ما الذي حصده الأتراك بعد 100 عام من أتاتورك؟

يظل الجدل بين العلمانيين والمحافظين أحد أكثر الانقسامات الثقافية إثارة للجدل في تركيا. مع بداية الجمهورية الحديثة، تصور أتاتورك، الأب المؤسس للدولة، أن الدولة العلمانية شرط أساسي للحداثة.

ولترسيخ مبادئ العلمانية، فرض أتاتورك حظرا على الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة، كما فرض قيوداً على التعليم الديني، واعتمد سياسات ليبرالية بشأن الكحول، بل وحوّل المسجد الإمبراطوري العثماني الرئيسي، آيا صوفيا، إلى متحف.

خلال حكم أردوغان، تم التراجع عن كل هذه السياسات التي تعكس العلمانية وباتت البلاد تسير نحو المحافظة من خلال افتتاح الوظائف الرسمية بالصلاة ومنح مديرية الشؤون الدينية ميزانية تفوق معظم الوزارات، والزيادة في عدد المدارس الدينية، فضلا عن إعادة مسجد آيا صوفيا إلى وظيفته السابقة.

يقول سونر كاغابتاي، الخبير في شؤون تركيا في معهد واشنطن، لوكالة أسوشيتدبرس، إن أتاتورك وأردوغان يشتبهان في أسلوبهما السياسي الذي يركز على الحكم من أعلى إلى الأسفل، لكن قيمهما تختلف وتكاد أن تكون متناقضة.

استطاعت تركيا الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في عام 1952 وهي مرشحة رسميا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على الرغم من أن مفاوضات العضوية وصلت الآن إلى طريق مسدود.

ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، تبنت تركيا سياسة خارجية أكثر حزماً تهدف إلى توسيع نفوذ أنقرة على المستويين الإقليمي والعالمي.

ومن المرجح أن تضع هذه الدبلوماسية المستقلة الجديدة تركيا في مواجهة المصالح الغربية بقدر ما ستنحاز إليها، بحسب وكالة أسوشيتدبوس.

وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، قررت كل من السويد وفنلندا التخلي عن حيادهما الذي دام لفترة طويلة والانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

ومع ذلك، أصبحت تركيا الممانع الرئيسي ضد عضوية السويد متهمة إياها بالتساهل أكثر مما ينبغي تجاه حزب العمال الكردستاني وغيره من الجماعات المحظورة من قبل تركيا.

وتمتد سياسة تركيا الخارجية أيضًا إلى علاقاتها مع روسيا، الشريك التجاري الرئيسي. وبينما اتخذت معظم دول الناتو موقفاً قوياً ضد موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، حافظت أنقرة على علاقات وثيقة حتى مع معارضتها للحرب.

وفي حين يعيق عدم الانحياز التركي تماسك حلف شمال الأطلسي، فإنه يضعها في وضع فريد حيث يمكنها العمل كوسيط في الصراعات العالمية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا.

ويرى كاجابتاي أوجه تشابه بين أهداف أتاتورك وأردوغان المتمثلة في الرغبة في تحويل تركيا إلى قوة عظمى. لكن في حين قرر أتاتورك تبني وتقليد سياسات القوى الأوروبية في ذلك الوقت، يرى أردوغان أنه من الممكن بناء دولة قوية بطريقته.

واجهت تركيا حظرا على الأسلحة بعد غزوها لقبرص عام 1974 عقب انقلاب أنصار الاتحاد مع اليونان، وبسبب هجومها العسكري ضد الجماعات الكردية، كما تم طرد البلاد من برنامج الطائرات المقاتلة الذي تقوده الولايات المتحدة بسبب شرائها نظام دفاع صاروخي روسي، الأمر الذي أثار غضب حلفاء الناتو.

ومع ذلك، فإن القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة أصبحت أقل عبئا، بسبب صناعة الأسلحة المحلية المزدهرة في تركيا. ويؤكد المسؤولون الأتراك أن صناعة الدفاع التركية نمت من 20% من الإنتاج المحلي إلى 80٪، كما أصبحت تركيا أيضًا مصدرًا رئيسيًا للأسلحة، وأبرزها طائراتها القتالية بدون طيار المصنعة محليًا.

ساعدت إصلاحات أتاتورك وسعيه للتحديث في انتشال تركيا من الفقر المدقع الذي عانت منه عندما انهارت الإمبراطورية العثمانية. واليوم، أصبحت البلاد عضوًا في مجموعة العشرين دولة الأكثر تقدمًا.

كما بات عصر أردوغان مرادفاً لطفرة البناء بعيدة المدى، حيث ظهرت الطرق السريعة والجسور والأنفاق وخطوط الأنابيب والمطارات والمستشفيات وعدد لا يحصى من المساكن في جميع أنحاء البلاد. تعتبر هذه البنية التحتية الجديدة مصدر فخر وشرعية لحكومة أردوغان لدرجة أنه يتم طرحها بشكل متكرر خلال الحملات الانتخابية.

لكن الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وأدى إلى سقوط العديد من المباني جلب الكثير من الانتقادات إلى الحكومة تتهمها بالتراخي في مراقبة طرق البناء.

• انقلابات عسكرية وأزمات اقتصادية وتعاقب حكومات غير مستقرة.
• توتر في العلاقات الخارجية بسبب سياسة تركيا الخارجية.
• ترسيخ السلطة في يد الرئيس بسبب التحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
• ارتفاع معدل التضخم وتوقعات بتفاقمه بسبب تكاليف إعادة الإعمار.