سياسة
.
في حي بمدينة اسطنبول التركية تطرق بهيس سايات وصديقاتها أبواب جيرانها حاملين الورود والحلوى وكذلك رسائل الإقناع لانتخاب مرشح المعارضة التركية في جولة الإعادة المقررة اليوم في الانتخابات الرئاسية التركية.
ترى سايات التي تدير إحدى وكالات الإعلانات في أسطنبول أنه "لا مجال لليأس" لذلك أنشأ سكان حيها مجموعة عبر تطبيق "واتساب" لتبادل الأفكار مع ناخبين آخرين يصوتون للمعارضة.
تحكي سايات لوكالة فرانس برس عن الفكرة فتقول "غداة الدورة الأولى، بدأنا البحث عن طرق للتغلّب على الاستقطاب والوصول إلى الأشخاص الذين يؤمنون بالدعاية الحكومية".
تجرى جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التركية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحكم البلاد منذ نحو 20 عاما ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو الذي حصل على تأييد تحالف 6 أحزاب معارضة تركية.
"جاري العزيز، إنّهم يكذبون عليك ومستقبل بلادنا يُقلقنا"، هذا هو مضمون الرسالة التي وزعتها سايات وصديقاتها على 600 شخص في حيها، فيما تظهر رسائل مماثلة في جميع أنحاء تركيا تدعو من تغيبوا عن الجولة الأولى من الانتخابات "8.3 مليون شخص" للتصويت في الجولة الثانية.
يرى الصحفي في صحيفة "بيرغون" أوزان غاندوغدو أن مثل هذه المبادرات يمكن أن يكون لها تأثير غير متوقع، فقد قوبلت دعوته ناخبي المعارضة عبر "تويتر" للتحدث "مع مناصري إردوغان والتغلّب على خطاب الكراهية" بآلاف الردود.
يدرك غاندوغدو أن المهمة ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة لكنها تحتاج إلى إقناع 1,5 مليون من مناصري إردوغان لتغيير وجهتهم التصويتية، فيشير "العقل يقودنا إلى التشاؤم. نظام الرجل الواحد يهيننا منذ أشهر. تمّت تسميتنا بأنّنا من دون عَلَم، من دون وطن، من دون دين، إرهابيون... ولكن الناس يقاتلون لإنقاذ شرفهم ولإبراز إرادتهم عبر صندوق الاقتراع".
تقدم الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب إردوغان في الدورة الأولى من الانتخابات بفارق خمس نقاط (49,5%) على منافسه كمال كيليتشدار أوغلو (45%)، ممّا تسبب في خيبة أمل عميقة في معسكر الأخير، بعدما كان مؤمنا إلى حد بعيد بفوزه.
لثلاث ساعات تضع غامزة وهي سيدة تركية وأم لثلاثة أطفال الهاتف على أذنها في محاولات لإقناع زميلتها السابقة التي عادة ما تصوت لإردوغان لتغيير وجهتها بالتصويت لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو ولكن من دون جدوى.
قبيل جولة الإعادة تسعى غامزة وزوجها لحشد المصوتين للمعارضة في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التركية التي انطلقت اليوم، وتطوعت وزوجها للعمل كمراقبين مع إحدى المنظمات غير الحكومية للتصدي للتزوير الانتخابي، وترى غامزة أن هذه هي "الفرصة الأخيرة".
الفن أيضا طريقة جديدة في ممارسة السياسة انطلاقاً من القاعدة فأنتجت كوراي أونات التي تعمل في مجال الفنون السمعية والبصرية مقطعاً لأغنية تنتقد بأسلوب لاذع الرئيس التركي واصفة إياه بـ "السلطان" مع صور لتظاهرات طلابية قمعت، ومدن دمرها الزلزال الذي راح صحيته 50 ألف شخص في فبراير الماضي.
الفيديو الذي أنتجته أونات تمت مشاركته أكثر من مليون ونصف مليون مرّة عبر "تويتر"، فتقول عنه "جعلَنا المقطع نشعر بأنه يمكن أن يكون لنا تأثير، لقد فعلنا ما في وسعنا للفوز في هذه الانتخابات".
أسفرت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة التركية عن حصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على 49,5% من الأصوات، أي أكثر من 26 مليون صوت، وهي نسبة غير كافية للفوز بالانتخابات حيث يحتاج إلى تأمين أكثر من 50% من الأصوات البالغ مجموعها 60 مليونا و697 ألفا و843 صوتا بحسب اللجنة العليا للانتخابات التركية.
وحل كليتشدار أوغلو في المركز الثاني بنسبة أوغلو 44,9% بفارق 2.5 مليون صوت عن رئيس تركيا فيما حل سنان أوغان الأكاديمي في المركز الثالث بـ5.2% من الأصوات، فيما حصد محرم إنجه الذي كان قد انسحب قبيل الجولة الأولى من الانتخابات على أقل من 0.5% من الأصوات.
وتعد هذه الانتخابات مختلفة حيث يشارك فيها أكثر من 5 ملايين شاب يستخدمون لأول مرة حقهم في التصويت ولم يعرفوا رئيسا سوى أردوغان، إضافة إلى أنها تأتي بعد واحد من أعنف الزلازل في تاريخ تركيا والذي حصد أرواح ما لا يقل عن 50 ألف شخص.
بالنسبة لاستطلاعات الرأي لجولة الإعادة فقد جاءت بحسب "رجب صويلو" مدير مكتب ميدل إيست آي على تويتر مربكة، مع الإشارة إلى أنها لم تستطع التنبؤ في الجولة الأولى بشكل صحيح بالنتائج.
وبحسب صويلو فإن مركز كوندا مثلا تنبأ بحصول أردوغان على 52,7% من الأصوات مقابل 47.3% من الأصوات لصالح كليتشدار أوغلو وفقا لاستطلاع الرأي في 34 مقاطعة.
أما مركز ORC فتنبأ بفوز كليتشدار أوغلو بنسبة 50.8% من الأصوات مقابل 49.2% لصالح أردوغان مع وجود أصوات مترددة مقسمة بالتساوي بين المتنافسين.
في أعقاب الجولة الأولى من الانتخابات سعى كل من أردوغان وكليتشدار أوغلو في الحصول على تأييد المرشح سنان أوغان لضمان 2.8 مليون صوت ذهبوا إليه خلال الجولة الأولى، وهو ما نجح فيه الرئيس التركي.
في المقابل قدم كليتشدار أوغلو وعدا بإعادة اللاجئين إلى بلادهم لا سيما السوريين الذين يقدر بعددهم بأربعة ملايين شخص في محاولة لاستقطاب أصوات اليمين الرافض لوجودهم، و استطاع كليتشدار أوغلو أن يؤمن 1.8 مليون صوت من خلال تأييد حزب النصر اليميني "حزب الظفر" ورئيسه أوميت أوزداغ المعروف بمعاداته للاجئين السوريين، لكنه لا يزال يأمل في حصد بعض أصوات المرشح سنان أوغان
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة