التغير المناخي يضرب "طبق المحشي" المصري

يربط أستاذ المناخ الزراعي بمركز البحوث الزراعية، الدكتور شاكر أبو المعاطي، بين التغير المناخي وأطباق الطعام المصرية: "التغيرات المناخية تركت بصمتها على كل الأطباق المصرية، ولكن أكلة المحشي تكشف ذلك بقوة، بسبب احتوائها على أكثر من 6 أصناف من الخضروات".

يوضح أبو المعاطي لبلينكس أن زيادة درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، تسببت في تغيير منظومة الزراعة بالكامل في مصر، ما أدى إلى تراجع إنتاجية بعض المحاصيل وبالتالي ارتفاع أسعارها نتيجة نقص المعروض منها: "الطماطم (الندورة) أبلغ مثال على ذلك".

يشرح أستاذ المناخ الزراعي أن الطماطم يتم زراعتها في 3 دورات خلال العام، وما حدث هو أن الحرارة الشديدة التي شهدتها مصر انتزعت إحدى هذه الدورات الزراعية (يونيو- أغسطس)، وبالتالي لم يستطع معظم الفلاحين زراعة الطماطم في هذه الدورة، ومَن قرر الاستمرار حصل إنتاج أقل بأكثر من 30%، وهو ما أدى لارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

أما الخضروات الورقية مثل الكزبرة والبقدونس والكرنب وغيرها، يقول عنها أبو المعاطي إنها محاصيل خريفية لا يمكن زراعتها في الصيف، لكن استمرار الموجة الحارة حتى سبتمبر أدى إلى انهيار انتاجية هذه المحاصيل وبالتالي نقصها في الأسواق وارتفاع أسعارها بالتبعية.

"بعدما كانت أكلة شعبية، أصبحت أكلة نادرة وتحتاج ميزانية كبيرة"، تصف ربة المنزل إسلام الميرغني تكلفة وجبة محشي لأسرتها المكونة من 6 أفراد.

توضح السيدة قائلة إن متوسط تكلفة طبق المحشي ارتفع لأكثر من 100%، بسبب زيادة أسعار كل المكونات التي تدخل في تحضير الطبق.

تقول إسلام إنها تحاول التغلب على التكلفة المرتفعة بالاكتفاء بطهي نوع واحد من المحشي، إما كرنب أو باذنجان أو كوسا أو فلفل، لافتة إلى أن تعود المصريين تحضير عدة أصناف من المحشي، ولكن الاكتفاء بنوع واحد، كان الحل أمام إسلام للتغلب على ارتفاع الأسعار.

وتوضح السيدة أن متوسط تكلفة أكلة محشي لأسرتها كانت تكلفها نحو 150 جنيها في أشهر ربيع 2024، لكن بعد الزيادات الأخيرة في الأسعار، أصبح متوسط التكلفة يتجاوز 300 جنيه (6 دولارات).

"لا يوجد ما نفعله حيال الأمن الغذائي في مواجهة التغيرات المناخية سوى تطوير البحث العلمي"، يقول الدكتور شاكر أبو المعاطي. ويشدد أستاذ المناخ الزراعي بمركز البحوث المصري، على أن البحث العلمي واستنباط أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية تتحمل درجات الحرارة والبرودة الشديدة، التي فرضتها التغيرات المناخية، هو الوسيلة الوحيدة حاليا للحفاظ على الأمن الغذائي.

ويوضح أبو المعاطي أن الباحثين المصريين استطاعوا استنبات بذور من الأرز والقمح والذرة وبعض المحاصيل الأخرى تستطيع تحمل درجات الحرارة غير المعتادة، وهو ما رفع بالفعل من إنتاجية المحاصيل الزراعية، وإلا كان الوضع أصعب، مشيرا إلى الاهتمام البحثي في مصر في مجال الأمن الغذائي كأحد آليات مواجهة تداعيات التغيرات المناخية.