تقرير جديد للكونغرس يرصد تطوير الصين لقدراتها في وقت تتبقى فيه أسابيع قليلة على دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض وقد أعد عدته بتعيين مجموعة من الصقور المناوئين لبكين.
التقرير يتحدث عن وصول عدد رؤوس بكين النووية إلى أكثر من ٦٠٠ وقد تصل إلى أكثر من ألف بحلول العام ٢٠٣٠، فيما تطور فيه قدراتها لردع أي طرف ثالث في حال اندلاع مواجهة في المحيط الهندي والهادي مع تنبؤ انطلق من بعض الباحثين أن الصين ستكون جاهزة لمواجهة الولايات المتحدة عسكريا بحلول ٢٠٢٧.
بعد التقرير بأيام قليلة، اتخذت الولايات المتحدة خطوة ترى فيها بكين تجاوزا للخطوط الحمراء إذ قدمت واشنطن دعما دفاعيا لتايوان، التي تراها الصين جزء لا يتجزأ منها، بقيمة 571.3 مليون دولار، وهو ما اعتبره التنين انتهاكا لـ"مبدأ الصين الواحدة".
التقرير انتقدته الصين إذ رأت أنه يعكس عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية داعية إلى تقييم نواياها بصورة عقلانية. وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان "هذه الخطوة تنتهك بشكل خطير سيادة الصين ومصالحها الأمنية"، مضيفة أن بكين "تعارض بشدة هذا الإجراء"، ونددت الخارجية الصينية بـ"انتهاك مبدأ الصين الواحدة".
على مستوى الفضاء: أجرت الصين 67 عملية إطلاق فضائية لوضع أكثر من 200 قمر صناعي في المدار في عام 2023.
على مستوى القدرات النووية: تجاوزت بكين امتلاك 600 رأس نووي عامل في مخزونها بحلول عام 2024، ويتوقع أن تتخطى ألف رأس نووية بحلول ٢٠٣٠، وستعمل على زيادة قوتها حتى عام 2035.
بصورة عامة يعمل الجيش الصيني "التحرير الشعبي" بشكل مكثف على تطوير القدرات لتوفير خيارات لردع أو هزيمة التدخل الخارجي لأي طرف ثالث في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إذا أمر بذلك.
يواصل جيش التحرير الشعبي تطوير القدرات اللازمة لإجراء عمليات عسكرية في عمق منطقة المحيطين الهندي والهادئ وعلى مستوى العالم.
تعهد جيش التحرير الشعبي بإجراء إصلاحات هيكلية مهمة وطرح عقيدة عسكرية جديدة لتعزيز العمليات المشتركة ويختبر القدرات المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وخارجها.
موجة التحقيقات المتعلقة بالفساد وإقالة القادة الكبار في الجيش الصيني ربما عطلت التقدم الشعبي نحو تحقيق أهدافه المعلنة للتحديث بحلول عام 2027.
الصين من جانبها ردت على التقرير عبر سفارتها في واشنطن، منتقدة إياه، مشيرة على لسان المتحدث ليو بينغيو في بيان إلى مثل هذه التقارير مليئة بأفكار الحرب الباردة وعقلية اللعبة الصفرية، وأن على واشنطن تقييم النوايا الاستراتيجية لبكين بصورة عقلانية، بحسب واشنطن بوست.
في جلسة استماع في لجنة مجلس النواب الأميركي المعنية بالصين، كان ورشة لمحاكاة سيناريو الحرب باستضافة سيث جونز، رئيس قسم الدفاع والأمن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.
في مبنى الكابيتول، وقف جونز يشرح للمشرعين ما تفعله الصين في الفترة الحالية ليفاجئهم أن القاعدة الصناعية الدفاعية الصينية تقوم على أساس الاستعداد لزمن الحرب، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن بكين ستكون بوضع يسمح لها بمواجهة الولايات المتحدة عسكريا بحلول عام 2027 رغم أن الحرب ليست وشيكة بالضرورة بحسب ما نقلت ساوث تشاينا مورنينغ بوست.
ولكي تستطيع واشنطن مجاراة بكين، فإن عليها أن يتخطى حجم إنفاقها الدفاعي إلى ٣٪ من ناتجها القومي.
لكن حتى هذه النسبة بالنسبة لجونز غير كافية، إذ يرى، مثل صقور الولايات المتحدة، أن واشنطن يجب أن تتبنى موقف "الحرب الباردة" ضد الصين، بل ويرى أن النسبة ٣٪ أيضا ستكون غير كافية في حديثه للصحيفة التي تصدر في هونغ كونغ، إذ يرى أن الولايات المتحدة لم تعد في "بيئة سلمية".
معدل الإنفاق الدفاع الأميركي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي بين عامي ١٩٥٣ و٢٠٢٤
وجهة نظر جونز، يبدو أنها كانت مقنعة لبعض المشرعين الذين حضروا الجلسة الجمهوري روب ويتمان، وهو أحد من دفعوا إدارة الرئيس جو بايدن إلى زيادة ميزانية الدفاع، ويرى أن واشنطن لن تضاهي تطوير الصين لصناعتها الدفاعية بحلول ٢٠٢٧ بالمستويات الحالية.
في حين يفضل الديمقراطي راجا كريشنامورثي التركيز على إعادة نشر الموارد التي تمتلكها الولايات المتحدة بالفعل، بدلاً من زيادة ميزانية الدفاع، والتي تصل إلى ٩٠٠ مليار دولار بحسبه.
والمتتبع لميزانية الدفاع الأميركية سيجد أنها قد وصلت إلى ما يقرب من ٦٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الحرب الباردة لكنها أقل من أدنى مستوياتها إذ تصل في ٢٠٢٤ إلى ٢.٧٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحسب الموقع الرسمي للبنتاغون.
في المقابل، فقد زادت الصين من ميزانيتها الدفاعية بنسبة ٧.٢٪ لتصل إلى ٢٣١.٣ مليار دولار، بحسب ما تشير صحيفة غلوبال تايمز الصينية الناطقة بالإنكليزية.
رشح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ٣ أشخاص في مناصب ترتبط بالأمن القومي الأميركي هم:
ماركو روبيو وزير الخارجية
مايك والتز مستشار الأمن القومي
جون راتكليف رئيس المخابرات المركزية الأميركية
ويعد الـ3 من الصقور فيما يتعلق بالتعامل الأميركي مع الصين، وعلى رأسهم روبيو الممنوع من السفر إليها نتيجة للعقوبات التي تفرضها الصين عليه.
رغم ذلك، فإن الأمر لا يبدو بهذا السوء بالنسبة لبكين، إذ يشير مثلا مايكل سوبوليك، الزميل الكبير في مجلس السياسة الخارجية الأميركي، إلى أن مرشح الخارجية ماركو روبيو في حديثه مع نيوزويك يعتبر "أحد أكثر المفكرين الاستراتيجيين توازنا في واشنطن فيما يتعلق بالصين"، مشيرا إلى نهجه الواضح في مواجهة الحزب الشيوعي الصيني.
وبالنسبة لوالتز، فهو، من وجهة نظر سوبوليك، ملتزم بمعالجة القضايا المتعلقة بالصين، واصفا إياه بأنه "أحد أكثر الأعضاء تركيزا" في مجلس النواب على قضايا الصين.
لكن، رغم ذلك، فالقلق الصيني لا يزال مستمرا، فيشير تشو فنغ، العميد التنفيذي لكلية الدراسات الدولية بجامعة نانجينغ في حديثه لصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، إلى أن هذه الإدارة قد "تخلق حالة من الفوضى" وتؤدي إلى "عدم استقرار أكبر" إذا استمرت في التعامل مع العلاقات الثنائية بطريقة "عاطفية" ومتهورة، بحسب وصفه.
بالمقابل، يظهر طريق للحوار مع الإدارة الأميركية، إذ إن ترامب استبعد وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، المعروفان بعداوتهما الشديدة للصين، ومطالبتهما بفرض تغييرات داخل الحزب الشيوعي الصيني، حسب ما تشير يون صن، مديرة برنامج الصين في مركز "ستيمسون" في واشنطن لصحيفة وول ستريت جورنال.
وتشير يون إلى أن ترامب كان قد اختار في ولايته الأولى أشخاصاً يُنظر إليهم كـ"تهديد للمصالح الأساسية للحزب الشيوعي وسيطرته على السلطة"، وهو ما كان سيقضي تماماً على أي مجال للحوار، من وجهة نظر الصين.