باريس تحارب الـ Graffiti الذي "شوه معالمها الرومانسية"
تشهد العاصمة الفرنسية باريس انتشارًا واسعًا لظاهرة الغرافيتي (الكتابة والرسم على الجدران والأماكن العامة)، والتي باتت تمثل تحديًا كبيرًا للسلطات المحلية لما تسببه من تشويه للمشهد الحضري وضرر للمعالم التاريخية. وقد أعلنت بلدية باريس مؤخرًا حملة صارمة لمواجهة هذه الظاهرة.
فقد امتلأت شوارع المدينة، من ساحة الجمهورية إلى جادة سان مارتان، برسوم وكتابات عشوائية غطّت كل شيء: من التماثيل إلى الأشجار والمقاعد وصناديق البريد والمباني القديمة القديمة التي يعود تاريخ بعضها لأكثر من 200 عام.
وتُقدّر بلدية باريس حجم الأضرار الناتجة عن هذه الظاهرة بحوالي 6 ملايين يورو سنويًا، مما دفع المسؤولين إلى التحرك بجدية أكبر.
أطلق رئيس بلدية الدوائر المركزية في باريس، أرييل ويل، حملة لملاحقة من يسمّون بـ"رسامي الغرافيتي المتكررين"، وتم توجيه الشرطة لاستخدام كاميرات المراقبة لمتابعة الفاعلين وتحديد هويتهم.
وتعهّدت البلدية باتخاذ إجراءات قانونية ومطالبة المتورطين بدفع غرامات مالية لتعويض الأضرار.
الضرر لا يطال فقط الممتلكات العامة، بل يشمل أيضًا الملكيات الخاصة، وخاصة تلك التي تحتوي على كتابات فوق الطابق الأول، حيث يتحمّل المالكون كلفة التنظيف.
هناك قلق من أن المواد الكيميائية المستخدمة في إزالة الغرافيتي قد تسبّب أضرارًا دائمة على الأحجار والأشجار.
ويرى سكان ونشطاء أن الغرافيتي يشوّه صورة باريس، ويؤثر على جمال شوارعها التاريخية، خاصة في الأحياء التي تتميز بالطابع المعماري الهاوسماني.
تعمل السلطات على جمع الأدلة ضد "الرسامين المتكررين" من خلال الصور وتحليل التواقيع المكررة باستخدام الذكاء الاصطناعي. ودعا المسؤولون إلى تعاون أكبر بين البلدية، الشرطة، والنظام القضائي لضمان فرض العقوبات.
لكن على الرغم من تصاعد الحملة، فإن عدد القضايا التي تصل إلى المحاكم لا يزال محدودًا، إذ لم تُسجل سوى إدانة واحدة خلال السنوات الثلاث الماضية.
تآكل المعالم الباريسية العريقة
من جانبه، عبّر إيمانويل غريغوار، نائب العمدة السابق والطامح لمنصب العمدة في الانتخابات القادمة، عن قلقه من تآكل المعالم الباريسية العريقة، مؤكدًا أن هناك عملًا حثيثًا لتوثيق هوية الفاعلين عبر الصور ووسائل التواصل وتحليل أنماط التوقيع باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتواجه باريس اليوم معركة جمالية وثقافية للحفاظ على وجهها التاريخي من هذه الظاهرة التي يرى البعض أنها "تشبه سلوك الحيوانات التي تحدد مناطقها"، وتشوّه الصورة الرومانسية للعاصمة في عيون زوارها.