ثقافة عامة
.
أعلنت الحكومة النمساوية أنّ العمل على تحويل المنزل حيث ولد أدولف هتلر إلى مركز للشرطة سيبدأ في أكتوبر، ويُعتبر المشروع الذي تصل تكلفته إلى ٢٠ مليون يورو، مثيراً للجدل وتطاله انتقادات منذ سنوات.
في المنزل البسيط نشأ وعاش سنواته الأولى برفقة أسرته، قبل أن يتطور إلى شاب فنان طموح يهوى الرسم، ولاحقا رجل تسبب في اندلاع قتال عالمي حصد ملايين الأرواح حول العالم.
قرار تحويل منزل طفولة هتلر لمركز شرطة يفتح أبوابه في العام ٢٠٢٦ طاله جدل كبير منذ أعوام، إذ تسعى السلطات لصبغ المبنى المثير للجدل بهوية جديد، كي لا يتحول لمقصد يحج إليه النازيون الجدد، فيما يخشى آخرون أن يكون في تحويل المبنى لمقر إدارى تحقيق لآمال هتلر السالفة.
الجدلية ذاتها لحقت سابقا مقار متعددة ارتبطت باسم الزعيم النازي الذي انتحر في العام ١٩٤٥ بينما كان الحلفاء يطرقون أبواب مدينته، أغلب تلك المقار الآن إما محطمة أو محجوبة عن أعين الجماهير.
على مدار أعوام، ظل منزل طفولة هتلر محل جدل ونزاع تخوضه الحكومة النمساوية، التي سعت للحصول على ملكية، إلا أن مصير البناء ظل الجزء الأكثر جدلية في معادلة التصرف مع الإرث النازي، فبحسب وكالة فرانس برس، شُكلت لجنة من الخبراء في العام ٢٠١٦ للبت في مصير البناء، الذي استُبعدت فكرة تحويله إلى مركز متعلق بالذاكرة على أي نحو، كي لا يستقطب الزوار من النازيين الجدد، في الوقت ذاته استُبعدت فكرة هدم البناء، الذي يمنع النمسا من مجابهة ماضيها.
تكلفة تحويل منزل طفولة هتلر لمقر شرطي تصل ٢٠ مليون يورو. (المصدر: وكالة فرانس برس)
إلا أن قرار تحويل الموقع إلى مركز شرطي، طاله انتقادات أيضا، بالتحديد من قبل المخرج غونتر شفايغر الذي قال في مؤتمر صحفي عقد أمس الإثنين إن هتلر عبر في مقال صحفي نشر في مايو من العام ١٩٣٩ عن رغبة في تحويل المبني لاستخدام إداري، مما يجعل الخطوة الحكومية أشبه ما تكون بتحقيق آمال الزعيم النازي.
في مواقع متعددة بالقارة العجوز، ترك هتلر بصمة ما، تحاول السلطات محوها أو ربما التغلب عليها لإعادة كتابة سطور تاريخية جديدة أقل قسوة، من بين تلك المناطق منزل ساحر في منطقة جمال الألب البافارية، ملكه الزعيم النازي ولطالما عُرف باسم بيرغوف، ولطالما شكل المقر الإداري الثاني للسلطة.
كما تداعى هتلر شخصيا بنهايات الحرب، لم يسلم منزله الجبلي الشهير من قنابل الحلفاء القادمين لتحرير أوروبا، إذ أنه تعرض لأضرار كبيرة في نهايات الحرب، كما نهبه الجنود خلال الأيام الأخيرة من القتال، بحسب شبكة هيستوري، لم يكن ذلك كل شيء ففي العام ١٩٥٢ تقرر تفجير ما تبقى من المنزل تماما، للتأكد من عدم تحوله لمقصد سياحي.
بعض الجماعات المتطرفة تقصد أطلال منزل هتلر الجبلي. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
في العام ١٩٩٩، افتتح متحف صغير بالقرب من أطلال المنزل الأيقوني، بالتحديد على بعد ٣٠٠ متر، وخصص المتحف لبيان الفظائع التي ارتكبها النظام النازي، إلا أن ذلك لم يمنع الجماعات اليمينة المتطرفة من زيارة الموقع بين الجبال، وترك الشمع على أطلال البناء بين الحين والآخر أو ربما حفر الصليب المعقوف على الأشجار القريبة، كما ورد في أحد تقارير صحيفة الغارديان.
أمتلك هتلر أيضا شقة سكنية في مدينة ميونيخ، ويبدو أن مصير منزل طفولة هتلر يسير على مصيرها، إذ تحول المبنى السكني الذي يضمها إلى مركز شرطي.
في العام ١٩٣٩، بينما كان الطموح ما يزال يملأ نفس الزعيم الألماني، تجلت ملامح الحقبة الجديدة في مبنى المستشارية الألمانية الجديد، الذي كلف هتلر المعماري ألبرت سبير بتصميمه، إلا أن عمر الصرح الجديد كان قصيرا، ففي العالم ١٩٤٥، وكأغلب المواقع في العاصمة برلين تدمر مبنى المستشارية الفارهة بعد أن تعرض لنيران وقنابل الحلفاء، بما فيه من رموز بعضها مستقطع من مبان تاريخية أخرى، كردهة المرايا في قصر فرساي، التي أُعيد تنفيذ ردهة مستوحاة منها، لكنها تقود إلى مكتب الزعيم النازي، بحسب أرشيف صحيفة نيويورك تايمز.
بعض القاعات في مبنى المستشارية حاكت قصر فرساي. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
بعض القطع الثمينة في المبنى نجت من التدمير كقطع الأثاث وبعض ألواح الغرانيت الأحمر التي أعاد السوفييت استخدامها لبناء نصب للحرب التي خرجوا منها منتصرين، أما النسر البرونزي فقد احتُفظ به في متحف الحرب الإمبراطوري البريطاني، أطلال المبنى وما بقي منه، كان مصيره الهدم التام في العام ١٩٥١، بحسب موقع متحف REME البريطاني، وذلك لإفساح المجال لتشييد جدار برلين.
كما يثير مهد هتلر الجدل، يثير محل وفاته جدلا مماثلا، بالقرب من مبنى المستشارية الشهير، بالتحديد أسفل الحديقة، شيد هتلر نظام السراديب الذى آواه وحبيبته ثم زوجته إيفا براون خلال الأيام الأخيرة قبل انتحاره، وداخل تلك التشكيلات الحديدة الغارقة تحت سطح الأرض لفظ هتلر أنفاسه الأخيرة.
تخشى السلطات من تحول المواقع المرتبطة بهتلر لمزارات نازيون جدد. (المصدر٬ وكالة أسوشيتد برس)
بعد أن وصلوا أخيرا للمدينة، حاول السوفيت تدمير مخبأ هتلر بشكل نهائي، إلا إنهم عجزوا عن تدميره بشكل كامل، لكنها فجرت وبقيت حبيسة تحت سطح الأرض، وبحلول الثمانينيات من القرن العشرين، كانت المنازل والوحدات السكنية تُحيط بالموقع الذي قضى فيه هتلر أيامه الأخيرة، وعلى مدار العقود، عادة ما يتعثر عمال الإنشاءات في مقاطع جديدة من سلسلة السراديب، بعضها يعود لوزير الدعايا جوبلز وبعضها لسائقي هتلر، إلا أنها تغلق أيضا خوفا من تحولها لمقاصد للجماعات اليمينية المتطرفة، بحسب أرشيف صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة