"التكنولوجيا الغبيّة".. طريق لحب الذات

كَبُر جيل رد في عصر "انهيار المجتمعات" وتحول إلى عبء نفسي، فالشباب مثقلون ومتعبون ولكن أعباء الحياة السريعة تدفعهم إلى أن "يكملوا حياتهم بصمت رغم فوضى الاختيار"، وفقاً لمجلة فوربس.

وتفسير "فوضى الاختيار" أو الحالة التي يواجه فيها الفرد عدة خيارات مما يجعله يشعر بالضغط والارتباك في اتخاذ قرار نهائي، وهو من أسباب انتقال جيل زد إلى التخلي عن الهواتف الذكية لصالح الهواتف البسيطة.

وصار يبحث العديد من الشباب بنشاط عن طرق لـ"Detox" أو إدارة صحتهم العقلية بشكل أفضل وسط ضغوط "الاتصال إلى الإنترنت" والسوشيال ميديا المستمر.

وتأتي التأثيرات السلبية على الصحة العقلية من الوقت المفرط أمام الشاشة والإشعارات المستمرة، مما يدفعهم إلى اختيار الأجهزة التي توفر وظائف أساسية دون تشتيت الانتباه من التكنولوجيا الذكية.

وبسبب البصمات الرقمية التي تنتجها الصفحات الشخصية على السوشيال ميديا، تعتبر مخاوف الخصوصية من القضايا الرئيسية بالنسبة للجيل زد، الذي نشأ في ظل خروقات البيانات وفضائح الخصوصية، فهم أكثر حذرا فيما يتعلق بمشاركة معلوماتهم الشخصية ويفضلون الأجهزة التي تقلل من جمع البيانات وتتبعها.

الشباب يقضون وقتا أقل في مشاركة اللحظات والذكريات مع أحبائهم، حيث تراجعت التجارب الجماعية أمام السعي الفردي، فمثلاً في اليابان، هناك ظاهرة اجتماعية تُعرف باسم "هيكيكوموري"، حيث ينعزل الشباب عن المجتمع ويسعون إلى عزل اجتماعي متطرف.

وتقديرات الحكومة اليابانية تشير إلى وجود حوالي 1.5 مليون شخص يعانون من حالة "هيكيكوموري" في البلاد، ولكن يعتقد الخبراء أن هذا العدد أعلى بكثير. وأدى هذا الوضع إلى ظهور خدمات "استئجار العائلات" في اليابان، التي تقدم الوهم بالدفء والترابط العائلي.

وبالتالي، ترتبط التكنولوجيا الغبية بشكل وثيق بعودة الحنين إلى الماضي، حيث تستحضر مشاعر البساطة والأصالة والرغبة في الابتعاد عن تعقيدات الحياة الحديثة.

إحياء هذه الأجهزة القديمة يعد جزءا من اتجاه أوسع يعرف بالـ"نيوترو" أو الذي يحتفي بالجماليات القديمة ويقدم بدائل لأساليب الحياة الحديثة التكنولوجية. وتثير مشاعر الحنين ذكريات إيجابية مرتبطة بأوقات بسيطة.

على الجانب الآخر، لا يبدو أن التقدم التكنولوجي هو الحل لوباء الوحدة، حيث أدى انتشار نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي إلى ظهور صديقات وأصدقاء يعتمدون على التكنولوجيا بدلا من التواصل الحقيقي والجماعي.

شركة أبحاث السوق Mintel تقول إن شركتي آبل وسامسونغ ليستا تحت تهديد حاليا، إذ تهيمن الهواتف الذكية حيث تصل إلى 9 من كل 10 هواتف، بينما تظل الهواتف الغبية سوقا متخصصا. ومع ذلك، تشير الدلائل إلى أن جيل Z يقوم بتعديل سلوكهم مع الهواتف الذكية، نتيجة للقلق من التأثيرات السلبية للاتصال الرقمي المستمر.

ويعبر 3 من كل 5 من جيل الشباب عن رغبتهم في تقليل انخراطهم في العالم الرقمي.

بالتالي، تكتسب الهواتف "الغبية" مكانة متميزة في السوق ويرجع ذلك أساسا إلى طلب المستهلكين على الأجهزة التي توفر الوظائف الأساسية، وعلى الرغم من أنها لا تشكل تهديدا مباشرا بعد، إلا أن شعبية التكنولوجيا "الغبية" يمكن أن تؤثر على مبيعات الهواتف الذكية في مجموعات سكانية أو مناطق محددة.

تتكيف الشركات الذكية مع هذه الاتجاهات من خلال استكشاف الخيارات في كل من التقنيات الذكية والغبية. على سبيل المثال، أعادت نوكيا تقديم هواتفها الذكية الكلاسيكية، مستهدفة المستهلكين الذين يبحثون عن أجهزة اتصال موثوقة ومباشرة.

وليست الـ"Vintage phones" وحدها من جلبت اهتمام جيل Z، إذ أصبحت كاميرات الأفلام الفورية والتي تصنعها شركة فوجي فيلم شائعة أيضا مع تزايد الاتجاه لمشاركة الصور القديمة على السوشيال ميديا.

وارتفعت مبيعات Instax، التي تأتي بحجم كف اليد، والتي تم إطلاقها في عام 1998 كمنافس لـPolaroid، بعد ركود دام عدة سنوات في القرن الـ21 بسبب التحول إلى الكاميرات الرقمية.