرات الجوية لدى طهران التي كانت تهدف إلى تقييد حرية إسرائيل في العمل الجوي في إيران.

وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة يديعوت أحرونوت إن بلاده استهدفت غالبية قدرات إيران على إنتاج صواريخ سطح-سطح، مضيفا أن الهجوم كان يهدف لمنع إنتاج المزيد من الصواريخ.

رغم ذلك، فإن هذه العملية تختلف عن سابقاتها في أمرين:

• أول عملية تعترف إسرائيل بتنفيذها داخل الأراضي الإيرانية بعد صمت استراتيجي طويل عن عمليات اغتيالات وتخريب فيها.
• واحدة من هجمات قليلة تشهدها إيران داخل أراضيها منذ الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن العشرين.

في هذا السياق، تشير إيلي جيرانمايه، خبيرة إيران في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لصحيفة نيويورك تايمز، إلى أن سنوات "حرب الظل" بين إسرائيل وإيران خرجت إلى العلن لتكون صراعا مفتوحا، رغم أنه مدار، وتابعت "يمكن لطهران أن تتحمل هذه الضربات ضد المنشآت العسكرية، دون أن ترد بطريقة تدعو لمزيد من الإجراءات الإسرائيلية".

قبل ساعات من الهجوم الإسرائيلي، قال مسؤولون إيرانيون لصحيفة نيويورك تايمز، إن المرشد الإيراني، علي خامنئي، أمر الجيش بوضع خطط عسكرية متعددة، للرد على الهجوم الإسرائيلي المرتقب حينها، مشيرين إلى أن نطاق أي رد إيراني سيعتمد إلى حد كبير على شدة الهجمات الإسرائيلية.

وأضاف المسؤولون الـ4، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، أنه إذا ألحقت الضربة الإسرائيلية أضرارا واسعة وإصابات مرتفعة، فإن إيران سترد، لكنها إذا اقتصرت على عدد قليل من القواعد العسكرية والمخازن التي تخزن الصواريخ والطائرات المسيّرة، فقد لا تفعل طهران شيئا، لكن ردها سيكون مؤكدا حال استهدفت تل أبيب البنية التحتية النفطية والطاقة أو المنشآت النووية، أو إذا اغتالت مسؤولين كبارا، حسب تعليمات خامنئي.

وبالفعل، لم تهاجم إسرائيل المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية، لكن حال ردت إيران فإنها قد تستهدفها، بحسب ما قال مسؤولون إسرائيليون في تصريحات سابقة لأكسيوس.

رغم ذلك، فإن "حاجز الخوف" الإسرائيلي من الهجوم داخل إيران قد انكسر، وستوضح شدة وفتك رد إيران ما إذا كان حاجز الخوف الخاص بطهران من الحرب الشاملة مع إسرائيل سينكسر أيضا، بحسب ما يشير الباحث الإسرائيلي داني سيترينوفيتش في مقاله على المجلس الأطلسي.

وفي هذا الإطار، يشير الباحث في الشؤون الإيرانية أحمد فاروق، إلى أن هذا الهجوم لا يعد نهاية المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب، وإنما هو بدء نزاع أكثر مباشرة بتبعات أخطر.

ويقول فاروق، في تصريحات لبلينكس، إن الاشتباك المباشر بين الطرفين دخل مرحلة جديدة، ومن المستبعد أن يتوقف عند النقطة نفسها، ما لم تتبعه تحركات دبلوماسية واسعة النطاق، بإرادة من كل الأطراف في وقف دوامة الرد والرد على الرد.

لكن ثمة أملا، فالسردية الإيرانية تشير إلى احتمالية العمل على كبح جماح التصعيد، تمهيدا لانحسار التوتر الثنائي، فضلا عن الحرب في المنطقة.

تملك إيران القوات الآتية وفق "رويترز"، نقلا عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن:

• تضم القوات الجوية الإيرانية 37 ألف فرد.
• سرب من 9 طائرات مقاتلة من طرازي "إف-4" و"إف-5".
• سرب آخر من طائرات "سوخوي-24"، روسية الصنع.
• عدد من طائرات "ميغ-29" و"إف-7" و"إف-14".
• أكثر من 3500 صاروخ سطح-سطح، بعضها يحمل رؤوسا حربية تزن نصف طن.
• عدة آلاف من الطائرات المسيرة.

وقال قائد القوات الجوية الإيرانية في أبريل، إن طائرات "سوخوي-24" على "أهبة الاستعداد" لمواجهة أي هجوم إسرائيلي محتمل.

لكن اعتماد إيران على طائرات "سوخوي-24"، التي طُوِّرت لأول مرة في الستينيات، يظهر الضعف النسبي لقواتها الجوية.

وفي مجال الدفاع، تعتمد إيران على مزيج من صواريخ سطح-جو وأنظمة دفاع جوي روسية ومحلية الصنع.

وتلقّت طهران شحنات من منظومة "إس-300" المضادة للطائرات، من روسيا في عام 2016، وهي أنظمة صواريخ سطح-جو بعيدة المدى، قادرة على التعامل مع أهداف متعددة في آن واحد، بما في ذلك الطائرات والصواريخ الباليستية.

وطوّرت إيران أيضا منصة صواريخ سطح-جو من طراز "باور-373"، بالإضافة إلى منظومتَي الدفاع "صياد" و"رعد".

على الجانب الآخر، فإن إسرائيل تملك القدرات الآتية:

• مئات من المقاتلات متعددة الأغراض من طرازات "إف-15" و"إف-16" و"إف-35".
• مسيرات من طراز "هيرون"، قادرة على التحليق لأكثر من 30 ساعة.

ويفتقر سلاح الجو الإسرائيلي إلى قاذفات بعيدة المدى، لكن جرى تعديل أسطول أصغر من طائرات "بوينغ 707"، بحيث يمكن استخدامه كناقلات للتزود بالوقود، لتمكين المقاتلات من الوصول إلى إيران في طلعات جوية دقيقة.

ويقدر مدى الصاروخ "دليلة" بنحو 250 كيلومترا، وهو أقل بكثير من مسافة الوصول إلى منطقة الخليج، إلا أن القوات الجوية يمكن أن تعوّض الفارق عن طريق نقل أحد الصواريخ بالقرب من الحدود الإيرانية.

والنظام القادر على الوصول لأعلى ارتفاع هو "آرو-3"، ويستطيع اعتراض الصواريخ الباليستية في الفضاء.

ويعمل الطراز السابق له، وهو "آرو-2"، على ارتفاعات أقل. ويتصدى نظام "مقلاع داود"، متوسط المدى، للصواريخ الباليستية وصواريخ "كروز"، في حين يتعامل نظام القبة الحديدية قصير المدى مع الصواريخ وقذائف "المورتر" التي تطلقها الجماعات المتحالفة مع إيران في غزة ولبنان. لكن يمكن أيضا، من الناحية النظرية، استخدامه ضد أي صواريخ أقوى أفلتت من منظومتَي "آرو" أو "مقلاع داود".

وصُممت الأنظمة الإسرائيلية بحيث يمكن دمجها في الأنظمة الاعتراضية الأميركية في المنطقة من أجل دفاعات التحالف.