بعد تحوله إلى وباء في المغرب.. لماذا ترتفع إصابات "بوحمرون"؟
لاتزال السيدة فاطمة التي تسكن مدينة الفنيدق شمال المغرب، تحت تأثير صدمة وفاة طفلتها الوحيدة التي فارقت الحياة منذ شهر بسبب مضاعفات داء الحصبة، المعروف في المغرب باسم "بوحمرون"، والذي بلغ مرحلة الوباء كما أعلنت السلطات الصحية.
ووفق أرقام وزارة الصحة المغربية
سجلت المملكة 120 حالة وفاة و25 ألف إصابة بالمرض منذ أكتوبر 2023.
وفي الساعات الـ48 الأخيرة، لا حديث في المغرب غير خبر انتشار الحصبة، رغم توفر اللقاح بشكل مجاني بجميع المستوصفات والمستشفيات والمراكز الصحية.. فماذا نعرف عن انتشار المرض في المغرب؟ ولماذا ترتفع حالات الإصابة به؟
قالت الحكومة المغربية الخميس إن تراجع تلقي اللقاحات الطبية في السنوات التي أعقبت جائحة كورونا وانتشار المعلومات المغلوطة تسببا في عودة داء الحصبة وانتشاره في المغرب خاصة بين الأطفال.
وقال مصطفى بايتاس المتحدث الرسمي بإسم الحكومة المغربية اليوم في المؤتمر الصحفي الذي يعقب اجتماع مجلس الحكومة الأسبوعي "لوحظ عودة لداء الحصبة في بلادنا، وتسارع في ارتفاع الحالات".
وأضاف أن أسباب انتشار الداء "في طليعتها تراجع التلقيح في السنوات الأخيرة، خاصة السنوات التي أعقبت جائحة كورونا، هذا واحد من الأسباب الكبيرة".
وأضاف "السبب الثاني يعود إلى انتشار المعلومات المغلوطة التي تخيف المواطنين من التلقيح"، معتبرا أن "أحسن طريقة لمحاربة هذا النوع من الفيروسات هو التلقيح، خاصة التلقيح المبكر في السنوات الأولى".
الحصبة تخطف أرواح الصغار واللقاح متوفر
السيدة فاطمة التي فقدت طفلتها تقول لبلينكس، إن
داء الحصبة أو "بوحمرون": "غفلني.. وسرق روح أغلى ما أملك" وتتابع الأم متأسفة "لا أستطيع أن أغفر لنفسي عدم تطعيم طفلتي".
تحكي الأم أنها ليست ممن يرفض فكرة تطعيم أطفالها بل إنها لم تنتبه إلى موعد تلقيح الطفلة ضد هذا الداء، فالأطفال الرضع يتلقون هذا التلقيح في المغرب بشكل مجاني بجميع المستوصفات والمستشفيات والمراكز الصحية.
لكن فاطمة التي تسكن بعيدا عن مركز المدينة، فاتها موعد تلقيح طفلتها الراحلة، وفق كلامها.
وخلال شهر نوفمبر لاحظت الأم أعراض المرض على الصغيرة، وتقول في هذا الصدد "ظننت في البداية أنه مجرد عدوى بسيطة، وستشفى منها كأي مرض عادي". وتتابع "لكن وضعها كان يزداد سوءا وبعد أن نقلناها للمستشفى كان الأوان قد فات"، وفارقت الطفلة التي لم تتجاوز بعد السنتين من عمرها الحياة متأثرة بالداء.
على عكس فاطمة، ورغم تلقيهم اللقاحات، تقول السيدة حياة التي أصيب أطفالها الثلاثة بالداء، إنهم سريعا ما تماثلوا للشفاء بفضل اللقاحات التي تلقوها في الأشهر الأولى من أعمارهم، بحسب تصريحها لبلينكس.
وتقول إن أطفالها أصيبوا بالداء بعد أن انتشرت العدوى بكثرة خلال الأسابيع الماضية بمدينة شفشاون شمال المغرب، لكنها "عبرت أجسادهم كأنها سحابة".
لماذا ترتفع حالات الإصابة؟
تعود أسباب ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة إلى تراجع نسب التطعيم ضد هذا المرض، وفق ما يقوله الخبراء.
وفي حديثها مع بلينكس، قالت خديجة المالكي، صيدلانية مطلعة على واقع التلقيح بالمغرب، إن "هناك تراجعا في التلقيح ضد بوحمرون منذ جائحة كورونا". وتقول المالكي إنه تزامنا مع انتشار كورونا انصب اهتمام السلطات الصحية على التطعيم ضده، وهو الأمر الذي أدى إلى تهميش التوعية بالأمراض الأخرى، وفق كلامها.
ومن جهة ثانية توضح الصيدلانية أن هناك عائلات أخرى عاشت ما يسمى بـ"التردد اللقاحي"، وهو ما تشرحه بكونه "حالة من فقدان الثقة في كل اللقاحات بعد فيروس كورونا".
ولذلك تراجعت نسب تلقيح الأطفال الرضع ضد داء الحصبة، الذي من المفترض أن يتلقى الرضع جرعته الأولى في شهرهم الـ 9 فيما يتلقون جرعته الثانية في الشهر الـ 18.
نفس هذا الكلام أكده وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي في جلسة استماع بالبرلمان، إذ قال إن تفشي الداء راجع إلى الفترة التي تلت انتشار فيروس كورونا.
أين ينتشر داء الحصبة في المغرب؟
ما تزال المعطيات غير متوفرة بشأن الخريطة الوبائية لداء الحصبة، لكن مصدرا من وزارة الصحة المغربية، فضل عدم الكشف عن اسمه، صرح لبلينكس أن جهة الشمال تعرف إصابات مرتفعة. بينما صرح وزير الصحة والحماية الاجتماعية، في مجلس المستشارين المغربي أن الداء بدأ بالانتشار من منطقة سوس ماسة وسط المغرب لينتقل إلى كل مناطق البلاد.
المندوبية العامة لإدارة السجون، أعلنت خلال اليومين الماضيين عن رصد أكثر من 40 حالة إصابة تتوزع بمختلف المؤسسات السجنية بالمملكة، وأوضحت أن الرقم الذي تم تسجيله يخص الموظفين والنزلاء على حد سواء.
وأكدت أن المصالح الصحية المختصة نجحت بتطويق هذه الحالات واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير العلاجية التي ينص عليها البروتوكول الصحي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية في هذا الشأن.