"ثالوث" تحديات يهدد عائلة محمد و80 ألف أسرة أردنية

الجعافرة قال في حديث مع بلينكس إن التحديات تحيط المزارعين من كل الاتجاهات، حيث لا مهرب منها، وأهمها شحّ المياه الذي يُؤدي إلى خفض الإنتاج، بالإضافة إلى قلة العمالة المتوفرة.

ويبيّن الجعافرة أن الأمر لا يقف عند المشكلتين السابقتين، فهناك ارتفاع أسعار البذور والشتول بشكل ملحوظ، وكذلك السماد والمبيدات التي يحتاجها ولا يستغني عنها المزارع، وكل هذا ممكن وضعه في كفة، وبالمقابل فإن كفة التغيّرات المناخية تعيد ترتيب كل الأولويات، مشيرا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة أو الأمطار القوية المباغتة، يمكن أن تفسد المحصول.

ويؤكد المزارع الجعافرة أنّ مساعدة المزارعين لبيع منتجاتهم في الأسواق الخارجية يساهم فعليا في دعم الاقتصاد، ويعزز ويحفز المزارعين على الاستمرار والتخطيط لتنويع المنتجات.

في حين أن مساعد أمين عام وزارة الزراعة لشؤون التسويق والجودة المهندس خليل عمرو، يرى أنّ القطاع الزراعي أحد أعمدة الاقتصاد الوطني كونه يسهم مع الأنشطة المرتبطة به بما لا يقل عن 5 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وبين عمرو في حديثه لبلينكس أنّ القطاع الزراعي يشكل جزءا مهماً من الناتج الكلي حيث بلغ قيمة الناتج المحلي الزراعي لعام 2022، حوالي 1663 مليون دينار(2.3 مليون دولار)، في حين ارتفعت القيمة في عام 2023 لتصل الى 1733 مليون دينار (2.44 مليون دولار)، حيث بلغت قيمة الصادرات في عام 2022 حوالي 969 مليون دينار، وقيمة الصادرات للعام الماضي 1127 مليون دينار، أي أن نسبة الزيادة 16%.

وكما هو معروف، فإن الأردن هو ثاني أكثر بلدان العالم فقرا في مصادر المياه، وموارد المياه المتجددة في الأردن تبلغ أقل من 100 متر مكعب للفرد، وهي أقل بكثير من حصة الفرد عالميا والتي تبلغ 500 متر مكعب وتدل على نقص شديد في المياه.

وفقاً لعمرو، فإن الأردن يواصل تقدمه الزراعي وينجح بالفعل في تصدير ربع إنتاجه الموسمي، وتبلغ كمية الإنتاج الزراعي 2.5 مليون طن سنوياً، لأكثر من مئة دولة رغم أننا الأفقر مائياً وهذا الإنتاج بأغلبيته يذهب إلى دول الخليج العربي، وكذلك للدول الأوروبية من خلال الشركة الأردنية الفلسطينية لتصدير المنتجات الزراعية.

تعتبر الأسمدة والفواكه والخضار الطازجة والمبردة أهم صادرات القطاع الزراعي، وبالنسبة للتحديات فمن المهم القول إن الأردن يقع في منطقة ملتهبة وهذا أثر على تواجدنا في الأسواق، أما تحديات قطاع الزراعة هو شح المياه، حصة المواطن من المياه قليلة جداً، ومع ذلك لدينا اكتفاء ذاتي باحتياجاتنا الغذائية بنسبة 61%، وكميات الخضروات التي نستوردها هو 8 آلاف طن وهو رقم قليل، نستورد الفواكة في غير مواسمها حوالي 170 الف طن.

ولفت عمرو في انّ "القطاع الزراعي في المملكة له بعد اقتصادي واجتماعي، فهو مصدر لدخل حوالي 80 ألف أسرة في الأرياف والبوادي، وساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي بعدد من المنتجات مثل الخضار، الفاكهة ، لحوم الدواجن، زيت الزيتون، بيض المائدة، في حين أن الكثير من المنتجات مثل القمح والشعير واللحوم الحمراء مازالت تعتمد عليها من أسواق الاستيراد".

وزارة الزراعة أطلقت الخطة الوطنية للزراعة المستدامة منذ عام 2022 إلى عام 2025، لبحث الحلول من التغيرات المناخية ومحدودية موارد المياه إلى ضعف البنية التحتية للتسويق الزراعي وضعف منظمات المزارعين وتعدد مراجعهم وغيرها من قضايا.

ووفرت طائرات لتصدير المنتجات الزراعية، حيث سيّرت أول طائرة إلى هنغاريا محملة بمنتجات الشركة الأردنية الفلسطينية في العام 2024، التي أنشئت لتسويق المنتجات الزراعية عام 2021.

واستعادت الحكومة وفتحت 36 سوقا أوروبية وعالمية للصادرات وزيادة المحاصيل التعاقدية مع المزارعين حسب الطلب من هذه الأسواق، كما زادت منافسة المنتج المحلي في الأسواق الخارجية.

عند سؤال المزارع الأردني الجعافرة، عن مستقبل المزارعين المحيطين به، قال: "أنا مطلع على أدوات زراعية حديثة ولكني لم أتمكن من جلبها لأرضي، بسبب سعرها المرتفع، وأغلب المزارعين مازالوا يزرعون وفقاً للطرق القديمة التي ورثوها عن عائلاتهم بعيداً عن التخطيط والاستعانة بالأدوات الحديثة وهذا يهدد الانتاجية بدون شك ويهدد بقاء الزراعة على المدى الطويل".

فيما يقول مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين، محمود العوران إنّ التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في الأردن كثيرة، ولكن الثالوث الذي يقف في طريق تنمية هذا القطاع هي "التغيرات المناخية، والتشريعات والقوانين المنظمة للعمل الزراعي والأحداث الجيوسياسية".

ويبين العوران لبلينكس أنّ المزارعين في الأردن يعتمدون على الهطولات المطرية بشكل عام، وتذبذب هذه المعدلات وعدم انتظامها، وظهور عدم الاستقرار الجوي منذ خمس سنوات، وفي الوجه الآخر يظهر خيار الانحباس المطري مما يعني الجفاف وهنا تتأثر المحاصيل الحقلية الاستراتيجية مثل القمح والشعير والزيتون، لا سيما أن حجم الانتاج يبلغ فقط 2% من احتياجات القمح والشعير، وهذا بمجمله يؤثر على الانتاج الزراعي.

ويلفت العوران إلى أنّ الارتفاع في درجات الحرارة بما يقارب 10 درجات مئوية، ولفترات طويلة، والانخفاض الزائد في درجات الحرارة في فصل الشتاء إلى ما دون الصفر، يؤدي إلى تلف المحاصيل، فالتغيرات المناخية أمر في غاية الأهمية ولها تداعيات كثيرة.

ويخشى المزارعون فقدان مشاركتهم في أسواق الخليج وأوروبا الشرقية، خاصة أنّ الدول الأخرى كلفة الانتاج لديها أقل، وأمام الوضع الاقتصادي العالمي وتدني دخل الفرد وضعف القوة الشرائية، لم تعد الجودة هي المعيار الوحيد، ونتيجة تجربة كورونا فإن العديد من الدول بدأت بالإنتاج والتركيز على الأمن الغذائي.