أسواق
.
تصل كسائح لأي دولة من دول العالم، أو مغترب عائد إلي بلدك في إجازة وتقرر تأجير سيارة لتحركاتك المكثفة، فتتجه نحو أقرب وكالة تأجير سيارات، تختار واحدة ثم تتجه لحطة البنزين حيث تملؤها بالوقود، وتدفع الثمن بالعملة المحلية وتنطلق لاستكشاف البلدة الجديدة.
حلم يبدو ساحرا لأحد أنماط النقل الفردية، إلا أنه يبتعد كل البعد عن التجربة التي يخوضها السوري المغترب أو السائح في الأراضي السورية، حيث أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية عن نظام لتعبئة البنزين مخصص فقط للمغتربين السوريين والزوار العرب والأجانب.
يستهدف النظام الجديد الذي أقرته وزارة النفط السورية من تمكين الفئات المستهدفة من تعبئة البنزين عن طريق بطاقات خاصة مسبقة الدفع، تخصم سعر البنزين بالعملة الأجنبية، لا بالليرة السورية.
تصدر هذه البطاقات عن طريق ماكينات الصراف الآلي الخاصة بالمصرف التجاري، وفروعه المختلفة داخل المحافظات السورية وفي المناطق الحدودية، وتتيح البطاقة لحاملها كمية من البنزين تصل ٢٠٠ لتر تصلح للاستخدام مدة ثلاثة أشهر، وذلك بمجرد تفعيلها عبر النوافذ الإلكترونية وإدخال رقم البطاقة.
تُمكّن البطاقة حاملها من الحصول على البنزين فئة أوكتان ٩٠ من المحطات الخاصة أو الحكومية، كما يمكن الحصول على بنزين فئة أوكتان ٩٥ من أي محطة تبيع هذا النوع، أما السعر فلن يكون مرتبطا بسعر البنزين محليا، وإنما تبيعه الحكومة بالسعر العالمي، ليبلغ حوالي دولار و ١٠ سنتات للبنزين ٩٠، ودولار و٢٠ سنتا للبنزين ٩٥.
فيما تحاول الحكومة السورية توفير الوقود بالأسعار العالمية للزوار، يعاني الداخل السوري من أزمات متجددة في ملف المحروقات، إذ دائما ما تطارد المواطن أشباح نقص البنزين في المنافذ الرسمية، لاسيما المدعوم منه والذين يحصل عليه المواطنين بموجب ما يُعرف بالبطاقات الذكية.
شح البنزين أدى لصعود سوق سوداء موازية للمحروقات أقبل عليها المواطنون في غير منطقة من المناطق السورية؛ ما بين حلب وطرطوس واللاذقية ودمشق العاصمة، حتى أن سعر لتر البنزين في السوق الموازية وصل لحوالي ١٠ آلاف ليرة سورية آنذاك أي حوالي ٣ دولارات و٣١ سنتا.
في العام الماضي، رفعت الحكومة أسعار البنزين ٤ مرات متتالية، ففي أغسطس من العام الماضي على سبيل المثال وصلت نسبة زيادة البنزين المدعوم لحوالي ١٣٠٪ ليرتفع سعره إلي ٢٥٠٠ ليرة سورية أي حوالي ٠.٩٩ دولار، بدلا من ١١٠٠ ليرة.
أما سعر البنزين غير المدعوم فئة ٩٠ فقفز آنذاك إلي ٤٠٠٠ آلاف ليرة أي حوالي دولار و٥٩ سنت أميركي، الأمر الذي اعتبرته وزارة النفط آنذاك خطوة في سبيل تحجيم خسائر موازنة النفط، وضمانة لعدم نقص المادة في الأسواق، إلا أن فاتورة المحروقات الجديدة لم تأت منفردة بأي حال، بل تبعها زيادات في أسعار المنتجات الغذائية والنقل والمواد الخام.
بعد ثلاث أشهر فقط، أقرت الحكومة السورية زيادة جديدة على أسعار المحروقات، طارحة أمام المواطنين مرة أخرى معادلة: نقص أو اختلاف السلعة أمام رفع السعر، ففي ديسمبر الماضي صرح رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس في مؤتمر صحافي "من دون اتخاذ هذا القرار، كان الواقع سيكون وقف النشاط الاقتصادي ووقف جميع الخدمات التي تقدم للمواطنين".
بحسب صحيفة الشرق الأوسط، وصل سعر البنزين المدعوم بالبطاقات الذكية بعد زيادات ديسمبر إلي ٣ آلاف ليرة أي حوالي ٠.٩٩ دولار أيضا، فيما وصل بنزين ٩٠ الحر لحوالي ٤٩٠٠ ليرة أي حوالي دولار و٦٢ سنت، فيما يباع بنزين ٩٥ الحر وصل ٥٣٠٠ ليرة أي دولار و٧٥ سنت، في ذلك الحين بدت الزيادة بمثابة خطوة في سبيل تراجع إضافي في جودة المعيشة بالنسبة للأسر السورية التي تعاني بالفعل من تداعيات الأزمة الاقتصادية، فبلغ سعر صرف الدولار مقابل الليرة آنذاك ٣٠١٥ ليرة، كان السعر غير الرسمي في السوق الموازية وصل إلى حوالي ٥٩٠٠ ليرة.
قدرت الصحيفة السعودية آنذاك راتب الموظف الحكومي "في أفضل أحواله" بحوالي ١٥٠ ألف ليرة، بينما يعاني حوالي ٩.٦١٪ من المواطنين في سوريا من البطالة وفقا لموقع statista.
أما هذا العام، فكانت زيادة الأسعار من نصيب بنزين أوكتان ٩٥ الذي وصل سعره ٧٦٠٠ ليرة سورية، بعد زيادتين، أولهما في يناير الماضي والثانية في مايو، عندما بلغ سعر الليتر وفقا لسعر الصرف الرسمي الحالي حوالي ٣.٢ دولار أميركي، فيما لم تتأثر بعد أسعار البنزين المدعم.
فيما تتوجه القواعد الجديدة لشراء المحروقات عن طريق البطاقات للسائحين من العرب والأجانب، فضلا عن المغتربين العائدين في إجازات صيفية، يبدو أن أن عدد المتقاطعين مع منظومة الوقود السورية سوف يظل محدودا، خاصة وأن سوريا قد فقدت تألقها السياحي على مدار قرابة ١٣ عام من النزاع والعنف.
فقبل أن تُخيم سحابة الحرب على الشام، غالبا ما كان يزور الأراضي السورية بضعة ملايين من السائحين، فوفقا لوكالة رويترز، قارب عدد زوار سوريا في النصف الأول من العام ٢٠١٠، نحو ٤ ملايين زائر وذلك قبل اندلاع القتال بأشهر قليلة.
وقدرت وزارة السياحة آنذاك ما يضخه السائحين والمغتربين السوريين من أموال في الاقتصاد المحلي بحوالي ١٧١ مليار ليرة سورية أي ما يعادل ٣.٦٧ مليار دولار بأسعار صرف هذا الوقت.
غير أن وزارة السياحة السورية عادت لتشعر بالتفاؤل مؤخرا، ففي إبريل الماضي، صرح وزير السياحة السوري رامي مرتيني أن أعداد السائحين القادمين إلي سوريا في تزايد. إذ وصل عدد الزوار في الربع الأول من العام الجاري إلى حوالي ٣٨٥ ألف زائر، مقابل ٢٣٦ ألف سائح في الفترة ذاتها من العام ٢٠٢٢.
أما أعداد المغتربين السوريين من العاملين في الخارج، وغير اللاجئين، فتتباين بين دولة وأخرى:
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة