لايف ستايل
.
"غير متوفر" أو UnAvailable، هو اسم أحد مصانع ماركات الأزياء بمدينة هو تشي منه الفيتنامية، يستمتع العمال هناك بخدمات المقهى المجانية وبدروس في اليوغا والرقص، إضافة إلى أنشطة شهرية كالبولينغ والكارتينغ.
تدخل كل هذه الامتيازات التي يوفرها هذا المصنع الحداثي ضمن استراتيجية للحفاظ على اليد العاملة الشابة التي أصبحت مصانع آسيا تواجه مشاكل كبرى في استقطابها والحفاظ عليها.
في هذا الشأن، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا يفيد أن نقص اليد العاملة في المصانع الآسيوية هو خبر غير سار بالنسبة للمستهلكين حول العالم الذين اعتادوا على "منتجات صديقة للجيب"، وكذلك للشركات الغربية التي تعتمد على العمالة الرخيصة في المنطقة لإنتاج سلع استهلاكية بأسعار معقولة.
واستجابة للوضع الجديد، تنقل الصحيفة عن البريطاني بول نوريس، مؤسس المصنع الفيتنامي، أنه على المستهلكين البدء في تغيير عاداتهم الاستهلاكية لأنه "لم يعد مكان بالعالم سيوفر لهم ما يريدون، بالطريقة التي اعتادوا عليها".
بحسب تجربته، يروي نوريس أن العمال باتوا يتسربون بشكل روتيني من برامج التدريب في شركته بالرغم من أنه غيّر بيئة العمل وجعلها أكثر مرونة ومناسبة لثقافة الشباب. ويضيف أن "الجميع يريد العمل في الترويج بالإنستغرام أو التصوير أو الأزياء أو في مقاهي".
هذه الأزمة التي تعرفها المصانع الفيتنامية ليست بالجديدة على مصانع الصين التي ظلت تواجه هذا المشكل منذ بضع سنوات الآن.
نشر موقع إينيشال تريدينغ إنيشياتيف عام 2018 تحليلا يفيد أن الصين تعاني من نقص في اليد العاملة، وتعزي منظمة صينية هذا النقص إلى تقاعد ما يقارب 20 مليون صيني كل سنة.
من جهة أخرى، يفيد استطلاع أجرته شركة الاستشارات سي أي أي سي ونقله موقع فويس أوف أميركا أن أكثر من 80٪ من الشركات المصنعة الصينية، والتي يقدر موقع ستاتيستا عددها بأكثر من 441 ألفا، تأثرت بانخفاض نمو اليد العاملة.
من بين هذه الشركات هاسبرو وماتيل. في هذا العام، أعلنت شركة تصنيع الألعاب هاسبرو، المعروفة بلعبة العجين، أن نقص العمال في فيتنام والصين أدى إلى زيادة في تكاليف الإنتاج. وتواجه شركة ماتيل، التي تصنع دمية باربي، نفس المشكل ما جعلها ترفع من أسعار منتجاتها أيضاً، وفق شبكة سي إن إن.
الأزمة التي تواجه الدول الآسيوية، تجسدها مشكلة "الجيل الجديد" الذي يعد أكثر تعلما من آبائهم ويرون أن حياتهم المهنية لا يجب أن تنحصر بين جدران المصانع. فيشير تقرير الوول ستريت جورنال إلى أن الجيل الشاب في آسيا لا ينجبون بالقدر الذي كان ينجب به آباؤهم، ما يجعلهم لا يشعرون بالضغط لكسب دخل ثابت في العشرينات من العمر.
كما يوفر قطاع الخدمات المزدهر، مثل موظفي الاستقبال في الفنادق والحسابات في المراكز التجارية ومراكز رعاية المسنين، خيارا جديدا للعمل، وهو أقل صعوبة من الوقوف لساعات أمام الأحزمة الناقلة للبضائع داخل المصانع.
اليد العاملة في آسيا تتجه نحو الوظائف غير التقليدية مثل العمل في قطاع الخدمات (المصدر أ. ب.)
فئة أخرى من الشباب قرروا العمل في قطاع الخدمات عبر تطبيقات مثل أوبر وغراب. ويقول نغوين آنه توان، الذي استقال من وظيفته كميكانيكي في مصنع لقطع غيار السيارات في ضواحي هانوي ليعمل كسائق دراجة نارية، أن التغيير كان مستحقا لأنه أصبح رئيساً لنفسه الآن.
لهذا السبب، نقلت بعض الشركات متعددة الجنسيات الإنتاج من الصين إلى دول مثل ماليزيا وإندونيسيا وفيتنام والهند، لكن اليد العاملة في هذه الدول تشهد كذلك تغييرا في تفضيلاتها، كما هو الحال في جميع الدول الأسيوية.
أما بالنسبة لنقل هذه الشركات المصنعة لدول أقل تكلفة مثل أفريقيا وجنوب آسيا، تشير صحيفة وول ستريت جورنال إلى أنها ليست بالحل السهل لأن العديد منها لا تتمتع باستقرار سياسي ولا تمتلك بنية تحتية جيدة ويدا عاملة مدربة، كما أن كثافتها السكانية لا تمثل حتى 20٪ من سكان الصين، وفق موقع كوارتز.
لاستقطاب اليد العاملة الآسيوية، اضطرت المصانع الزيادة في الأجور وتبني استراتيجيات مكلفة أحيانا تشمل تحسين خدمات المطاعم بالمصانع وإنشاء رياض لأطفال العمال.
في فيتنام، زادت أجور المصانع بأكثر من الضعف منذ عام 2011، لتصل إلى 320 دولارًا في الشهر، ثلاثة أضعاف معدل الزيادة في الولايات المتحدة، وفقا لبيانات منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة.
وفي الصين، ارتفعت أجور المصانع بنسبة 122٪ من عام 2012 إلى عام 2021.
تقدر صادرات الصين للعالم بقيمة تزيد عن 3 تريليون دولار أميركي، بحسب مرصد التعقيد الاقتصادي، ويغطي هذا العدد ما يقدر بـ 41٪ من صادرات العالم، حسب موقع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، قدرت مجموع الصادرات الصينية بـ 124 مليار دولار في 2017، وهي أعلى بكثير عن الصادرات الأمريكية للمنطقة، وفق معهد الشرق الأوسط.
وفي حالة تفاقم مشكل اليد العاملة بالمصانع الآسيوية وانخفاض الإنتاج، سيشعر العالم بتبعياته حيث سترتفع الأسعار بسبب تزايد الطلب على العرض، حسب ما نقله موقع ماركيت بلايس عن بوون من معهد بيتيرسون.
نقص اليد العاملة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأجهزة الالكترونية (المصدر أ. ب.)
وقد يتأثر هذا القطاع بالنقص الذي تعرفه اليد لعاملة حيث يحذر تقرير حديث نشره موقع ساوث مورنينغ تشاينا بوست أن نقص العمالة الرقمية في قطاع التصنيع الذكي سينمو إلى 5.5 مليون بحلول عام 2025، وهو ما قد يشير إلى ارتفاع في أسعار هذه المنتوجات.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة