صحة

أسرار الجهاز الهضمي كشفتها "رحلة حول الأمعاء"

نشر
Heba Alhamarna
 & 
تختلف استجابة الجهاز الهضمي في الجسم تجاه الأغذية والمأكولات التي يتناولها الإنسان من فرد إلى آخر.
فتجد البعض لا يعانون أي مشكلة في هضم المأكولات الدسمة أو الدهنية، وتجد آخرين يشكون من الحموضة الزائدة مثلا أو من أوجاع في المعدة وانتفاخات في القولون عند تناول اللحوم أو البقوليات على سبيل المثال، وقد يسبب تناول السكريات أو النشويات مشكلة لدى البعض، وتؤدي الألبان إلى اضطراب في الهضم لدى آخرين.

لماذا يختلف الأمر من شخص لآخر؟

يقول الأطباء واختصاصيو الجهاز الهضمي إن هذه الاختلافات تعود في حقيقة الأمر إلى تباين بيئة القناة الهضمية من شخص لآخر، وكذلك التركيبة المختلفة للميكروبيوم، ويقصد به أنواع الميكروبات والبكتيريا والفطريات التي تعيش بشكل طبيعي داخل الجهاز الهضمي، وتساعد في عملية الهضم.

تجربة "الباص العجيب"

في تجربة علمية غير مسبوقة، تشبه رسوم الأطفال الباص العجيب الذي يدور في جسم الإنسان لاكتشافه، قام بها فريق من العلماء من جامعة كوبنهاغن في الدنمارك، تم إطلاق رحلة باستخدام كبسولة داخل الجهاز الهضمي لمجموعة من المتطوعين بهدف استخلاص النتائج بشأن تأثير اختلاف التركيبة الداخلية للقناة الهضمية على آلية الهضم وامتصاص الغذاء والاستفادة من المغذيات في جسم الإنسان.
وكذلك معرفة أسباب اختلاف الاستجابة تجاه الأصناف الغذائية نفسها من شخص إلى آخر، وذلك حتى يتسنى التوصل إلى حلول طبية لكثير من مشكلات الجهاز الهضمي وكذلك تقديم مجموعة من التوصيات لتحسين آلية الهضم بشكل عام.

كيف جرت التجربة؟

في إطار التجربة العلمية، ابتلع 50 متطوعا كبسولة بحجم عقلة الإصبع أثناء تناول وجبة الإفطار.
وكانت وجبة الإفطار القياسية تتكون من:
  • قطعة خبز مع المربى والزبدة.
  • بيضة مسلوقة ومقدار من الزبادي.
  • بضع حبات من المكسرات.
  • ثمار التوت.
  • كوب من الماء.

رحلة كبسولة

سافرت الكبسولة عبر المعدة مرورا بالأمعاء الدقيقة، ومنها إلى الأمعاء الغليظة، وخرجت مع البراز بعد فترة تتراوح ما بين 12 و72 ساعة حسب كل شخص.
وتم خلال الرحلة جمع بيانات عن:
  • الحرارة.
  • الضغط.
  • مستويات الحموضة داخل القناة الهضمية.
وكان أول ما لاحظه الباحثون الاختلافات الكبيرة في بيئة الجهاز الهضمي من شخص لآخر، وكذلك تباين سرعة تحرك الكبسولة داخل القناة الهضمية حسب كل متطوع.
ويقول الباحث هنريك روجار الأستاذ المساعد بقسم التغذية والتدريبات البدنية والرياضة بالجامعة، وهو رئيس فريق الدراسة: "وجدنا على سبيل المثال أن وصول الكبسولة إلى الأمعاء الدقيقة استغرق ساعتين لدى البعض، و10 ساعات لدى آخرين.. بما أننا نعرف بالفعل أن معظم المغذيات يتم امتصاصها داخل الأمعاء الدقيقة، فإن اختلاف زمن الرحلة في الأمعاء الدقيقة يؤثر على الأرجح في حجم المغذيات التي تُمتص، والكمية التي تمر إلى الأمعاء الغليظة بعد ذلك حيث تبدأ عندئذ مهمة بكتيريا الأمعاء".
وفي الدراسات العلمية السابقة، كانت دراسة نشاط القناة الهضمية تتم عن طريق تحليل عينات البراز ودراسة طبيعة الوجبات الغذائية لكل مريض، أما الكبسولة فهي تقدم وسيلة أكثر دقة وديناميكية لفهم تأثير المتغيرات المختلفة على عملية الهضم.
ويوضح روجار: "الكبسولة تعني أننا يمكننا جمع معلومات لتفسير سبب اختلاف طريقة الهضم من شخص لآخر عن طريق دراسة تركيبة القناة الهضمية وحركة الأمعاء على سبيل المثال، مما يوفر قدرا أكبر من البيانات مقارنة بما نحصل عليه عند تحليل البراز أو دراسة طبيعة الوجبات الغذائية لكل شخص".

الحموضة في المعدة

لدى وصولها إلى المعدة في أول محطات الرحلة، تُسجل الكبسولة نسبة الحموضة، لأن أحماض المعدة هي التي تفكك الغذاء قبل انتقاله إلى الأمعاء الدقيقة في المحطة الثانية، حيث يتم إفراز مادة البيكربونات التي تعادل الحمض وتساعد في امتصاص المغذيات.
وفي ثالث محطات الرحلة، تصل الكبسولة إلى الأمعاء الغليظة لمراقبة عملية التخمر باستخدام بكتيريا الهضم. وتفرز البكتيريا أحماضا دهنية في الجزء العلوي من القولون. وترتفع نسبة الحموضة مجددا مع تحرك الغذاء داخل الأمعاء الغليظة، قبل أن تعمل جدران الأمعاء على امتصاص الأحماض الدهنية، ويتغير نشاط البكتيريا التي تساعد على الهضم.
ويحكي روجار: "توصلنا إلى أن معدل الحموضة يلعب دورا رئيسيا في نمو ونشاط بكتيريا الهضم، وهو ما يفسر أسباب اختلاف الميكروبيوم من شخص لآخر".
وأضاف: "لقد كنا نفترض دائما أننا جميعا نهضم ونمتص الغذاء بنفس الطريقة إلى حد كبير، ولكن الرحلة الأخيرة عبر الأمعاء أثبتت أن كل إنسان هو كائن فريد من نوعه فيما يتعلق بعملية الهضم".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة