سياسة
.
احتفالات تخللتها فجأة قنابل صوتية أطلقتها الشرطة الإسرائيلية لتفريق اشتباكات عنيفة بين مؤيدي الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ومعارضيه الذين اشتبكوا أمام سفارة أسمرة في تل أبيب.
خلال الاشتباكات كان هاغوس غافيروت واحدا من هؤلاء المعارضين لأفورقي الذي تساءل مستعجبا في حديثه لرويترز عن أسباب هروبه من بلاده وتتوالى أسئلته "لماذا أعطتهم الشرطة الإسرائيلية الإذن بالاحتفال.. من أجل هذا الديكتاتور؟".
احتجاجات طالبي اللجوء الإريتريين حول العالم ظاهرة متكررة تحدث في كل مناسبة رسمية تقيمها أسمرة ليكون التساؤل ماذا فعل الإريتريون في الدول الأخرى ولماذا فعلوا ذلك؟
في تورنتو بينما كانت الاحتفالات الثقافية الإريترية شبه الرسمية تتخذ شكلها المعتاد فإذا بالاشتباكات تشتعل في أغسطس الماضي لتخلف ٩ جرحى نقلوا للمستشفيات ويسبقهم ٥٠ آخرين في مدينة سياتل الأميركية فيما يعتبره المحتجون أنه "مساندة لواحدة من أكثر الأنظمة القمعية في العالم" بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.
الوقائع التي شهدها أغسطس الماضي، تشابهت وتلك التي شهدها الشهر الذي سبقه في ألمانيا حيث أصيب ٢٦ شرطيا جراء الاشتباكات التي شهدت إلقاء الحجارة فيما ألقي القبض على ٦٠ آخرين بحسب دويتشه فيلله.
تطلق بعض وسائل الإعلام الغربية على إريتريا "كوريا الشمالية الأفريقية" فهي محكومة منذ استقلالها قبل ٣ عقود من قبل الرئيس أسياس أفورقي وتفرض سلطاتها رقابة على الهواتف والإنترنت.
وتحتل إريتريا المرتبة ١٧٤ من بين ١٨٠ دولة حول العالم في حرية الإعلام وفقا لتصنيف منظمة مراسلون بلا حدود للعام الحالي.
ويقول المنتقدون للنظام إن أسمرة تعتقل أي شخص يعارض أفورقي، أو يتجنب التجنيد القسري، أو يحاول الفرار من البلاد، وهي اتهامات ينفيها الرئيس باستمرار.
وبحسب رويترز فإن إريتريا تقوم بتجنيد الرجال والنساء غير المتزوجات الذين تزيد أعمارهم عن ١٨ عاما في الخدمة العسكرية أو الحكومية لأجل غير مسمى منذ الحرب الحدودية بينها وبين جارتها إثيوبيا نهاية الألفية الماضية.
وتشير تقارير لمنظمات حقوقية إلى أن أقارب هؤلاء الذين يفرون من البلاد هربا من الخدمة يتعرضون للعقاب، فيما تنفي الحكومة الإريترية هذه التقارير.
احتجاجات الإريتريين في تورنتو - رويترز
في عام ٢٠١١ تبنى مجلس الأمن الدولي عقوبات ضد النظام الإريتري مدينا استخدام أسمرة "ضريبة الشتات"على الإريتريين "لزعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي"، علاوة على مطالبته التوقف عن "استخدام الابتزاز والتهديد بالعنف والاحتيال وغيرها من الوسائل غير المشروعة لتحصيل الضرائب خارج إريتريا من مواطنيها أو غيرهم من الأفراد المنحدرين من أصل إريتري".
وفقا للغارديان البريطانية فإن سفارات إريتريا تفرض ضريبة قدرها ٢٪ من دخل مواطنيها في الخارج مقابل القيام بالخدمات القنصلية، وقد توصل تقرير لمركز DSP الهولندي المعني بدراسات السياسات عام ٢٠١٧ أن عدم أداء هذه الضريبة يؤدي إلى الحرمان من الخدمات القنصلية ومعاقبة الأقارب في إريتريا.
أشار التقرير الذي تم إعداده بناء على طلب الخارجية الهولندية إلى أن هذه الضريبة قد تكون غير قانونية على أرض الواقع، حيث يتم تحصيلها باستخدام الإكراه والترهيب.
وخلال العام الماضي كانت الضريبة ذاتها محل دعوة للتحقيق طالب بها مجموعة من البرلمانيين البريطانيين قائلين إنها يمكن أن تساعد في تمويل الحرب التي كانت دائرة في إثيوبيا خلال العام الماضي.
وفقا لتقرير المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عام ٢٠١٨ - آخر تقرير ذكر تعداد اللاجئين الإريتريين- فإن تعداد المسجلين يصل إلى أكثر من نصف مليون شخص أكثر من نصفهم في إثيوبيا والسودان (٥٧٪)، أما إسرائيل فيصل تعداد اللاجئين الإريتريين وفقا للتقرير ذاته فيصل عددهم إلى أكثر من ١٤ ألف شخص.
إحصائية المفوضية العليا للاجئين حول الدول التي ينحدر منها اللاجئون بين ٢٠١٧ و ٢٠١٨
يشكل طالبو اللجوء الأفارقة في إسرائيل أكثر من ٤٧ ألف شخص معظمهم من الإريتريين بنسبة تصل إلى ٧٣٪ يليهم السودانيون بنسبة ١٩٪ بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل .
وبحسب مركز تنمية اللاجئين الأفارقة المؤسس عام ٢٠٠٤ في إسرائيل فإن أقل من ١٪ فقط من هؤلاء من حصلوا على صفة لاجئ، ففي عام ٢٠١٦ قبلت إسرائيل سودانيا واحدا من بين أكثر من ٣٠٠٠ طالب لجوء.
وخلال الفترة من ٢٠٠٩ و٢٠١٥ لم تقبل إسرائيل سوى ٤ طلبات لجوء لإريتريين من بين أكثر من ٢٤٠٠ طلب لجوء.
وخلال عامي ٢٠١٧ و٢٠١٨ تصاعد الجدل حيالهم وقد قال عنهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهم ليسوا لاجئين لكن مهاجرين غير شرعيين.
وتعاملت الحكومة الإسرائيلية مع الأفارقة عبر أمرين الأول هو مراكز الاحتجاز في صحراء النقب في سجن سهارونيم ثم في وقت لاحق في مركز احتجاز حولوت المبني خصيصا لهم لكنه أغلق في وقت لاحق.
الأمر الآخر هو ترحيلهم إلى دول ثالثة لم تتحدث عنها إسرائيل لكن أشارت شهادات للمركز السابق ذكره أنها أوغندا ورواندا.
يشكل اليهود ذوي الأصول الإثيوبية حوالي ١٦٥ ألف شخص بينهم ٩٠ ألف ولدوا في إثيوبيا، فيما ولد ٧٤ ألف في إسرائيل بحسب دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية عام ٢٠٢١.
وقد شهد منتصف ثمانينيات القرن العشرين أول عمليات تهجير اليهود في عمليات عرفت باسم العملية موسى والعملية سليمان فيما يصل عددهم لأقل من ٥٠ ألف سخص بحسب موسوعة بريتانيكا.
وبحسب تايمز أوف إسرائيل يسمى اليهود ذوي الأصول الإثيوبية بـ"بيتا إسرائيل" أي (بيت إسرائيل) والذين اكتملت هجرتهم إلى إسرائيل بموجب قانون العودة لليهود وأقاربهم، أما الفلاشا الموجودين حاليا في إثيوبيا ليسوا مؤهلين للهجرة بموجب هذا القانون فهم أحفاد اليهود الإثيوبيين الذين تحولوا إلى المسيحية في القرن التاسع عشر.
وقد وصل حوالي ٢٥ ألف شخص منهم منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بموجب مراسيم حكومية بشرط خضوعهم للتحول الأرثوذكسي إلى اليهودية. لا يجوز للهجرة إلا للفلاشا الذي يعيش آباؤه أو أطفاله في إسرائيل، وفقط إذا كان الوافدون الجدد غير متزوجين وليس لديهم أطفال.
قد شهد الشهر الماضي احتجاجات للمئات منهم لمطالبة الحكومة الإسرائيلية بهجرة المزيد من الفلاشا لإثيوبيا بعد أسبوع واحد من استقبال ٢٠٠ شخص من الإسرائيليين ومن الفلاشا الذين ينطبق عليهم شروط الهجرة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة