الإعفاء من التأشيرة الأميركية.. إسرائيل تفصل البرنامج على قياسها

البرنامج سيبدأ تنفيذه من يوم 30 نوفمبر القادم، وسيسمح للإسرائيليين بالسفر لأميركا دون الحاجة للتقدم بتأشيرة. لكن سيتوجب على الراغبين بالسفر تسجيل بياناتهم في "النظام الإلكتروني لتصريح السفر" الأميركي أونلاين وانتظار الموافقة قبل السفر للولايات المتحدة.

القرار وصفته الصحف الإسرائيلية بـ"الخطوة التاريخية"، واحتفى به قادة الحكومة والمعارضة على حد سواء. كل من رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت تنافسا فيمن له الفضل في إنجاح هذا الاتفاق.

إسرائيل سعت للدخول في برنامج الإعفاء من التأشيرات لعقود، ولكن العقبة الرئيسية كانت دوماً الفلسطينيين.

البرنامج يتطلب أن تعامل إسرائيل كل من يحمل جواز سفر أميركي أزرق بمساواة كاملة في الحقوق بغض النظر عن موطنهم الأصلي، بينما إسرائيل تميز في العادة ضد الفلسطينيين والسوريين والإيرانيين من حملة الجوازات الأميركية وتمنعهم من دخول أراضيها.

قبل عامين، تجدد الحديث في إسرائيل عن محاولة الدخول في البرنامج، واستمرت المحادثات بين واشنطن وتل أبيب للتوصل لحل وسط، في ظل رفض الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إنهاء تمييزها ضد الفلسطينيين الأميركيين.

وفي شهر يوليو الماضي، أشارت صحيفة هآرتس لعقد مسؤولين إسرائيليين أمنين لاجتماع حكومي موسع حذروا فيه من أن الشروط الأميركية للدخول في برنامج الإعفاء من التأشيرات "قد تلحق الضرر بأمن إسرائيل".

المسؤولون الإسرائيليون أبدو قلقهم من إمكانية وصول أعداد كبيرة من الأميركيين العرب والفلسطينيين لتنظيم مظاهرات كبيرة في البلاد.

وفي شهر يناير ظهر السفير الأميركي لإسرائيل توم نايدس في مقطع فيديو ليؤكد عدم التنازل عن أهم شرط لإدخال إسرائيل في البرنامج، حيث قال: "الأميركيون العرب، بما في ذلك الأميركيون الفلسطينيون، سيكون بمقدورهم أن يصعدوا على متن طائرة في نيويورك أو ديترويت والسفر بشكل مباشر لمطار بن غوريون، وبإمكانك زيارة عمتك في بيت لحم. كل ذلك بواسطة جواز سفرك الأميركي الأزرق".

وأخيراً تنازلت إسرائيل وأعلنت إطلاق برنامج "تجريبي" لمنح الفلسطينيين من حملة الجوازات الأميركية الزرقاء معاملة مساوية لبقية الأميركيين في شهر يوليو، وقالت إنها ستسمح لهم العبور لأراضيها عبر مطار بن غوريون بدلاً من جسر الملك حسين (اللنبي) البري مع الأردن ودون الحاجة لطلب تصريح أمني مسبق من القنصليات الإسرائيلية في أميركا قبل السفر بـ45 يوم.

في المقابل، وافقت الحكومة الأميركية على إدخال إسرائيل في البرنامج وأشارت لتشكيلها لجنة ثنائية مع إسرائيل لبحث تلبية الشروط البرنامج خلال الأسابيع القادمة.

يمنى مديرة الأخبار الفلسطينية في صحيفة موندووايس قالت إنها علمت بخبر إعفاء الإسرائيليين من التأشيرة أثناء احتجازها من قبل الإسرائيليين في غرفة انتظار واستجوابها بشأن حالة حملها على الرغم من أنها مواطنة أميركية.

وأضافت يمنى في تغريدة على موقع تويتر "تعرضت للمضايقة والتهديد بعد أن اشتكيت من الأسئلة المتطفلة. سعيد لأن حكومتي تحتفل بأولوياتها المشتركة".

وبحسب يمنى، الجنود الإسرائيليين أخبروها بأنهم قد يمنعوها من دخول الضفة إلا في حال لو كانت حامل حيث يمكن اعتبارها "حالة إنسانية"، واستمروا بحجزها لساعات، وهو ما اعتبرته تمييزاً عنصرياً ضدها في انتهاك لشروط برنامج الإعفاء من التأشيرات.

يمنا ليست وحدها، العديد من الفلسطينيين الحاملين للجواز الأميركي يروون قصصاً مشابهة وأكثر صعوبة عن تعرضهم للمعاملة المهينة والقيود التمييزية وغير المبررة أثناء إطلاق إسرائيل "للبرنامج التجريبي" في شهر يوليو الذي وعد بمعاملة جميع الأميركيين على قدم واحدة من المساواة.

صحيفة هآرتس نقلت عن فلسطيني أميركي يدعى حيدر درويش، يعمل كضابط في قسم شرطة نيويورك، أنه تعرض للمعاملة العنصرية في مطار بن غوريون بعد إطلاق البرنامج التجريبي الإسرائيلي.

حيدر قال إن شرطة الحدود الإسرائيلية استجوبته في مطار بن غوريون بعد أن حصل بالفعل على تأشيرة دخول لمدة ثلاثة أشهر، وأخبرته أنه لم يُسمح له بالدخول إلا لمدة شهر واحد لأنه لم يكن يحمل جوازه الفلسطيني.

وكان هذا على الرغم من أن المذكرة تنص على أن أي شخص يحمل جواز سفر أمريكي يحق له الحصول على تأشيرة لمدة ثلاثة أشهر.

مُنع درويش لاحقًا من عبور عدة نقاط تفتيش مع أخيه ووالده (كلاهما مواطنان أميركيان) ولم يتمكن من اللحاق بطائرته. سُمح له في النهاية بالمرور عند تقديم بطاقة هوية شرطة نيويورك الخاصة به، لكن لم يسمح لشقيقه بالمرور.

وأما أنس شوكت مصيطف، فسافر في شهر يوليو للضفة الغربية مع أطفاله الثلاثة الحاملين للجنسية الأميركية أيضاً.

لكن الجنود الإسرائيليين أوقفوه عند حاجز رنتيس العسكري واتهموه بالحصول على تأشيرة غير صالحة لدخول إسرائيل، وقال إنهم أغمضوا عينيه وقيدوا يديه لمدة 11 ساعة، ثم نقلوه لنقطة تفتيش مختلفة وأجبر على الاتصال بسيارة أجرة لأولاده إما للعودة إلى رام الله أو المرور إلى تل أبيب بمفردهم وفقاً للصحيفة.

وفي نهاية المطاف، قيل له إن تأشيرته صالحة وتم إطلاق سراحه.

لكن في اليوم التالي، رفض الضباط الإسرائيليون السماح له ولصديق له بالدخول إلى إسرائيل أثناء محاولتهما عبور حاجز نعلين بحجة أنهما يحملان بطاقة هوية فلسطينية.

وبعد ست ساعات، تم تحديد موعد لاستجواب الشاباك مع الصديق بينما تم منعه من مغادرة البلاد حتى انتهاء المقابلة.

أنس هو أحد الأطراف المتظلمة في الدعوى القضائية المرفوعة ضد الحكومة الأميركية بتهمة انتهاك قوانين برنامج إعفاء التأشيرات عند قبول انضمام إسرائيل إليه على الرغم من عدم تلبيتها جميع الشروط.

خبراء ومنظمات حقوقية قالوا إن الحكومة الأميركية انتهكت قواعد برنامج الإعفاء من التأشيرات وأعطت إسرائيل معاملة تفضيلية في العديد من النقاط والشروط.

شرط البرنامج الأساسي الذي تم تطبيقه على الأربعين دولة المعفية من التأشيرات الأميركية هو المعاملة بالمثل والمساواة بين جميع الأميركيين دون تمييز على أساس الأصل العرقي أو الديني أو غيره. لكن إسرائيل كانت الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة في عدة نواحي.

الفلسطينيون الأميركيون الذين يعيشون في قطاع غزة ما زال يتوجب عليهم التقدم بطلب الحصول على تصريح أمني من الجيش الإسرائيلي وانتظار ٤٥ يوم للسماح لهم بمغادرة القطاع.

ولا تسمح إسرائيل للفلسطينيين الأميركيين من سكان قطاع غزة بالمغادرة عن طريق مطار بن غوريون، وأنما يعبرون إلى جسر الملك حسين (اللنبي) عبر باصات خصصتها السلطة الفلسطينية تمنعهم من التوقف في الضفة الغربية، فيعبرون إلى الأردن ويسافرون منها.

وترفض إسرائيل عادة طلبات تصريحات الفلسطينيين للسفر بذريعة "أسباب أمنية" دون ذكر تلك الأسباب أو إعطاء فرصة لاستئناف القرار.

الحكومة الأميركية تبرر قبولها بالتمييز ضد مواطنيها القاطنين في غزة على أساس أن القطاع المحاصر خاضع لسلطة "إرهابية" ما يخلق دوافع أمنية استثنائية.

أيضاً، الفلسطينيون الأميركيون الذين يعيشون في الضفة الغربية يتوجب عليهم التقدم بطلب تصريح أمني مسبق لاستخدام مطار بن غوريون في تل أبيب. إلا أن أهالي الضفة الغربية يعتبرون ذلك "حبرا على ورق" وإلا لما تكبدوا مشقة السفر برا عبر ثلاثة معابر حدودية على جسر الملك حسين (اللنبي).

فلسطينيو الضفة الغربية في حال سافروا عبر مطار بن غوريون فإن ختما إسرائيليا سيرافق جواز سفرهم للأبد، وهذا ما يمنعهم من دخول الضفة الغربية عند التفتيش عند جانب السلطة الفلسطينية.

لذا يبقى هذا القرار الإسرائيلي بشأن تسهيلات السفر لأهل الضفة الغربية قرارا نظريا، لأن سكان بيت لحم ورام الله يريدون العودة إليها بعد السفر فلا يجازفون بختم إسرائيلي على جوازاتهم.

أما الفلسطينيون الأميركيون المقيمون في الخارج، فيجب نظرياً السماح لهم بدخول إسرائيل لمدة ٩٠ يوم والوصول للضفة عبر مطار بن غوريون دون أي طلب مسبق لتصريح أمني، لكنهم لا يمكنهم قيادة سياراتهم لدخول إسرائيل عبر الضفة المحتلة، بل يتوجب عليهم الخروج مشياً على الأقدام عبر أحد الحواجز الأمنية مثل باقي الفلسطينيين.

في الوقت نفسه، يمكن لأي أميركي غير فلسطيني دخول الضفة والخروج منها بمركبتهم الخاصة دون أي قيود.

وفي حال تواجد فلسطيني أميركي في الضفة وقتما قرر الجيش الإسرائيلي إغلاق الأراضي المحتلة، لا يمكنهم الخروج والسفر، بينما يمكن لأي أميركي آخر يزور المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الخروج في حال الإغلاق مستخدماً أحد الطرق المخصصة للإسرائيليين.