آسيا تعرف أمجاده.. كيف انتفض الأهلي السعودي؟
أضاف فريق الأهلي السعودي أول ألقابه القارية إلى "قلعة الكؤوس"، بعد أن تُوج بطلا لمسابقة دوري أبطال آسيا للنخبة لكرة القدم 2024-2025، ليُكلل مجهودات كبيرة على مدار الموسم الحالي.
توّج الأهلي مسيرة مميزة بدأها في المجموعة الموحدة وفقا للنظام الجديد، باحتلاله الوصافة خلف مواطنه الهلال بفارق الأهداف ومن دون خسارة، وأنهاها بانتصارات مدوية، أبرزها على الهلال نفسه المتوج بـ4 ألقاب قياسية، في الأدوار الإقصائية التي استضافتها جدة.
وبعد فوزه المريح على كاواساكي فرونتال الياباني في النهائي (2-0)، وأمام قرابة 60 ألف متفرج ضجت بهم مدرجات ملعب الإنماء، تربع الفريق الجداوي، حامل لقب الدوري المحلي 3 مرات والذي تأسس عام 1937، على العرش القاري في البطولة التي حلّ فيها وصيفا مرتين سابقا (1986، 2012).
يعكس تتويج "الراقي" باللقب القاري نجاحا استثنائيا لمسيرة قادها المدرب الألماني الشاب ماتياس يايسله (37 عاما) الذي عرِف كيف يصعد بفريقه، الخامس في ترتيب الدوري المحلي، إلى عرش المجد الآسيوي.
تجاوز يايسله الترشيحات التي كانت تصب لمصلحة نظيريه، الهلال بطل الدوري المحلي، والنصر المُرّصع بالنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، أفضل لاعب في العالم 5 مرات، ومتصدر هدافي دوري روشن بـ 23 هدفا.
وبـ12 انتصارا وتعادل وحيد، شقّ الأهلي طريقه مؤازرا بقاعدة جماهيرية لم تخذله، تحديدا في المباريات الإقصائية في جدة، راسمة لوحات الـ "تيفو"، ومطلقة الأهازيج، وبادلها هو بأداء رفيع حظي بإعجاب الجميع.
لكن الأهلي، بحسب أحمد عيد، أحد أبرز رموزه التاريخيين، ليس غريبا عن البطولة القارية، حيث قال لوكالة "فرانس برس": "كنا أول فريق سعودي يُدعى إلى المسابقة (بنظامها القديم) عام 1972، لكننا اعتذرنا عن عدم المشاركة بسبب مشاركة فريق إسرائيلي وقتها (مكابي نتانيا)، قبل أن تُلغى النسخة بالفعل بعد انسحاب معظم الفرق للسبب عينه" .
ويتابع حارس مرمى الأهلي سابقا: "حلّ الفريق وصيفا أيضا مرتين، خلف جيف يونايتد تشيبا الياباني عام 1985، وكنت وقتها رئيسا للنادي، وعام 2012 عندما خسر النهائي أمام أولسان هيونداي الكوري الجنوبي 0-3".
ويقّر عيد (76 عاما)، وهو أول رئيس للاتحاد السعودي بالانتخاب، خلفا للأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود، بأن "التوقعات كانت تصب لمصلحة الأندية السعودية الثلاثة، بالترتيب الهلال ثم النصر ثم الأهلي، لكن الأهلي ظهر بمستوى مغاير منذ بداية البطولة القارية" .
يشيد عيد أيضا بالدعم الحكومي الذي تلقاه الفريق فضلا عن دور يايسله، وقال: "أدرك المدرب أن الفريق يحتاج إلى نوعية معينة من اللاعبين، لذا وجّه الفريق بشكل صحيح ونجح في ملامسة النتائج المطلوبة".
ومنذ يونيو 2023، يستحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودية على 75% من ملكية أندية الأهلي والهلال والنصر والاتحاد.
وبدوره، يتفق محمد شلية، أحد نجوم الأهلي السابقين مع عيد، وقال "الهدف كان واضحاً منذ البداية، وهو لقب دوري أبطال آسيا للنخبة" .
لكن شلية (50 عاما)، والذي اختير أفضل لاعب سعودي في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، يعتبر أن "الجمهور الأهلاوي هو عراب البطولة القارية".
يشرح الظهير السابق: "استمرار يايسله منح الاستقرار للفريق، الذي يعتبر هو الأساس في تحقيق اللقب القاري".
وأكمل: "في منتصف يناير الماضي، وعقب الخسارة أمام الخلود في الدوري، كان الجمهور هو عراب بقاء يايسله، بعدما وقف بوجه الإدارة ضد قرار الإقالة المحتمل من خلال التجمع أمام أسوار النادي معترضا على التفكير حتى بإقالته".
وعن تلك الفترة التي تردد بها اسم المدرب الإيطالي ماسيميليانو أليغري كمرشح قوي، يقول أحمد عيد "لا أعتقد أن أي عاقل كان يقبل برحيل المدرب، من طالب بذلك وقتها لا يفقه شيئا بكرة القدم".
وبدا لافتا حينها وعند استقرار الأمور، إشادة مدرب ريد بول سالزبورغ النمساوي السابق بجمهور الأهلي، مبيّنا سعادته وتقديره للقيم الإيجابية التي يتحلى بها هذا الجمهور.
وعن سر التفوق تحديدا على الهلال، الخبير قاريا، بعد مباراة مشهودة، يعتبر النجم الدولي السعودي سابقا أن "يايسله قرأ الخصم جيدا، وعدّل في طريقة اللعب بما يتناسب مع المباراة عكس (البرتغالي جورجي) جيسوس الذي أفلس فنيا" وفقا لرأيه.
إنتركونتيننتال والدوري السعودي
يرتب الفوز القاري الأول مسؤوليات مستقبلية كبيرة على النادي الجداوي بحسب عيد، الذي قال: "هذا اللقب قرّب الأهلاوية من بعضهم البعض، والتف الجميع حول النادي لتحقيق المزيد من الإنجازات".
واعتبر أيضا أن "الهدف المقبل والأهم سيكون بطولة كأس القارات للأندية (إنتركونتيننتال) التي ضمِن الأهلي مشاركته فيها فضلا عن كأس العالم للأندية 2029، بجانب النسخة المقبلة من دوري أبطال آسيا للنخبة".
وفيما يرى شلية الذي حقق كأس آسيا 1996 بقميص الأخضر، أن الثلاثي الجزائري رياض محرز، والبرازيليين روبرتو فيرمينو وروجر إيبانيز كانوا أفضل نجوم الفريق في البطولة، يعتبر أن المشاركة في كأس القارات تتطلب بعض التعديلات على اللاعبين المحترفين من خلال استبدال التركي ميريح ديميرال والإسباني غابري فيغا.
وعلى قاعدة "رب ضارة نافعة"، يؤكد عيد أن هبوط الأهلي في موسم 2021-2022 إلى الدرجة الأولى لم يكن عثرة بل كان دافعا قويا لتقديم أجمل العروض، وهو ما تُرجِم في احتلال المركز الثالث المؤهل قاريا في الموسم الأول بعد الصعود لدوري المحترفين.
ويؤكد شلية أن الفريق الذي فقد الأمل بإحراز اللقب هذا الموسم بابتعاده 10 نقاط عن جاره الاتحاد المتصدر، يجب أن يضع حصد لقب الدوري، الغائب عن خزائنه منذ موسم 2015-2026، نصب عينيه، داعيا إلى المحافظة على فيرمينو وإعادته إلى القائمة المحلية بعد المستوى المميز الذي أظهره قاريا.