بلح البحر البلجيكي يحارب نظيره الهولندي

يُعد تناول بلح البحر تقليدا شائعا في بروكسل، لكن ما قد يفاجئ كثرا هو أن هذه الرخويات التي يستمتع بها الزوار، ليست من مصادر محلية في بلجيكا بل مستوردة من دول مجاورة. لكنّ الحال بدأت تتغير، إذ أخذت مجموعة سوبرماركت بلجيكية مبادرة إنتاجها ويبدو أن مساعيها تؤتي ثمارها.

قبالة ساحل نيوبورت، قرب الحدود الفرنسية، ترفع رافعة شبكة من الحبال مليئة ببلح البحر إلى قارب، وهي جزء من شبكة طولها 12 كيلومترا أنشأتها مجموعة Colruyt عام 2023.

وتأمل الشركة في أن ينمو هذا النشاط غير المسبوق في بلجيكا، خصوصا لمواجهة هيمنة بلح البحر الهولندي في السوق المحلية.

إنتاج بلجيكي لبلح البحر

يحكي ستيين فان هويستنبرغ الذي اصطحب فريقا من وكالة فرانس برس إلى مزرعة بلح البحر التي يديرها "نحصد طنا في 4 ساعات تقريبا، مع عمل 4 أشخاص. نسعى إلى أن نحصد في المستقبل 3 أو 4 أطنان يوميا".

وأضاف أن Colruyt تعوّل هذا العام على جمع محصول مقداره 50 طنا، بزيادة من 6 أطنان العام الماضي، و"ربما 200 طن" في العام 2025.

ما هي مصاعب حصاد بلح البحر؟

أقرّ فان هويستنبرغ بأن العمل ليس سهلا بسبب التيارات البحرية القوية والعواصف والملاحة البحرية الكثيفة في المنطقة، في مشهد مختلف تماما عن مصب نهر شيلدت حيث ينمو بلح البحر "زيلاند" الشهير في جنوب هولندا التي تزوّد معظم السوق الأوروبية.

ويحكي جيروم مالفي، خبير الأحياء البحرية في جامعة يو سي لوفان البلجيكية "الجزء الهولندي من الدلتا عبارة عن منطقة محمية ضخمة، ما يجعل من السهل إنشاء مزارع بلح البحر مقارنة بالبحر المفتوح".

وأضاف أن إقامة المزيد من مزارع بلح البحر قبالة الساحل البلجيكي الذي وصفه مالفي بأنه "طريق سريع للقوارب"، أكثر صعوبة بسبب توربينات الرياح البحرية ونشاط الصيد بشباك الجر.

ويقدّر الخبراء أن بلجيكا، وهي إحدى أكبر الدول المستهلكة لبلح البحر في أوروبا إلى جانب إسبانيا وفرنسا والدنمارك، تحصل على أكثر من 90٪ من بلح البحر من المنتجين الهولنديين.

هل المحار هو بلح البحر؟

المحار وبلح البحر نوعان من المأكولات البحرية يختلفان في الشكل والمظهر والموطن والنظام الغذائي والاستخدامات.

المحار يتميز بقوقعة مستديرة وغير منتظمة، ويعيش في المياه المالحة والسواحل، ويتغذى عن طريق ترشيح الماء وأخذ الجزيئات العضوية والبكتيريا، وغالباً ما يُستخدم في الأطباق الفاخرة ويمكن تناوله نيئاً أو مطهواً.

في المقابل، بلح البحر له قوقعة ملساء وأطول وأضيق، ويعيش في المياه المالحة أو العذبة، ويتغذى على العوالق والنباتات الميكروسكوبية، ويُستخدم بشكل واسع في الأطباق المتوسطية والأسيوية وغالباً ما يُطهى على البخار أو يُشوى.

كلاهما يمكن زراعته في المزارع البحرية أو جمعه من البرية.

منتج "مستدام"

رغم التقدم الذي أحرزته، فإن لمجموعة Colruyt طموحات أكبر إذ إنها تلبي في أفضل الأحوال الآن، ما نسبته 1% فقط من حاجات بلجيكا حيث يستهلك 20 ألف طن من بلح البحر سنويا. وأكدت الشركة وجود "مجال للنمو".

في الوقت الراهن، يُسلَّم بلح البحر "البلجيكي بنسبة 100٪" الذي تنتجه شركة Colruyt، إلى ٤ من متاجرها وحوالي 15 مطعما في بلجيكا. وأكدت أن منتجها سيكون "مستداما" لأنه يستزرع على حبال مصنوعة من شباك صيد قديمة معاد تدويرها.

أفضل وقت لتناول بلح البحر

يُعد بلح البحر من المأكولات الموسمية، وأفضل وقت لتناولها، وفق الخبراء، هو عندما تنمو في الحجم واللحم، عادة من سبتمبر إلى ديسمبر.

وفي ساحة بروكسل التاريخية، وهي مقصد سياحي رئيسي في بلجيكا، يقول صاحب مطعم لوكالة فرانس برس إنه يقدم الطبق التقليدي الشهير المتمثل في بلح البحر والبطاطا المقلية على قائمته طوال العام. ومثل زبائنه، يأتي بلح البحر من أنحاء أوروبا.

وأوضح جان-فيليب بوسمان، صاحب مطعم "لو روي ديسبانييه"، "هناك العديد من الأشخاص الذين يتناولن بلح البحر هنا... لذلك لدينا بلح البحر "زيلاند" بين يونيو وفبراير، وبعدها لدينا بلح البحر الدنماركي وحتى بلح البحر الألماني، حسب الطلب".

ويوضح أن "وجود منتج محلي أمر جيد، لكنهم سيحتاجون إلى إمدادنا بالكميات التي نريدها في الوقت المحدد... وهذا أمر أكثر تعقيدا".