يظنّه البعض خبرا مُتداولا، اليوم الثلاثاء، بشأن موافقة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترمب، تسليم نفسه للقضاء بعد اتفاق مكتوب بين الجانبين يتضمن كفالة مالية على الرئيس السابق وشروط الإفراج عنه بعد تسليم نفسه. إلا أن هذا الأمر يعكس خبايا في النظام القضائي الأميركي، كُشفت في سيرة ذاتية بعنوان "المصيدة الأميركية".

هذا الكتاب يروي قصة حقيقة حصلت مع كبير المديرين التنفيذيين السابق في الشركة الفرنسية، ألستوم للطاقة، فريدريك بيروتشي، ويظهر جانبا لا يعرفه كثيرون عن القضاء الأميركي.

فماذا نعرف عن النظام القضائي الأميركي؟ وما هي تفاصيل اتفاقية ترمب مع القضاء؟ وماذا يعني الجهل بخفايا هذا النظام القضائي المعقد، الذي تتدخل فيه "المفاوضات" وتحدد نوع الأحكام؟

تبدأ المفاوضات بين المتهم في الولايات المتحدة الأميركية والقضاء في البلاد منذ المراحل الأولى للاتهام وصولا إلى إصدار الحكم. يتدخل فيها محامون يعقدون اتفاقات مع القضاة، وفق كتاب المصيدة الأميركية، ما يفسر النسبة الكبيرة لنجاح سلطة الادعاء (النيابة) في البلاد بالقضايا العالقة.

بيروتشي وبمساعدة الصحفي ماتيو آرون روى قصته مع القضاء الأميركي، وشرح كيف يعمل، وتكلم عن خبايا الاتفاقات بين المتهمين والقضاء بخصوص الاعتراف أو تنفيذ شروط، مقابل تخفيض العقوبة أو الإفراج وغيرها العديد.

والرابط مع قضية ترمب غير الاتفاق بشأن تسليم نفسه الخميس ٢٤ أغسطس، والإفراج عنه مقابل شروط، هو ما كتبته صحيفة واشنطن بوست في مقدمتها، "يرى محامو ترمب سيناريو مربحا للجانبين في المناوشات التي تسبق المحاكمة حول ما يمكن أن يقوله بشأن لوائح الاتهام".

الادعاء ثم المساومات

ترفع القضايا في أميركا من قبل المدعين العامّين، بعدها تبدأ مرحلة التحقيق، ثم توجيه الاتهام، وبعدها جلسة الاستماع الأولية، ثم دراسة الوقائع من قبل القضاة الذين يقرون الحكم.

بعد انتهاء المراحل السابقة، تبدأ المفاوضات بين المحامين وسلطة الادّعاء، وتحدث فيها المساومة على الإقرار بالذنب ثم جلسة الاستماع التحضيرية، وصولا إلى الاقتراحات التمهيدية، وبعدها المحاكمة.

وفي كل تلك المراحل تحصل مفاوضات بين المتهم والقضاة للإقرار بالذنب مقابل شروط "تكون في الكثير من الأحيان مجحفة بحق المتهم"، حسب تجربة بيروتشي في كتابه.

الجهل بنظام العدالة يساوي السجن

في قضية بيروتشي اعتقل بموجب قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، والذي يعالج قضايا الفساد في العلاقات التجارية الدولية، ويشرح الكتاب الذي صاغه الصحافي ماتيو أرون كيف تحطمت حياة بيروتشي فجأة في ١٤ أبريل ٢٠١٣ عندما أُنزل من الطائرة في نيويورك وانتقل إلى زنزانة.

تكلم عن تجربته مع العدالة الأميركية التي "يسيطر عليها المال"، حسب قوله وأوضح في الكتاب كيف أن "لكل شيء ثمنا وكل أمر قابل للتفاوض، ولم يكن بيروتشي يدرك ذلك في بداية احتجازه، الأمر الذي جعله يقبع في السجن فترة طويلة.

وبسبب عدم علمه بالأساليب المعتمدة في القضاء الأميركي، قضى بيروتشي 25 شهرا في السجون الأميركية، بجانب تفكيك الشركة التي ترأسها بعد دفع واحدة من بين أكبر الغرامات في التاريخ بلغت 772 مليون دولار.

مكائد وراء الكواليس

• وصف بيروتشي الحياة مع المجرمين المتشددين في سجون بنسلفانيا ورود آيلاند، والمكائد وراء الكواليس مع المحامين والمدعين العامين الأميركيين الذين يسعون إلى صفقة إقرار بالذنب، وصراعات خلف الكواليس بين المديرين التنفيذيين والسياسيين الفرنسيين حول عملية استحواذ عبر المحيط الأطلسي بقيمة 10 مليارات دولار، وفق ما ورد في تقرير لوكالة بلومبرغ.

• انتهى الأمر ببيروتشي إلى الاعتراف بالذنب، لدوره في فضيحة الرشوة العالمية التي اجتاحت شركة ألستوم لما يقرب من عقد من الزمن.

اعرف أكثر عن..

كفالة ترمب

• وافق قاض في ولاية جورجيا، الإثنين، على كفالة بقيمة 200 ألف دولار للرئيس السابق دونالد ترمب في قضية التدخل لقلب نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2020 في الولاية الجنوبية. وأمام ترمب و18 متهما آخرين معه في هذه القضية حتى ظهر الجمعة، 16:00 ت.غ، لتسليم أنفسهم للسلطات في جورجيا. وذكرت شبكة سي إن إن نقلا عن مصدرين مطلعين أن ترمب سيسلم نفسه الخميس.

• إضافة إلى كفالة الـ٢٠٠ ألف دولار، فرض سكوت مكافي قاضي محكمة مقاطعة فولتون العليا شروطا أخرى إضافية ضمن اتفاق وافق عليه المدعون العامون ومحامو ترمب، وفق فرانس برس.

• أورد مكافي في مذكرة من ٣ صفحات أنه "لا يجوز للمدعى عليه أن يقوم بأي عمل لترهيب أي شخص يعرفه بأنه مدعى عليه أو شاهد في هذه القضية أو عرقلة إقامة العدالة بطريقة أو بأخرى". وأضاف القاضي: "ما ورد أعلاه يجب أن يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أو إعادة نشر المشاركات التي نشرها شخص آخر".

اعرف أكثر عن..

ترمب والقضاء

طلبت المدعية العامة لمحكمة فولتون، فاني ويليس، من القاضي تحديد موعد 4 مارس من العام المقبل لمحاكمة الرئيس السابق البالغ من العمر 77 عاما بتهمة التلاعب بالانتخابات. ويواجه ترمب المرشح الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية عام 2024 أربع محاكمات جنائية بينما يسعى للعودة إلى البيت الأبيض، وفق فرانس برس.

وُجهت لائحة اتهام إلى ترمب في جورجيا بعد تحقيق استغرق عامين في سلسلة من الجرائم الانتخابية في الولاية.

ومن بين المتهمين الآخرين الذين يواجهون اتهامات في هذه المؤامرة المزعومة، محامي ترمب الشخصي السابق، رودي جولياني، وكبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز.

رابع لائحة اتهام

• وفي لائحة اتهام من 98 صفحة في جورجيا تم الكشف عنها الأسبوع الماضي، وُجهت إلى ترمب و18 متهما آخرين 41 تهمة جنائية إجمالا في ما يتعلق بالجهود المبذولة لإلغاء نتائج انتخابات 2020 في الولاية.

• وشهدت قضية جورجيا إصدار رابع لائحة اتهام لترمب، إذ يواجه الرئيس السابق محاكمة في ولاية نيويورك في مارس تتعلق بدفع أموال لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية، ومحاكمة اتحادية في مايو بفلوريدا تتعلق بإساءة التعامل مع وثائق سرية.

• وهو متهم أيضا في محكمة اتحادية بواشنطن بالسعي بشكل غير قانوني لإلغاء هزيمته في انتخابات عام 2020. وطلب المستشار الخاص جاك سميث إجراء المحاكمة في يناير، ولكن لم يتم تحديد موعد بعد.

• ودفع ترمب ببراءته في جميع القضايا الجنائية وقد يقضي معظم وقته العام المقبل في المحاكم. وقال مكتب قائد الشرطة المحلي في وقت سابق يوم الإثنين إنه عندما يسلم ترمب نفسه، سيكون هناك "إغلاق صارم" للمنطقة المحيطة بالسجن الواقع في شارع رايس. واستسلام ترمب المزمع يوم الخميس سيأتي بعد يوم من أول مناظرة رئاسية للجمهوريين والتي لا ينوي الرئيس السابق حضورها، وفق رويترز.