النساء و2023 يكتبان نهاية أيقونة السينما الفرنسية

باستثناء الدوائر النسوية، كان دوبارديو يتمتع حتى فترة قريبة مضت من قدر معين من التساهل. واجتذب طبعه الصريح وتصريحاته الجريئة في أحيان كثيرة، تعاطف الجمهور وأوساط المهنة.

وتوجد مزاعم عن حالات اغتصاب كلفته مسيرته المهنية في أميركا في أوائل التسعينيات، ولكن لم يكن لها صدى يُذكر في فرنسا آنذاك.

وعندما وصفته ممثلة مشهورة مثل صوفي مارسو بأنه "مفترس" في عام 2015 بسبب سلوكه في موقع التصوير، لم يكن لكلامها أي تأثير.

وتفضل أوساط الفن السابع الإشادة بالممثل الذي شارك في أكثر من 200 فيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني، خصوصاً مع تجسيده بعضاً من أهمّ أبطال الأدب الفرنسي، من سيرانو إلى جان فالجان في "البؤساء".

في نهاية عام 2023، لم يعد دوبارديو، الذي تبوّل في مقصورة طائرة عام 2011، يُضحك الناس. وانتهت حياته المهنية وبات أكثر الفنانين إثارة للجدل في فرنسا.

وتسارعت الأمور في أقل من شهر، بعد أن عرضت قناة "فرانس 2" الفرنسية العامة وثائقياً ضمن برنامج استقصائي في ديسمبر الجاري، تضمّن مشاهد أدلى فيها بتعليقات مسيئة كثيرة بحق نساء خلال رحلة في العام 2018 إلى كوريا الجنوبية، من دون أن تسلم فتاة صغيرة من إيحاءاته الجنسية.

وأدى نشر هذه المقاطع إلى سلسلة من الإجراءات ضد الممثل، إذ جُرد دوبارديو من وسام كيبيك الوطني، وسُحب منه لقب المواطن الفخري في منطقة بلجيكية، كما نُزع تمثاله الشمعي من متحف الشمع في باريس.

كما أن بعض الشخصيات السينمائية أدارت ظهرها له علناً، مثل الممثلة أنوك غرينبرغ.

في المقابل، حشد المعسكر المؤيد لدوبارديو قواه، وفي طليعته أفراد عائلته، بمن فيهم ابنته الممثلة جولي دوبارديو التي دانت ما اعتبرته "مؤامرة" ضد الممثل.

كما دافعت شريكة حياته السابقة كارول بوكيه عن "حس فكاهي يتخطى الحدود أحياناً" لرجل قالت إنه "لا يستطيع إيذاء امرأة".

ونددت نحو ٦٠ شخصية ثقافية بما وصفته "إعداماً بلا محاكمة"، وذلك في مقالة نشرتها صحيفة "لوفيغارو"، شارك في التوقيع عليها كل من:

• المخرج برتران بلييه.
• الممثلة ناتالي باي.
• الممثلة شارلوت رامبلينغ.
• الممثل جاك فيبر.
• الممثل بيار ريشار.
• الممثل جيرار دارمون.
• المغني روبرتو ألانيا.
• المغنية كارلا بروني.
• الممثلة أرييل دومبال.
• المغني جاك دوترون.

ورد جيرار دوبارديو الثلاثاء خلال اتصال أجرته به إذاعة "آر تي إل" الفرنسية "أعتقد أن هذا الأمر ينمّ عن شجاعة كبيرة لدى الموقّعين"، مضيفاً أنه لم يكن وراء هذا النصّ لكنه ببساطة سمح لمؤلفه بنشره.

اتخذت قضية دوبارديو بعداً آخر عندما انبرى للدفاع عن دوبارديو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل إجازات أعياد الميلاد.

ودان ماكرون "الاستهداف الجماعي" بحق دوبادريو، منتقداً خطوة وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك التي أعلنت أن "إجراءً تأديبياً" سيُطلق لاتخاذ قرار في شأن وسام جوقة الشرف الممنوح سابقاً للممثل الفرنسي.

وأبدى الرئيس الفرنسي "إعجاباً كبيراً بدوبارديو"، واصفاً إياه بـ"الممثل العظيم" الذي "ساهم في الشهرة العالمية لفرنسا ومؤلفينا العظماء وشخصياتنا البارزة"، وقال إن "فرنسا فخورة به".

لدى الممثل المولود في شاتورو في وسط فرنسا، تاريخ متضارب مع وطنه، منذ أن أعلن نهاية عام 2012 أنه سيتخلى عن جواز سفره الفرنسي احتجاجا على فرض الضرائب على الأغنياء، واختياره بلجيكا منفى ضريبياً.

كما أثار الجدل عبر تعبيره الدائم عن الإعجاب ببعض من أشهر الزعماء المثيرين للجدل في العالم. وحصل أيضاً على الجنسية الروسية.

على المستوى القضائي، بالإضافة إلى اتهامه بالاغتصاب، تقدمت الممثلة إيلين داراس بشكوى على دوبارديو بالاعتداء الجنسي. ولكنه نفى الاتهامات، ويُفترض أنها سقطت بالتقادم.

وكذلك شكوى أخرى في إسبانيا من جانب الصحافية روث بازا التي تتهمه بأنه اغتصبها عام 1995.

ويرتكز داعمو دوبارديو في دفاعهم عنه على أهمية العمل بمبدأ قرينة البراءة.

وقال ماكرون "يمكن اتهام شخص ما وقد يكون هناك ضحايا، لكنّ ثمة قرينة البراءة أيضاً".