صراعات‎

أوروبا وتحالف الراغبين.. هل تنجح في حشد قوات لأوكرانيا؟

نشر
blinx
بينما تتواصل الحرب في أوكرانيا بلا هوادة منذ أكثر من عامين، بدأت العواصم الأوروبية في إعداد ما وصفته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بـ"خطط دقيقة للغاية" لنشر قوات عسكرية على الأراضي الأوكرانية بعد أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار. هذه الخطط، التي كشفت عنها فون دير لاين في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، تهدف إلى ضمان أمن أوكرانيا وتعزيز الردع ضد أي تهديد روسي جديد.
وفي تصريحاتها بهذا الخصوص، أكدت فون دير لاين أن هناك "خريطة طريق واضحة" لنشر محتمل للقوات، مشيرة إلى أن العمل على التفاصيل يسير "بشكل جيد للغاية"، وأن الخطط تحظى بدعم كامل من الجانب الأميركي، سواء عبر نظم القيادة والسيطرة أو عبر الأصول الاستخباراتية والمراقبة.
وأشارت إلى أن الاتفاق جرى بحثه أيضاً في البيت الأبيض، حيث تم التفاهم مع الرئيس دونالد ترامب على دور أميركي داعم، وإن لم يشمل نشر قوات قتالية أميركية مباشرة.
جاءت التصريحات خلال جولة لرئيسة المفوضية في دول الاتحاد الأوروبي الشرقية المحاذية لروسيا، حيث ركزت على رفع الإنفاق الدفاعي الوطني وتعزيز جاهزية القارة عسكرياً، في وقت يتهيأ فيه قادة أوروبيون لاجتماع هذا الأسبوع في باريس.

ماذا تتضمن التحضيرات العسكرية؟

اجتمع قادة الدفاع من "تحالف الراغبين" الأسبوع الماضي ووضعوا خططاً دقيقة تضمنت تحديد المتطلبات الأساسية لبناء قوة عسكرية فاعلة على الأرض، وفقا لتصريحات فون دير لاين. قد تشمل هذه القوة عشرات الآلاف من الجنود بقيادة أوروبية، مدعومين بأنظمة قيادة وسيطرة أميركية إضافة إلى دعم في مجالات الاستخبارات والاستطلاع.
انطلقت مناقشة الترتيبات خلال اجتماع الشهر الماضي ضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين بارزين، حيث تم الاتفاق على توفير تمويل مستدام للقوات الأوكرانية وضمان رواتب مناسبة وتسليح حديث.
وأكدت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي يتعين عليه المساهمة بفعالية في هذا التمويل، بما في ذلك استمرار برامج تدريب الجنود الأوكرانيين وتشجيع الدول الأعضاء على الاستفادة من صندوق قروض بقيمة 150 مليار يورو لتطوير الصناعات الدفاعية المشتركة مع كييف.
كما شددت على أن طبيعة الحروب تغيّرت، وأن على الجيوش الأوروبية الاستثمار في الطائرات المسيّرة، والدفاعات الجوية والصاروخية، إضافة إلى قدرات الفضاء والقدرات السيبرانية.

هل ستوافق برلمانات الدول الأوروبية؟

رغم التوافق العام بين وزراء الدفاع على المضي في التحضيرات، فإن نشر قوات أجنبية يظل قراراً سيادياً يتطلب موافقة البرلمانات الوطنية التي قد تواجه عقبات أمام التنفيذ السريع.
واعترفت فون دير لاين بأن "نشر القوات أحد أهم القرارات السيادية للدول"، لكنها أشارت إلى أن "الإحساس بالإلحاح مرتفع للغاية"، وأن الخطة بدأت تتخذ شكلاً عملياً.
غير أنّ موافقة البرلمانات الوطنية تبقى مرتبطة إلى حدّ كبير باتجاهات الرأي العام. ففي ألمانيا، أظهرت استطلاعات أن 56% من المواطنين يعارضون أي مساهمة عسكرية، ما يجعل تصويت البوندستاغ حاسماً لأي نشر محتمل للقوات وسط مخاوف تتعلق بقدرات الجيش والخلفية التاريخية للبلاد، وفق ما ذكره موقع United24 Media.
أما في أوروبا الشرقية، وعلى رأسها بولندا، فتسود هواجس من سحب القوات بعيداً عن الحدود مع روسيا، فيما تتعالى في إيطاليا وألمانيا أصوات معارضة مماثلة. وفي فرنسا، يرتبط الدعم الشعبي بشرط إبرام اتفاق سلام شامل، حيث أبدى 67% من المستطلعة آراؤهم موافقتهم في حال تحقق ذلك، وهو ما دفع الرئيس إيمانويل ماكرون للتشديد على أن أي قوات فرنسية ستتمركز في المطارات والبنى التحتية الحيوية بعيداً عن خطوط القتال الأمامية، حسب صحيفة Le Journal du Dimanche.

هل يمتلك الاتحاد الأوروبي العدد الكافي من الجنود؟

يفيد تقرير لصحيفة ذا تايمز البريطانية، نقلاً عن مصادر دفاعية أوروبية، أن جمع قوة قوامها 25 ألف جندي لإرسالها إلى أوكرانيا سيكون صعباً للغاية بسبب ضعف التمويل ونقص الأفراد في الجيوش الأوروبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس أركان الدفاع البريطاني الأدميرال توني راداكين دعا إلى نشر قوة من 64 ألف جندي، لكن وزراء الدفاع الأوروبيين قالوا إنه "لا توجد أي فرصة" لتشكيل مثل هذه القوة، وأن مجرد نشر 25 ألف جندي سيحتاج إلى جهد جماعي هائل. وأكدوا أن عملية تناوب لمدة عامين ستتطلب في المجمل نحو 256 ألف فرد.
وبينما أبدت بريطانيا استعدادها لتقديم 10 آلاف جندي، وفرنسا ما بين 5 و10 آلاف، أثارت دول مثل إستونيا وفنلندا مخاوف من أن يؤثر نشر قوات في أوكرانيا على أمن حدودها. كما أعلنت بولندا وإسبانيا وإيطاليا رفضها إرسال قوات. كما أشارت مصادر إلى أن ألمانيا وفنلندا تعارضان مبدئياً نشر قوات برية، وإن لم تستبعد برلين ذلك كلياً، وفقا لذا تايمز.
وبعيداً عن الجدل حول نشر القوات، اتخذت الدنمارك خطوة لافتة تمثلت في فرض التجنيد الإجباري على النساء ابتداءً من يوليو 2025، في محاولة لتعزيز قدراتها الدفاعية في ظل التوتر مع روسيا، وهو ما وصفته وزارة الدفاع هناك بأنه يعكس "مساواة كاملة بين الجنسين" ويهدف عملياً إلى سد فجوات النقص البشري في الجيش، حسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست.

من هي الدول المستعدة لإرسال قوات إلى أوكرانيا؟

وفق تقرير لموقع أورو نيوز، شاركت نحو 30 دولة في النقاشات ضمن 'تحالف الراغبين' لوضع ضمانات أمنية لأوكرانيا، غير أن مواقفها تباينت بين مؤيد ومعارض:
  • المعسكر المؤيد: تقود فرنسا والمملكة المتحدة جهود الضمانات الأمنية، حيث أعلنت لندن استعدادها لنشر قوات لتأمين الدفاعات الجوية والبحرية وتدريب الجيش الأوكراني. كما أبدت بلجيكا ودول البلطيق (ليتوانيا وإستونيا) استعدادها للمشاركة.
  • المترددون: ما زالت لاتفيا متحفظة وتربط قرارها بنتائج الاتفاق النهائي وضمانات الأمن.
  • المعارضون: أعلنت ألمانيا أن قدراتها لا تسمح بإرسال قوات، مفضلة المساهمة بعناصر الدعم والتمويل. من جهتها، أكدت المجر رفضها القاطع، كما أوضحت بولندا أن دورها سيقتصر على دعم الناتو ولوجستيات أوكرانيا. أما بالنسبة لإيطاليا، فقد نفت وجود أي خطط لنشر قوات، بينما أشارت إسبانيا وهولندا إلى إمكانية المشاركة في ضمانات أمنية من دون إرسال قوات برية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة