وصاية عسكرية؟.. تفاصيل خطة واشنطن لحكم غزة و"تفكيك حماس"
كجزء من مرحلة انتقالية تهدف إلى ضمان الأمن في غزة، وتتيح لإسرائيل الانسحاب التدريجي من مناطق إضافية، من وجهة نظر أميركية، كشفت مصادر دبلوماسية أن الولايات المتحدة وزّعت، الإثنين، على عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي مسودة قرار لإنشاء قوة دولية في قطاع غزة تمتد مهامها لمدة لا تقل عن عامين، وفقًا لوثيقة حصل عليها
موقع أكسيوس.
وتشير المسودة، المصنفة بأنها "حساسة ولكن غير سرية"، إلى أن القوة الدولية المقترحة، والتي ستعرف باسم القوة الدولية للأمن (ISF)، ستحصل على تفويض واسع النطاق لإدارة غزة وتوفير الأمن حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية تمديد المهمة بعد ذلك.
وقال مسؤول أميركي للموقع إن الهدف هو التصويت على القرار خلال الأسابيع المقبلة، على أن يتم نشر أولى القوات في غزة بحلول يناير المقبل.
وأكد المسؤول أن هذه القوة ستكون قوة تنفيذية وليست لحفظ السلام، موضحًا أنها ستضم وحدات عسكرية من عدة دول، وأنها ستعمل بالتنسيق مع ما يسمى بـ"مجلس السلام في غزة"، وهو هيئة أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أنه سيترأسها.
وتعرض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي لم يتطرق إلى قضايا مثل نزع سلاح حركة حماس والجدول الزمني للانسحاب الإسرائيلي من القطاع، لانتهاكات متكررة منذ دخوله حيز التنفيذ في 10 أكتوبر. فماذا ينتظر غزة؟
ووفقًا لمسودة القرار، ستُكلف القوة بـ:
- تأمين حدود غزة مع إسرائيل ومصر
- حماية المدنيين والممرات الإنسانية
- تدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة تتولى الشؤون الأمنية المحلية.
كما تنص المسودة على أن من مهام القوة:
- نزع سلاح الفصائل المسلحة في غزة
- تدمير البنية التحتية العسكرية
- منع إعادة بنائها، وهو ما يعني ضمنيًا تفكيك قدرات حركة حماس عسكريا في حال رفضت القيام بذلك طوعًا.
تتضمن المسودة أيضًا منح مجلس السلام صلاحيات إدارة مؤقتة لتحديد أولويات الإعمار وجمع التمويل، إلى حين استكمال السلطة الفلسطينية برنامج الإصلاحات اللازم لتولي إدارة غزة بشكل دائم.
وسيشرف المجلس على لجنة تكنوقراطية فلسطينية تتألف من شخصيات مهنية مستقلة من داخل القطاع لإدارة شؤون الحكومة اليومية والخدمات المدنية، بحسب الوثيقة.
الدول المشاركة والتنسيق الإقليمي
تقول تقارير إن إندونيسيا وأذربيجان ومصر وتركيا أبدت استعدادًا مبدئيًا للمشاركة بقوات ضمن التشكيل الدولي، الذي سيعمل تحت قيادة موحدة مقبولة من مجلس السلام.
كانت تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، من أشد المنتقدين للحرب الإسرائيلية على غزة التي استمر لمدة عامين، واصفة إياه بالإبادة الجماعية، وهو ما تنفيه إسرائيل.
وبإلحاح من الولايات المتحدة، برزت تركيا كلاعب رئيسي في جهود وقف إطلاق النار، إذ ساعدت في التوسط في الاتفاق وعبرت عن رغبتها في الانضمام إلى قوات تتولى مراقبة تنفيذه.
ومع ذلك، عبرت إسرائيل عن معارضتها للمشاركة التركية.
وردا على سؤال حول الدور الذي تريد تركيا القيام به، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الدول تسعى إلى إعطاء تعريف و"شرعية" للمهمة.
وأضاف، عقب اجتماع ضم وزراء من عدة دول ذات أغلبية مسلمة في إسطنبول: "سوف يقررون، بناء على مضمون هذا التعريف، ما إذا كانوا سيرسلون جنودا أم لا".
وتجيز المسودة، بحسب أكسيوس، للقوة استخدام "كل الوسائل الضرورية لتنفيذ تفويضها وفقًا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي".
ويُنظر إلى المشروع الأميركي كجزء من مرحلة انتقالية تهدف إلى ضمان الأمن في غزة، تتيح لإسرائيل الانسحاب التدريجي من مناطق إضافية، في حين تعمل السلطة الفلسطينية على إصلاح مؤسساتها لاستعادة السيطرة على القطاع على المدى البعيد.
كما تشدد المسودة على أن توزيع المساعدات الإنسانية سيتم فقط عبر منظمات معترف بها تتعاون مع مجلس السلام، مثل الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، والهلال الأحمر، مع منع أي جهة يثبت تلاعبها بالمساعدات أو تحويلها لأغراض أخرى.
الأمم المتحدة "تعمل على قرار بشأن قوة استقرار في غزة"
والإثنين شدّد وزراء خارجية دول عربية ومسلمة في اجتماع عقد في إسطنبول لمناقشة مستقبل غزة، على وجوب أن يكون الحكم في القطاع للفلسطينيين وحدهم، معربين عن رفضهم أي "نظام وصاية جديد".
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع إنّه "يتعيّن على الفلسطينيين حكم الفلسطينيين، ويجب على الفلسطينيين ضمان أمنهم".
قال إن العمل لا يزال جاريا على قرار الأمم المتحدة لإرسال قوة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، مشيرا إلى أن عددا من الدول ستقرر ما إذا كانت سترسل قوات بمجرد التوصل إلى إطار عمل.
وأشار إلى أنّ "غزة بحاجة إلى إعادة بنائها، ويجب أن يعود سكانها إلى منازلهم. إنها بحاجة إلى تضميد جروحها. ولكن، لا أحد يريد أن يرى ظهور نظام وصاية جديد".

صورة جماعية في ختام اجتماع إسطنبول. AFP
وقبل اجتماعه مع نظرائه، استقبل وزير الخارجية التركي السبت وفدا من المكتب السياسي لحركة حماس برئاسة كبير مفاوضيها خليل الحية.
والإثنين، أشار فيدان إلى أنّ إنشاء قوة استقرار دولية في غزة سيستغرق وقتا. وأضاف "أولا، يجب علينا التوصل إلى توافق بشأن المشروع. وسيتعيّن بعد ذلك الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي (على القوة)، من دون أن يواجَه الأمر بأي نقض (فيتو) من قبل الأعضاء الدائمين"، في إشارة إلى الولايات المتحدة من دون أن يسمّيها.
وتنظر إسرائيل بريبة إلى دور أنقرة، وشدد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على أن البلدان التي تعتبرها تل أبيب "محايدة"، هي فقط من يمكنها المشاركة في القوة الدولية.
وأوضح ساعر الأسبوع الماضي "أود أن أقول إن الدول التي ترغب أو تستعد لإرسال قوات ينبغي أن تكون على الأقل محايدة". أضاف "ربما لا يجب أن تكون مؤيدة لإسرائيل، لكن يجب ألا تكون معادية لها"، لافتا الى أن "تركيا، للأسف، بقيادة إردوغان، تبنت نهجا عدائيا تجاه إسرائيل".