"فاسا".. أبحرت "ربع ساعة" وخُلدت في المتحف

بالطبع عندما أخبرتك أن السويد خصصت قاعة متحفية لحطام السفينة، ظننت أنها سفينة ذات باع طويل في البحار وخاضت رحلات خطرة متعددة تستحق التوثيق وربما التخليد.

لكن القصة لا تسير على هذا النحو أبدا، فالسفينة ذات الصواري الثلاثة كانت بمثابة رمز لازدهار المملكة السويدية.

وفي العام 1628 كان من المُفترض إرسالها إلى جنوب بحر البلطيق في رحلتها الأولى، إلا أن الرحلة كانت قصيرة جدا، فبعد 15 دقيقة فحسب من إبحارها، ترنحت "فاسا" وانقلبت وما لبثت أن غرقت في مياه العاصمة بسبب عيب في التصميم.

عند تلك اللحظة، لم تكن السفينة اجتازت سوى مسافة كيلومتر واحد، وأودى غرقها بحياة العشرات من أفراد الطاقم.

وبقيت "فاسا" أكثر من 3 قرون محمية في الوحل ومياه بحر البلطيق القليلة الملوحة، قبل أن تُنتشَل عام 1961 بعملية بالغة الدقة، وعُرضت السفينة مذاك في أحد المتاحف الأكثر شعبية في ستوكهولم.

تُعد "فاسا" محفوظة بشكل جيد، و98% من قطعها هي الأصلية.

إلا أن حالة "فاسا" لم تعد كما كانت في ستينيات القرن الماضي، ومن ثم أطلقت السويد ورشة لتمتين الحطام الهش للسفينة الضخمة، من خلال بناء دعامة جديدة حول هيكلها.

وأصبحت السفينة الآن تتحمل شقوق متزايدة وتسبب تآكلا في هيكلها، ويقول مدير المشروع، بيتر ريدبيورك، إن وضع السفينة بدأ يتدهور بسرعة بعد انتشالها من المياه، وأضاف: "لهذا السبب، قررنا التحرك وتحمل مسؤوليتنا تجاه الأجيال المقبلة".

لكن الحفاظ على الوضع السليم للحطام ليس باليسير، بل تشوبه تعقيدات عديدة، ومنها مثلا أن الخشب يتقلص على مر السنين، والسفينة تترنح بفعل الجاذبية، وتميل قليلا نحو جهتها اليسرى.

وشدد ريدبيورك على أنه من الضروري وقف هذه الحركة، وهو ما فرض الشروع في إنشاء هيكل دعم جديد للسفينة في أبريل 2024 ليحل محل الهيكل الحالي الذي يعاني مشاكل عدة.

ومن أجل تأخير تدهور "فاسا" قدر الإمكان، يتم الإبقاء على درجة حرارة القاعة الرئيسية للمتحف عند 18-20 درجة مئوية مع مستوى رطوبة 55%.

تهدف المرحلة الأولى من هذا المشروع وعنوانها Stötta Vasa أو"دعم فاسا" إلى تثبيت الحطام، في حين تهدف المرحلة الثانية إلى إنشاء هيكل يتحمل وزنهه، أما الأخيرة فسيتم فيها تعديل موقع السفينة داخل المتحف.

وفي حال أمكن التقيد بالجدول الزمني، سيصبح الهيكل سنة 2028 مدعما من خارجه ومن داخله، وسيستعاض عن الدعامات الخارجية الحالية البالغ عددها 17 بـ27 حاملا فولاذيا مثبتا أسفل العارضة.

ونظرا إلى أن "فاسا" تنوء حاليا تحت وزنها، سيتم تركيب دعامة داخلية في السفينة، وهي نوع من الهيكل الفولاذي، ما سيساهم في إبطاء حركة "فاسا".

وأشار بيتر ريدبيورك إلى أن بلورة هذا المشروع استلزمت أكثر من 10 سنوات من الأبحاث، موضحا أن تكلفته تتراوح بين 150 و200 مليون كرونة سويدية أي بين 14.4 و19.1 مليون دولار.

قال السائح البولندي، لوكاش شيشكا: "حالة السفينة ممتازة، إذ يمكن رؤية كل العناصر التاريخية، إنها رائعة، الجو بارد قليلا في الداخل بالنسبة إلينا، لكن الأمر يستحق".

ويعتبر السائح البولندي حطام السفينة من "تراث للإنسانية، وليس للسويد فقط".

وأضاف: "نحن بولنديون، وهذا أيضا جزء من تاريخنا".

وكان غوستافوس الثاني أدولفوس، الذي بُنيت من أجله "فاسا"، يرغب خاصة في السيطرة على الموانئ البحرية البولندية على بحر البلطيق.