حزب الله يعيد تسليح نفسه.. خطة جديدة بتوقيع طبطبائي
كشفت معطيات استخباراتية عربية وإسرائيلية، حصلة عليها
صحيفة وول ستريت جورنال، إلى أنّ حزب الله يسعى بصورة منهجية إلى إعادة تكديس مخزونه من الصواريخ والذخائر الثقيلة، منها الصواريخ المضادة للدروع والمدفعية والراجمات. وتُظهر المعلومات أنّ جزءاً من هذه الأسلحة يدخل عبر الموانئ ومسارات التهريب التي ما زالت قائمة عبر سوريا، رغم تراجع فعاليتها، في حين يُصنّع جزء آخر داخل لبنان بإشراف الحزب نفسه.
هذه الأنشطة السرية باتت في صلب التحقيقات الإقليمية والغربية، خصوصاً بعدما قُتل الشخص الذي كان مسؤولاً عن إدارة جانب كبير من هذه العمليات هيثم علي طبطبائي.
قتلت إسرائيل الأحد القائد العسكري في حزب الله في غارة جوية أوقعت خمسة قتلى، وفق السلطات اللبنانية، وهي الضربة الخامسة التي تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت منذ بدء العمل باتفاق وقف إطلاق النار قبل سنة.
الهدف الذي لاحقته إسرائيل لعقد كامل
تؤكد مصادر الصحيفة أن إسرائيل سعت على مدى عشر سنوات لتحديد مكان طبطبائي واستهدافه. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، حصلت الاستخبارات الإسرائيلية على موقعه داخل شقة في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما قاد إلى تنفيذ عملية وُصفت بأنها دقيقة ومحددة الهدف.
العملية التي أطلق عليها اسم "الجمعة السوداء"، حسب مسؤول عسكري إسرائيلي، نُفذت بصواريخ أطلقتها مقاتلة من طراز F-15، واستهدفت المبنى مباشرة.
بالنسبة لإسرائيل، لم يكن الهدف فقط القضاء على قيادي بارز، بل توجيه ضربة مباشرة لجهود الحزب في إعادة بناء قوته بعد الحرب الأخيرة، وإيصال رسالة إلى قيادته وإلى الحكومة اللبنانية، بحسب الصحيفة.
يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، قال إن الضربة تحمل رسالة واضحة: "لقد وعدوا بنزع سلاح حزب الله ولم يفعلوا. عليهم أن يفهموا أنه إذا لم يقوموا بذلك، فستقوم إسرائيل به".
منذ انتهاء الحرب قبل عام، نفذت إسرائيل، وفق بيانات شركة ACLED أكثر من 1500 ضربة داخل لبنان، وبعد اغتيال طبطبائي، حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من احتمال العودة إلى القتال "في ساحات كانت قد هدأت".
بموجب اتفاق وقف النار، يُفترض على لبنان نزع سلاح حزب الله في الجنوب ثم توسيع العملية على مستوى البلاد. لكن الحزب عمل على الاتجاه المعاكس عبر إعادة بناء قوته وتعزيز انتشاره بحجة حماية السيادة، بحسب مصادر الصحيفة.
الرجل الذي أعاد تشكيل بنية حزب الله العسكرية
كان طبطبائي واحداً من أرفع القادة المتبقين بعد سلسلة اغتيالات قضت على معظم الصف الأول داخل الحزب.
وقد لعب دوراً مركزياً في مشروع إعادة البناء بعد الحرب الأخيرة، الذي خسر خلالها الحزب أكثر من 2500 مقاتل وفق تقديرات عربية وإسرائيلية.
وتشير مصادر الصحيفة إلى أن طبطبائي ركّز على:
- تعزيز قدرات الحزب جنوب لبنان.
- اعتماد تكتيك الخلايا الصغيرة لضمان قدرة المجموعات على البقاء في أي مواجهة مستقبلية.
- إنشاء منظومة بديلة للقيادات، بحيث يُدرّب كل قائد ميداني من يخلفه، لضمان استمرار العمليات حتى في حال مقتل القادة كما حدث العام الماضي.
هذه المنظومة ساعدت الحزب على تعويض معظم خسائره البشرية وفق ما تؤكده المصادر.
شبكات التهريب وصناعة السلاح.. تحت إشرافه
المعلومات الاستخباراتية التي استند إليها التقرير تشير إلى أنّ طبطبائي كان يقود مجمل الأنشطة المتعلقة بإعادة تسليح الحزب، من بينها:
- تهريب أسلحة عبر سوريا باستخدام مسارات ما تزال تعمل رغم استهدافها المتكرر.
- نقل شحنات عبر الموانئ.
- إعادة تشغيل أو بناء منشآت داخل لبنان لتجميع أو تصنيع بعض الأسلحة.
- تدريب المجندين الجدد على مواجهة مستقبلية محتملة.
وتولى الطبطبائي القيادة العسكرية لحزب الله بعد مقتل أبرز أركانها في الحرب الأخيرة.
ولم يكن الطبطبائي الذي أتم هذا الشهر عامه السابع والخمسين (ولد في الخامس من نوفمبر 1968)، شخصية معروفة لدى عامة اللبنانيين أو اسما متداولا على نطاق واسع.
وأفاد مصدر مقرب من حزب الله لفرانس برس بأن الطبطبائي الذي أدرجته الولايات المتحدة على قائمة "الإرهاب" ورصدت مكافأة مالية للوصول إليه، كان "مسؤولا عن ملف اليمن" في الحزب.
وأكد حزب الله أن الطبطبائي "أوكلت إليه مهام قيادية عليا على مستوى محور المُقاومة في مختلف ساحاته".
وأشار الحزب في بيان النعي إلى أن الطبطبائي، واسمه الحركي "السيد أبو علي"، انضم الى صفوفه منذ تأسيسه في الثمانينات، وتولى مسؤوليات ميدانية في العمليات ضد القوات الإسرائيلية خلال احتلالها جنوب لبنان حتى العام 2000.
كما تولى "مسؤولية ركن العمليات" خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
أدرجته الولايات المتحدة على قائمة "الإرهاب"، ورصدت مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات بشأنه.
وبحسب واشنطن، تولى الطبطبائي مهمات في سوريا حيث ساند الحزب عسكريا قوات الرئيس بشار الأسد إلى أن أطاحه تحالف فصائل مسلّحة في نهاية العام 2024.
ووفق المصدر المقرّب من الحزب، كان الطبطبائي في الخارج وعاد إلى لبنان خلال النزاع الأخيرة مع إسرائيل.
وكانت واشنطن تعتبره "قائدا عسكريا بارزا في حزب الله قاد القوات الخاصة للحزب في سوريا واليمن".