"خطوتان للوراء".. هل تعجل "تنازلات حماس" بهدنة غزة؟

مثّل استمرار القوات الإسرائيلية في بعض المواقع داخل قطاع غزة، بعد توقف القتال وربما إنهاء الحرب تماما، حجر عثرة في المفاوضات خلال الأشهر السابقة، بعد تمسك كل طرف بموقفه.

أعلنت حركة حماس في أكثر من مناسبة، رفضها التام للدخول في أي مفاوضات لا تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة. ومن جانبه قال نتنياهو إن قواته لن تغادر محور فيلادلفيا على وجه الخصوص.

وأصرت إسرائيل كذلك على السيطرة العسكرية على محور نتساريم في وسط قطاع غزة، رغم رفض حماس التام لهذا الشرط الذي دمّر كل مساعي التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار على مدار الأشهر الماضية، وفقا لـ"أسوشيتد برس".

وأثار تمسك نتنياهو بالبقاء العسكري في محوري فيلادلفيا ونتساريم انتقادات واسعة داخل إسرائيل، بسبب إخفاق المفاوضات كل مرة بسبب هذا الشرط، فقد قال الوزير السابق في حكومة الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إن هدف المفاوضات يجب أن يكون الرهائن وليس فيلادلفيا.

وقال غانتس، رئيس حزب الوحدة الوطنية في إسرائيل، إن نتنياهو عليه أن يسحب القوات العسكرية من منطقة محور فيلادلفيا، إذا كان ذلك سيساعد على تحرير الرهائن لدى حماس، وفقا لتصريحات نشرتها "تايمز أوف إسرائيل".

وألمح غانتس إلى إمكانية حدوث "مراوغة"، إذ قال إن إسرائيل يمكنها أن تنسحب من المحور الحدودي بين غزة ومصر، لإتمام الاتفاق مع حماس واستعادة الرهائن، ثم تعود إليه إذا رأت الضرورة لذلك في أي وقت لاحق.

لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" قالت إن هذا الشرط لم يعد عائقا بعد الآن، ليس بسبب تراجع نتنياهو عنه، وإنما لموافقة حماس عليه، وفقا لوسطاء تحدثوا للصحيفة الأميركية، لم تذكر أسماءهم.

وأبلغت حماس وفقا للتقرير الأميركي، الوسطاء بأنها وافقت على البقاء الإسرائيلي في غزة ولكن بصورة مؤقتة، عقب توقف القتال وإعمال الهدنة.

وعلى الرغم من ذلك، لم يُعلق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الخطوة التي اتخذتها حماس، مع تأكيد المصادر التي تحدثت للصحيفة الأميركية على أن حماس باتت أكثر مرونة، ولديها رغبة في التوصل إلى اتفاق.

قدمت حماس تنازلا آخر، إذ كانت ترفض من قبل حصر أعداد الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة، تمهيدا لتسليمهم إلى إسرائيل، لكنها قدمت بالفعل وفقا للصحيفة الأميركية قائمة بأسماء الرهائن لديها.

وشملت القائمة التي سلمتها حماس مواطنين أميركيين تعتزم الإفراج عنهم بموجب الاتفاق الذي ينتظر ردا إسرائيليا تمهيدا لتنفيذه في أقرب وقت، وهو الأمر الذي لم تكن حماس توافق عليه على مدار الأشهر الماضية.

ويشمل الاتفاق الذي بدأ بمقترح مصري على غرار هدنة لبنان، بدعم أميركي، وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، والإفراج عن 30 أسيرا محتجزا في قطاع غزة، بما فيهم مواطنون أميركيون.

ومن جهة إسرائيل، ستطلق سراح سجناء فلسطينيين لديها، مع السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بتدفق كبير، طوال مدة وقف إطلاق النار.

وشهدت الأيام الماضية زيارة وفد مصري إلى إسرائيل لعرض المقترح الجديد، ثم الرد بزيارة إسرائيلية إلى القاهرة، عقب أيام من وصول مسؤولين من حماس إلى العاصمة المصرية.

ويخوض مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان جولة تشمل مصر وقطر وإسرائيل، من أجل إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار ودعمه، وفقا للوسطاء.

وقال وسطاء ومسؤولون لصحيفة "نيويورك تايمز" إن محادثات وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة تكتسب زخما غير مسبوق خلال الأيام الجارية، بعد ضغوط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على الطرفين.

في السياق نفسه، سار الإعلام الإسرائيلي، إذ أكد تقدم المفاوضات بين إسرائيل وحماس، من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والسجناء بين الطرفين.

وأكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، توجه رئيس الموساد دافيد برنياع، إلى العاصمة القطرية الدوحة، الأربعاء 11 ديسمبر، من أجل مناقشة تفاصيل الاتفاق.

وأشارت الصحيفة إلى أن حماس تنازلت عن أبرز شروطها التي عاقت الاتفاق خلال الفترة الماضية، وهو رفض الوجود الإسرائيلي عسكريا داخل غزة بعد وقف إطلاق النار.

ونشرت الصحيفة ذاتها تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي الشهر الماضي، يسرائيل كاتس، قال خلالها لنظيره الأميركي لويد أوستن، إن هناك فرصة لإبرام صفقة مع حماس تتيح عودة الرهائن.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن إسرائيل اشترطت أن يسمح اتفاق وقف إطلاق النار لها بما وصفته "حرية العمل" عند الضرورة داخل قطاع غزة، وأرجعت ذلك إلى عدم ترك الفرصة لحماس من أجل إعادة تنظيم صفوفها.

ومن جانبه قال رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، في تصريحات نشرها موقع "والا" الإسرائيلي، الخميس، إن قواته ستواصل العمل العسكري داخل قطاع غزة حتى تحرير الرهائن، ولمنع حماس من العودة إلى حكم القطاع مستقبلا.

وذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل" أن نتنياهو التقى جيك سوليفان بالفعل، الخميس، في إطار مساعي التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، وأشار التقرير إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي التقى كذلك كبار الوزراء والمسؤولين في إسرائيل.