صراعات‎

"كل شيء اختفى".. عائدون إلى غزة يبحثون عن "ماء وسقف"

نشر
blinx
بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بدأ آلاف الفلسطينيين بالعودة إلى شمال قطاع غزة ومدينته المدمَّرة، ليجدوا أنفسهم أمام مشهد من الخراب الشامل وفقدان الأمل، بحسب تقرير مطول لصحيفة نيويورك تايمز رصدت فيه قصص بعض هؤلاء العائدين.
صباح أبو غانم وعائلتها قطعوا رحلة شاقة عائدين إلى مدينة غزة بعد أن توصلت إسرائيل وحركة حماس إلى وقف لإطلاق النار هذا الشهر، تاركين خلفهم مخيماً مزدحماً في جنوب القطاع على أمل العودة إلى منازلهم.

هيكل منزل

لكن عندما وصلوا، اكتشفوا أن حيّهم قد دُمّر بالكامل، مثل معظم أحياء مدينة غزة. ومع ذلك، كانت بقايا هيكل منزلهم الخرساني لا تزال قائمة، فقرروا الإقامة في إحدى الغرف المتضررة.
قالت صباح أبو غانم، البالغة من العمر 26 عاماً: "على الأقل، هذه الأرض لنا. هذا الركام أستطيع أن أقول إنه ملكي".
منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، عاد آلاف الفلسطينيين إلى مدينة غزة ومناطق أخرى في شمال القطاع المدمّر.
وفي كثير من الحالات، عاد الناس إلى الأماكن التي فرّوا منها قبل أسابيع فقط، ليجدوا بيوتهم وأحياءهم قد مُسحت من الوجود.
بالنسبة لكثيرين، إعادة بناء حياتهم في غزة تبدو هدفاً بعيد المنال، إن لم تكن مهمة مستحيلة.

"لم أجد أي أثر للمبنى"

بالنسبة للبعض، كان حجم الدمار أكبر من أن يُحتمل. مجدي نصار (32 عاماً) عاد للبحث عن منزله في جباليا، قرب مدينة غزة، لكنه رجع إلى دير البلح في الجنوب بعد أقل من 24 ساعة. قال إنه لن يعود قبل أن تُعاد المياه الصالحة للشرب، وهو أمر قد يستغرق وقتاً طويلاً.
وأضاف: "لم أجد أي أثر للبناية التي كان فيها شقتي، ولا حتى الركام. كل شيء اختفى".
وكانت مدينة غزة من أكثر المناطق كثافة سكانية قبل الحرب التي استمرت عامين، وكانت القلب السياسي والاقتصادي والثقافي للقطاع، أما الآن فمساحات شاسعة منها أصبحت أطلالاً.
نزوح السكان إلى الجنوب خلال الهجوم البري الإسرائيلي الشهر الماضي جعل المدينة شبه خالية، دُمرت المباني الحكومية والجامعات والعديد من المستشفيات.
الإمدادات الغذائية شحيحة، وشبكة الكهرباء متوقفة منذ عامين بعد أن قطعت إسرائيل التيار في الأيام الأولى للحرب والمياه النظيفة تكاد تكون معدومة.
وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن هناك "تقدماً ملموساً" في زيادة إدخال المساعدات، لكن برنامج الأغذية العالمي أوضح أن الأمر سيستغرق وقتاً لتغيير الظروف التي أدت إلى إعلان لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة في أغسطس أن مناطق في مدينة غزة ومحيطها تعاني من مجاعة.
وسحبت القوات الإسرائيلية جزءاً من انتشارها داخل غزة لكنها ما زالت تسيطر على نصف أراضي القطاع.

"نفكر بالمغادرة مجددا"

بالنسبة للبعض، مثل أبو غانم، أصبحت الظروف في غزة قاسية إلى درجة أنهم يفكرون في مغادرتها
تقول إنها عندما عادت إلى غزة أول ما فعلته هو التجول بين أنقاض حيّها لتتعرف على ما تبقّى من ملامحه، أو ربما على أحد جيرانها، تضيف: "لم يكن هناك أحد على الإطلاق. لا خدمات، لا ماء، لا كهرباء، وبالطبع لا أسواق لشراء الطعام".
الآن، تقول إن حلمها أصبح الخروج من غزة من أجل مستقبل أطفالها.
لكن غيرها ممن عادوا إلى المدينة قالوا إنهم مصممون على البقاء.
فاطمة أبو ستيتة (27 عاماً) عادت مع زوجها عبد الله أبو ندى (47 عاماً) بحثاً عن منزلهما في حي الزيتون، لكنهما لم يجداه، فقد "اختفى تماما"، كما قالت.
وأضافت: "كل ما حول الحي أصبح أرضاً مسطحة، إعادة الحياة هنا تشبه محاولة زراعة شجرة في الصخر".
تقول فاطمة إنها تعرف عائلات "عادت، نظرت إلى شارعها، ثم غادرت"، لكن بالنسبة لها، العودة إلى غزة كانت بمثابة تحدٍ وإثبات وجود.
ومع ذلك، فإن البقاء في غزة وسط هذا الدمار بات محفوفاً بالخطر، فالقطاع يعيش حالة من الفوضى وانعدام القانون منذ عامين تقريباً.
حتى قبل العودة إلى المدينة، تقول أبو غانم إنها لم تكن تسمح لأطفالها بالخروج ليلاً لأن "كل من في الخارج يحمل سلاحاً أو سكيناً أو حتى مفكاً".
الآن، يخشى العائدون أن يقعوا ضحية للعنف الداخلي، وتقول: "لا توجد شرطة أو قانون، الناس يأخذون حقهم بأيديهم. القانون الآن هو العين بالعين".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة