صراعات‎

إرسال قوات دولية إلى غزة.. عقبة جديدة تهدد المرحلة الثانية

نشر
blinx
تسود حالة من التردد بين الدول بشأن إرسال قوات دولية إلى قطاع غزة، وسط مخاوف من الدخول في مواجهات محتملة مع حركة حماس، ومن غموض طبيعة المهمة التي يفترض أن تضطلع بها هذه القوات، بالإضافة إلى الخشية من أن يُنظر إليها كقوات احتلال.
ويعتمد وقف إطلاق النار الهش الذي دخل حيّز التنفيذ في غزة الأسبوع الماضي على جملة من الافتراضات الرئيسية، أبرزها أن يتخلى مقاتلو حماس عن أسلحتهم، وأن تتولى قوة دولية حفظ الأمن أثناء انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.
إلا أن الدول التي يُفترض أن تشكل هذه القوة مترددة في إرسال جنود قد يجدون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع عناصر حماس، طالما أنها لا تزال تحتفظ بقدراتها العسكرية، وفق ما يؤكده دبلوماسيون ومصادر مطلعة على المداولات الجارية لصحيفة نيويورك تايمز.
وتطرح خطة السلام التي قدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمكونة من 20 نقطة، والتي أفضت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وتبادل للأسرى والمحتجزين، فكرة نشر "قوة استقرار دولية مؤقتة" في غزة على وجه السرعة. فما هي العقبات المتوقعة ،خاصة وأن غموضا كبيرا يحيط بطبيعة مهمة هذه "القوة"؟

العقبة الأبرز

تتمثل مهام هذه القوة في تأمين المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي، ومنع دخول الأسلحة إلى القطاع، وتسهيل توزيع المساعدات الإنسانية، وتدريب قوات شرطة فلسطينية محلية.
ويُنظر إلى إنشاء هذه القوة الدولية ونشرها في غزة كعامل حاسم في ما إذا كان وقف إطلاق النار الحالي سيتحول إلى اتفاق دائم، وفي إمكانية إحراز تقدم نحو سلام مستدام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
لكن دبلوماسيين ومسؤولين من عدة دول معنية يؤكدون أن التقدم ما زال محدودًا بشأن موعد تشكيل القوة، بسبب الغموض الكبير المحيط بطبيعة مهمتها، وهو ما يشكل العقبة الأبرز أمام تنفيذ الخطة.

غموض يهدد بالانسحاب

وفقًا لمصدرين دبلوماسيين مطلعين على المناقشات الأخيرة، فإن ممثلين عن دول مرشحة للمشاركة في القوة أوضحوا في اجتماعات مغلقة، أنهم لن يرسلوا جنودًا قبل أن تتضح مهام القوة بشكل كامل، خصوصًا فيما يتعلق بعلاقتها مع حركة حماس.
وتخشى هذه الدول من أن يُطلب من قواتها خوض قتال مباشر ضد مقاتلي حماس نيابة عن إسرائيل، وهو احتمال كفيل، بحسب مسؤولين، بجعل العديد من الحكومات تنسحب من المشاركة.
كما أعربت بعض الدول في مشاورات غير معلنة عن رفضها نشر قواتها داخل المدن والمناطق المكتظة في غزة، بسبب المخاطر المرتبطة بشبكات أنفاق حماس ونشاطها المسلح داخل المناطق الحضرية.
وتحدث جميع المصادر شريطة عدم الكشف عن هوياتها أو أسماء الدول المعنية، نظرًا لحساسية المداولات.
ويسعى الوسطاء الذين أبرموا وقف إطلاق النار الحالي إلى تسريع نشر القوة الدولية في غزة لتثبيت الاستقرار، ومنع حماس من إعادة تنظيم صفوفها في المناطق التي انسحبت منها إسرائيل حتى الآن.
وقالت الحكومة التركية إن الرئيس رجب طيب أردوغان أعلن استعداد بلاده للمشاركة في قوة مهام لمراقبة وقف إطلاق النار، لكن لم يتضح ما إذا كان يشير إلى قوة الاستقرار الدولية نفسها.
من جانبه، أعلن الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو خلال خطابه أمام الأمم المتحدة الشهر الماضي، أن بلاده مستعدة لإرسال أكثر من 20 ألف جندي للمساعدة في "تحقيق السلام في غزة" ومناطق نزاع أخرى.
غير أن غياب الوضوح بشأن الجهة التي ستتولى المسؤولية الأمنية في غزة قد يترك أجزاء واسعة من القطاع بلا سلطة أمنية فعالة تواجه حماس لأسابيع أو حتى أشهر، مما يخلق تناقضات صعبة أمام الدبلوماسيين الذين يحاولون المضي قدمًا في تنفيذ الخطة.

حماس تبقى وإسرائيل لن تنسحب؟

دبلوماسيون حذروا من أنه في حال غياب هذه القوة والحكومة المدنية المصاحبة لها، فإن غزة قد تبقى تحت إدارة حماس وحدها. كما أن الجيش الإسرائيلي لن يواصل انسحابه الكامل من القطاع، وهو أحد الحوافز التي يفترض أن تدفع حماس لقبول خطة ترامب، إلا بعد استعداد القوة الدولية لتسلم المهام.
لكن نجاح الخطة يتوقف بدرجة كبيرة على ما إذا كانت حماس ستتخلى عن سلاحها، وهو أمر أبدى قادة الحركة رفضهم له حتى الآن.
وفي مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" على شبكة CBS الأميركية الأسبوع الماضي، قال جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب وأحد مهندسي اتفاق وقف إطلاق النار، إن نزع سلاح حماس يتطلب أولاً تشكيل قوة الاستقرار الدولية، التي بدورها ستعمل على إنشاء حكومة فلسطينية محلية.
وقال غيث العمري، الخبير في الشؤون الفلسطينية والزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: "الانخراط العسكري في غزة ينطوي على مخاطر سياسية كبيرة (..) فهي لا تريد أن يُنظر إليها كمن يقوم بالأعمال نيابة عن إسرائيل، لذا فهي بحاجة إلى دعوة فلسطينية وموافقة من مجلس الأمن الدولي".
وأضاف: "كما أنها لا تريد أن تكون مشاركتها مجرد وسيلة لتأمين وقف إطلاق نار لا يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي".
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد صرّح بأن إسرائيل ستعمل على نزع سلاح حماس "بالطريقة الصعبة" إذا رفضت الحركة القيام بذلك طوعًا.

ماذا عن السلطة؟

وفي سياق متصل، تجري مناقشات حول تأسيس قوة شرطة فلسطينية تتولى المهام الأمنية داخل المدن والمناطق السكنية في القطاع.
ورغم أن السلطة الفلسطينية، التي تدير قوة شرطة كبيرة في الضفة الغربية، تبدو مرشحًا طبيعيًا لتولي هذه المهمة، فإن إسرائيل تعارض بشدة أي دور للسلطة في غزة. وأعلن نتنياهو، ضمن شروط حكومته لإنهاء الحرب في أغسطس الماضي، رفضه القاطع لتولي السلطة إدارة القطاع.
ويؤكد المسؤولون الفلسطينيون أنفسهم أن عودة السلطة إلى غزة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتدريبًا إضافيًا لقواتها الأمنية.
وقال محمد مصطفى، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، في مؤتمر صحفي الخميس الماضي، إن مصر والأردن تقدمان تدريبًا لبعض عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وإن السلطة ستبدأ "بشكل تدريجي" في تولي مهامها داخل غزة بعد الحرب، لكنه لم يحدد موعدًا لذلك.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة