سياسة
.
عند التسوق في السوبر ماركت مثلا، نستطيع تقدير ميزانيتنا ومدفوعاتنا دون الغطس في الحسابات والمعادلات الرياضية، وكلما كانت قائمة المشتريات كبيرة كلما توقفنا لإعادة الحساب مرة أخرى حتى تتأكد من أن الثمن المدفوع يعادل قيمة البضائع التي نشتريها.
لكن الغريب هو عندما تفلت مليارات الدولارات من خبراء ماليين في أقوى جهاز دفاعي بالعالم: وزارة الدفاع الأميركية، بنتاغون. فما هي القصة؟
في مارس 2023، اكتشفت وزارة الدفاع الأميركية خطأ حسابيا تقدر قيمته بـ 3 مليارات دولار للأسلحة التي تسلمها الولايات المتحدة الأميركية لأوكرانيا.
الجندي الأوكراني في أرض المعركة يستخدم مدفع هاوتزر ثمنه يزيد قليلا عن 500 ألف دولار، لكن الخطأ المحاسبي جعل ثمنه 75 مليون دولار. والسبب في ذلك يعود إلى أن محاسبي البنتاغون استبدلوا سعر المدفع بسعر راجمة الصواريخ هايمارس، وهو أحد الأنظمة الدفاعية الأكثر تقدما.
راجمات الصواريخ هايمارس الأميركية المتطورة التي تستخدمها القوات الأوكرانية في المعارك مع روسيا
جاء الخطأ، حسب وول ستريت، من خلال اعتماد الخبراء الماليين تقييم خاطئ للمعدات التي تم توفيرها لأوكرانيا في حربها مع روسيا. فعوض استخدام قيم المعدات المستخدمة من المخزونات التي توفرها أميركا لأوكرانيا، تم الاعتماد على قيم للمعدات الجديدة التي تكون أكثر حداثة وأعلى ثمنا.
من الممكن أن تتعدى قيمة الأسلحة 3 مليارات دولار مع تزايد التحقيقات التي يجريها البنتاغون حاليا، حسب ما صرح به مسؤول في وزارة الدفاع لوكالة رويترز.
لكن أعضاء الكونغرس الأميركي لم يكونوا على علم بهذا الخطأ إلا بعد شهرين من اكتشافه.
رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، مايكل ماكول، ورئيس لجنة القوات المسلحة، مايك روجرز، أصدرا بيانا يعبرا فيه أن "الإفصاح عن الخطأ الحسابي بعد مرور شهرين من اكتشافه يعد مشكلة".
المشكلة، حسب زعمهم، تكمن في أنه كان يجب استعمال هذه الأموال في توفير أسلحة إضافية للرد على الهجوم المرتقب الذي قد تشنه روسيا على أوكرانيا في الأيام المقبلة بدلا من التقشف في صرف الموارد المتوفرة إلى نهاية آخر العام.
يدعو البيان إدارة الرئيس الأميركي بايدن إلى تعويض هذا الوقت الضائع، الذي كان ممكنا من خلاله توفير المساعدة لأوكرانيا، باستخدام الأموال المتبقية في توفير الذخائر العنقودية، والصواريخ الباليستية، التي تحتاجها أوكرانيا للرد على الهجوم وكسب الحرب.
بدأت الولايات المتحدة منذ عام 2022 في تخصيص مليارات الدولارات كمساعدات إنسانية وعسكرية ومالية لأوكرانيا ووصل مجموعها نحو 30.4 مليار دولار، حسب موقع وزارة الدفاع الأميركية.
٣٠ مليار دولار قيمة المساعدات الإنسانية والعسكرية والمالية لأوكرانيا. رويترز
قضية فساد توريد أغذية للجيش الأوكراني يناير الماضي، كانت الفضيحة التي هزت المؤسسة الحاكمة في أوكرانيا وتسببت في الإطاحة بعدد من كبار المسؤولين الأوكرانيين، الأمر الذي يضع ضغوطًا على الحكومة الأوكرانية لإظهار جدية أكبر في مكافحة الفساد في بلد من بين الأكثر فسادا في أوروبا.
المتورطون في القضية هم: نائب وزير الدفاع، ومدير مكتب الرئيس زيلينسكي، ومحافظ العاصمة كييف، ومعهما محافظي 5 مقاطعات.
آثار الحرب الروسية الأوكرانية طالت كل شيء، من وجبات الطعام التي تتناولها إلى أسعار الهاتف الذي تقرأ من خلاله هذا التقرير، وكذلك فاتورته.
فساد في أسعار توريد الغذاء للجيش الأوكراني بأسعار أعلى 3 مرات مقارنة بنفس السلع في الأسواق الأوكرانية. مثلًا طبق من 12 بيضة يباع في أي سوبر ماركت أوكراني بـ1.7 دولار، بينما يشتريه الجيش الأوكراني من شركة التوريد بـ 5.1 دولار (حسابات blinx).
ويصل عدد القوات الأوكرانية النظامية نحو 200 ألف مجند ينشطون في الحرب الدائرة حاليًا.
تجاوز حجم الصفقة 357 مليون دولار، أو 13.1 مليار هريفنيا (عملة أوكرانيا).
وصلت الأموال المنهوبة نحو 328 مليون دولار (حسابات blinx). وكشف القضية تحقيق استقصائي أجراه صحفي أوكراني وحصل من خلاله على مستندات التوريد التي أبرمتها وزارة الدفاع الأوكرانية مع موردي أغذية للجيش بتاريخ 23 ديسمبر 2022، بحسب التحقيق المنشور بنهاية يناير.
يتجاوز الدعم الغربي لأوكرانيا منذ بداية الحرب 40 مليار دولار قيمة المساعدات العسكرية فقط، بخلاف المساعدات الإنسانية من غذاء وأدوية.
بينما تقدم الولايات المتحدة مساعدات إنسانية عبر هيئة المعونة الأميركية، تتجاوز قيمتها نحو 13 مليار دولار، ويراقبها محاسبي شركة ديلويت للرقابة المحاسبية.
بحسب الشروط الأميركية، فإن أوكرانيا ملزمة بتقديم قائمة للأسلحة التي تسلمتها من الولايات المتحدة منذ وصولها وحتى نقاط تواجدها في الجبهة الروسية، ونفس الأمر بالنسبة للذخائر، التي تلتزم أوكرانيا بتقديم بيانات باستهلاكها أو تدميرها. ويراقب على ذلك مسؤولين عسكريين أميركيين من داخل أوكرانيا، حسبما تسمح الظروف الأمنية بتواجدهم.
أوكرانيا هي ثاني أكبر دولة فاسدة في أوروبا، يسبقها فقط روسيا. أما على مستوى العالم فهي من بين الدول الـ 60 الأكثر فسادا، بحسب منظمة الشفافية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة