ارتفاع الجنيه.. لماذا يستمر هبوط الدولار في مصر؟

سجل الدولار الأميركي ارتفاعا لمرة واحدة يوم 6 مارس الحالي، بعد لحظات من قرار البنك المركزي، ثم بدأ الانخفاض تدريجيا في اليوم التالي، وحتى الآن، لتفقد العملة الخضراء أكثر من 4 جنيهات في 11 يوما.

وأغلق سعر الدولار هذا الأسبوع تحت 47 جنيها، وذلك للمرة الأولى منذ قرار "التعويم"، ليصبح أقل سعر لشراء الدولار في البنوك 46.5 جنيه، وأعلى سعر عند 46.90 جنيه.

وخفّض البنك المركزي سعر الدولار عبر موقعه الرسمي إلى 46.60 جنيه للشراء، و46.74 جنيه للبيع، مع تخفيض جميع العملات الأجنبية الأخرى ورفع قيمة الجنيه بنسب متفاوتة.

ارتفاع قيمة الجنيه في مواجهة الدولار منذ 7 مارس الماضي جاء مدعوما بتدفقات غزيرة من النقد الأجنبي، ولم تسمح العملة المحلية بأي انخفاض آخر منذ قفزة التعويم الأولى، لتبدي تماسكا واضحا.

وفي تصريحات لبلينكس، قال الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية السابق بمجلس النواب المصري، محمد فؤاد، إن الجنيه يبدو أقوى مما هو عليه، مضيفا: "السعر الحالي المتعامل به في المصارف الرسمية قريب من المتوقع، الذي تحدث عنه الجميع منذ مدة".

وعن الهبوط المستمر دون أي محاولات صعود، قال فؤاد: "ربما يكون اتجاه الهبوط فقط هو أمر غير منطقي، خاصة مع استمرار استحقاقات المدفوعات الحكومية، وعدم التدبير الكامل للعملة الأجنبية، من المنطقي ألا يتبع مثل هذه الظروف هبوط فقط دون صعود في السعر".

وعن كون التعويم الحالي للجنيه حُر أو مدار، قال فؤاد: "ما نراه الآن هو تحريك مُدار لسعر الصرف، والقرار الواضح للجميع هو تخفيض سعر الدولار بصورة تدريجية دون السماح بفرصة أخرى للصعود".

وعلق الخبير الاقتصادي روبن بروكس، عبر منصة "إكس"، على قيمة الجنيه الحقيقية، مؤكداً أنها أقل مما هي عليه بعد قرار "التعويم" الأخير.

وقال بروكس، إن الانخفاض في سعر الصرف الفعلي في مصر حقيقي، مشيرا إلى أن وقت التعويم الحقيقي للجنيه المصري قد حان بالفعل.

وفي ظل الانخفاض المستمر لسعر الدولار أمام الجنيه، يتحدث الجميع في مصر عن السعر العادل الذي سيستقر عنده في المدة المقبلة، دون إجابة واضحة من الجميع.

ومن جانبه قال الدكتور محمد فؤاد: "السعر الحالي للدولار (تحت 47 جنيها)، قريب من سعر الاستقرار، وربما يكون أقل من ذلك في الأيام المقبلة".

وعلّق خبير الإدارة والاستثمار، محمد الشوادفي، في تصريحات تلفزيونية، على توقعات سعر الاستقرار، قائلا إن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الانخفاض في السعر.

الشوادفي علل توقعه باستمرار الانخفاض بتواصل التدفقات الدولارية بعد الصفقات التي أبرمتها الحكومة المصرية، بالإضافة إلى تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى مساراتها الرسمية في المصارف.

استقبلت مصر تدفقات مليارية من الدولار في الأسابيع القليلة الماضية، بداية من إعلان إبرام صفقة "رأس الحكمة" التي جلبت استثمارات مباشرة بقيمة 35 مليار دولار تحصل عليها الحكومة المصرية على دفعات.

وحصلت مصر على الدفعة الأولى من صفقة رأس الحكمة، بقيمة 15 مليار دولار، على أن تستقبل الدفعة الثانية بقيمة 20 مليار دولار بعد شهرين، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.

ووقعت مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى اتفاق مع البنك الدولي بقيمة 6 مليارات دولار، لتستمر التدفقات الدولارية خلال الأشهر المقبلة.

وتقدم المفوضية الأوروبية دعما لمصر بقيمة 7.6 مليار دولار، وأعلنت رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، تفاصيل الاتفاق خلال اجتماعها الأخير بالقاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وصرّح رئيس بنك مصر، محمد الإتربي، بأن التدفقات الدولارية، بالإضافة إلى تحويلات المصريين بالخارج التي زادت 10 أضعاف، أسهمت في تحسين قيمة الجنيه المصري بداية من 7 مارس الجاري.

التحسّن في قيمة الجنيه المصري بعد قرار التعويم، صاحبه موت تام للسوق السوداء التي كانت قد توحشت قبل أسابيع، ورفعت سعر الدولار إلى 74 جنيها.

ومع وصول سعر الدولار يوم 6 مارس في المصارف الرسمية إلى 50.75 جنيه، بأكثر من السعر المتداول وقتها في السوق السوداء (44 جنيها)، توقف التعامل تماما خارج القنوات الرسمية في القطاع المصري الرسمي.

وفي تصريحات لبلينكس قال يحيى السيد، أحد أصحاب الشركات المتعاملة في النقد الأجنبي بالسوق المصري: "مرت السوق الموازية بحالة تخبط مع قرار البنك المركزي في 6 مارس الماضي، واستمرت حتى الآن، فلم يعد هناك عرض وطلب خارج القطاع المصرفي".

وأتم السيد: "السوق السوداء دخلت حالة اعتكاف، لا نعلم متى ستنتهي، أو هل ستكون دائمة أم لا، لأن العملة الأجنبية باتت متاحة ومتوفرة، بالإضافة إلى اتخاذ الحكومة إجراءات قانونية صارمة ضد المتعاملين خارج القنوات الرسمية".