الاغتصاب الزوجي.. بين حقوق الهنديات وقانون الاستعمار

"قلت له إنني لم أمارس الجنس من قبل، وطلبتُ منه التعامل معي بلطف"، هذا ما قالته ديفيا، 19 سنة لزوجها في ليلة زفافها وكانت تبلغ 17 سنة حينها. ليجيب الزوج بالرفض، معتبراً أنّ "الليلة الأولى مهمة جداً لنا نحن الرجال".

وتروي ديفيا أنه صفعها بعنف، ومزّق ملابسها وأجبرها على ممارسة الجنس معه.

ويبرّر الزوج تصرّفه بقوله: "أنتِ زوجتي ولديّ كامل الحق في أن أفعل ما أريده بك". هذا فضلاً عن أنّ أهلها لم يدفعوا له المهر المعتاد الذي يكون مرتفعاً، فاستخدم الموضوع أيضاً ضدّها.

في حين أنّ زواج ديفيا كان مرتّباً كما هو حال الغالبية، إلاّ أنّ زواج سواتي شارما، 24 سنة وهي أم لولدين، كان عن حب. ومع ذلك كان يهاجمها عندما يغضب، وتقول: "إذا رفضت ممارسة الجنس معه، كان يتّهمني بأنّني أقيم علاقة غرامية مع غيره".

وكانت نقطة التحوّل عند سواتي، عندما جرّدها من ملابسها أمام ولديهما بانتظار أن يخلدا إلى النوم. ثمّ "بدأ يمارس الجنس معي.. ولم يتركني حتى نال مراده". حينها حزمت أغراضها وغادرت برفقة ولديها.

يحافظ قانون العقوبات الهندي الجديد، الموروث من العصر البريطاني، على بند الاستثناء الذي ينصّ على أنّ "الأفعال الجنسية التي يقوم بها رجل مع زوجته عندما يكون عمرها فوق 18 سنة، لا تشكل اغتصاباً". وهو ما تعترض عليه المحامية كارونا نوندي وممثلة جمعية جميع النساء الديمقراطيات في الهند، All India Democratic Women’s Association AIDWA".

وقدمت نوندي استئنافاً أمام العليا، واصفة البند بأنه "استعمار موروث من عقلية من العصر الفيكتوري". وتأمل في حدوث تغيير، مستشهدة ببعض الدول التي حظرت بنوداً أو قوانين مماثلة، يفوق عددها 50 دولة.

ويشدّد رئيس المحكمة العليا دي واي تشاندراتشود، على أنه لا ينبغي استخدام الزواج كدرع للجريمة، و"الارتباط لا يعني سلب حقوق جسمك منك"، كما تصرّح مونيكا تيواري، منسقة ومستشارة لمنظمة "شاكتي شاليني" غير الحكومية، المُدافعة عن ضحايا العنف الجنسي.

ديفيا وسواتي، نماذج لنساء كثيرات في الهند وخارجها يتحمّلن الاعتداءات الجنسية عليهنّ. البعض قد ينجح بالفرار والبعض الآخر يخشين على أولادهنّ أو يواجهن ضغوطا اجتماعية كثيرة.

وفي حين خضع زوج سواتي للعلاج وأقنعها بالعودة، فإنّ ديفيا تركت المنزل وتعيش بخوف نتيجة تهديد زوجها لها بالقتل و"عدم السماح لها بالعيش" كما تنصّ الرسالة التي أرسلها لوالدتها.

الاغتصاب مجرم بموجب القانون الدولي باعتباره انتهاكاً لحقوق الإنسان، ومظهراً من مظاهر العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات، والذي يمكن أن يصل إلى مستوى التعذيب. ويعتقد العديد أنه من واجب الدول سنّ تشريعات تجرّمه وتضمن محاكمة الجناة.

وعلى الصعيد العالمي، تتعرض امرأة من كل 3 نساء، أي نحو 736 مليون امرأة، طوال حياتهن للعنف الجسدي أو الجنسي من قبل شريك حميم أو للعنف الجنسي من شخص غير شريك، بحسب تقرير نشرته الأمم المتحدة في 2021.

وعلى الرغم من تجريم الاغتصاب في عدد كبير من الدول، فإنه يبقى واحدا من أكثر الجرائم انتشاراً.

من الدول التي لا تعتبر الاغتصاب الزوجي جريمة، ولا تشرع قوانين تدين هذا الفعل:

• جزر البهاما.
• بنغلاديش.
• ماليزيا.
• نيجيريا.
• جنوب السودان.

من الدول التي تعترف بالاغتصاب الزوجي في قوانينها:

• فرنسا: منذ عام 2010، صدر قانون يسمح لقاضي شؤون الأسرة بإصدار أمر مستعجل بالإبعاد المكاني للزوج الذي يعتدي على زوجته في 3 أنواع من الجنح ومنها الاغتصاب الزوجي.
• ألمانيا: عدّلت القانون الجنائي عام 2016، عملاً بالمبدأ "لا يعني لا" الذي يعتبر الاغتصاب أي فعل جنسي دون إرادة الزوجة.
• المغرب: تجرّم المادة 486 من قانون العقوبات الاغتصاب الذي تعتبره إقامة علاقة مع الزوجة رغماً عنها.
• الدنمارك: تجرّم ممارسة الجنس دون موافقة الطرف الآخر بموجب قانون الاغتصاب.