"الملايا" و"الحايك" يزينان المرأة الجزائرية منذ قرون

يقول المهتم بالتراث الجزائري محمد دومير في حديث مع بلينكس إن "الحايك هو السترة التي سترت أمهاتنا وجداتنا عبر التاريخ".

ولفت إلى أن أقدم توثيق تاريخي للحايك كان عام 1663 من كتاب "Histoire générale des TVRCS" الذي تحدث عن ارتداء المرأة الجزائرية قطعة قماش كبيرة جدا تكون بيضاء أو سوداء أو بنفسجية اللون، وتقوم بضمها بيدها ناحية الوجه أو الفم، وتغطي جبهة المرأة، ويكون لباساً طويلا يتعدى أرجل المرأة.

يضيف دومير أنه في كتاب آخر أقدم من المصدر التاريخي الأول بـ80 عاما بعنوان "طوبوغرافيا وتاريخ الجزائر"، الذي كتبه الأسير الإسباني آنذاك في الجزائر العاصمة "دييغو دياييدو" بين عامي 1578 و1581 يتحدث عن نساء الجزائر.

مما يذكره "أنهن يخرجن من منازلهن مرتديات أغطية ناصعة البياض تصل إلى الكاحل أو إلى أحذيتهم الجلدية السوداء، وهو ما يسمى عندهم في الجزائر بالحايك".

في كتاب بعنوان "العام الخامس للثورة الجزائرية" للفرنسي "فرانز فانون" ذكر بأن "الحايك يحدد بطريقة جد واضحة المجتمع الجزائري المستعمر".

وكانت المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد من بين المناضلات التي كن يرتدين "الحايك"، فلم يكن هذا اللباس التقليدي خلال فترة الاحتلال الفرنسي مجرد سترة نسوية بل "أحد الأسلحة الذكية للثورة الجزائرية عندما كانت النساء تحمل تحته حقائب القنابل"، وهو ما أشار إليه "فرانز فانون" في الكتاب ذاته.

أما سليمة صمادي وهي رئيسة جمعية تراثية للنسيج التقليدي في الجزائر العاصمة، فقد قدمت لبلينكس معلومات أخرى عن "الحايك"، من بينها التسميات المختلفة لهذا اللباس التقليدي من منطقة جزائرية لأخرى.

وقالت إنه يسمى في العاصمة وشرق الجزائر "الحايك"، وبعض مدن وسط البلاد "السفساري"، وفي جنوب الجزائر يطلقون عليه تسمية "المحلفة"، أما في المحافظات الغربية فيسمى "الكساء".

ليس هذا فقط بحسب سليمة، فقد تبين أيضا أن لـ"الحايك" أنواع مختلفة، وذكرت من بينها "حايك المْرَمَّة" وكان منذ عدة قرون "لباساً فاخرا خاصاً بالعائلات الغنية والأرستقراطية" ويتم نسجه من الحرير والكتان والصوف وتشتهر به العاصمة الجزائرية.

واستنادا إلى بعض الأبحاث التاريخية فإن أصل تسمية العاصمة الجزائرية بـ"الجزائر البيضاء" في القرون الماضية إلى "أنه كان اللباس الموحد لنساء العاصمة".

صمادي تحدثت أيضا عن "السفساري" الذي قالت إنه مصنوع من الحرير والقطن، أما "العشعاشي" فيتميّز بلونه الأصفر.

ولفتت إلى أن "الحايك" بدأ "يصارع البقاء" منذ التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها الجزائر نهاية سبعينيات القرن الماضي، وذكرت بأنه بقي منذ تلك الحقبة "خاصا بالمرأة التقليدية".

لكنها أشارت في المقابل إلى أن هذا اللباس التقليدي لازال عند "العرائس"، وأشارت إلى أن كثير من عرائس الأجيال الحالية "يفضلن يوم زفافهن الخروج من منزلهن وللدخول إلى منزل أهل العريس أن يرتدين الحايك فوق الفستان الأبيض"، وتقول إنهن "يعتبرن ذلك بركة وفأل خير عليهن".

"الملايا" لباس تقليدي تشتهر به معظم محافظات شرق الجزائر، هو لباس أسود اللون يتكون من الجلباب و"العجار" الأبيض الذي يحجب وجه المرأة كما هو الحال في "الحايك".

وتذكر نصيرة سليماني لبلينكس وهي من محافظة قسنطينة، أن رواية تاريخية "حقيقية" تجيب عن سر سواد "الملايا"، وهي قصة حزن على مقتل "صالح باي" الذي كان يشغل منصب "بايلك الشرق" لمدة 21 عاما منذ أكثر من 3 قرون.

ومما تسرده الرواية التاريخية، بحسب نصيرة، أنه بعد مقتل صالح باي اقتدت نساء قسنطينة بابنة الحاكم المقتول عندما ارتدت سترة سوداء حدادا على والدها وتعبيرا منها عن حزنها، ومنذ ذلك الوقت تحول إلى لباس تقليدي للمرأة الجزائرية، رغم أنه بات نادرا، وفق ما أكدته السيدة نصيرة.