هل تخشى إسرائيل المواجهة البرية؟

حتى الآن، تمثل الرد الإسرائيلي العنيف في غارات جوية مدوية، حيث بلغت حصيلة الخسائر من قطاع غزة، أكثر من 1100 قتيل وما يصل إلى 4600 مصاب، مع نزوح أكثر من ربع مليون شخص داخل القطاع.

إلا أن هذا ليس كل شيء، حيث أكد مصدر أمني إسرائيلي لوكالة رويترز إن الهجوم البري بات الآن أمر محتوما، ولا يمكن تفاديه، والسبب هو الثمن الباهظ الذي دفعته إسرائيل حتى اللحظة، بحسب المصدر الأمني، مرجحا أن يأتي الهجوم بعد الضربات التي ينفذها سلاح الجو الآن.

من وجهة نظر المصدر الأمني الإسرائيلي الذي تحدث لرويترز، فإن الهدف من الخطوات الحالية هو "إضعاف الطرف الآخر" وإجبار الأفراد على الفرار من المناطق المكدسة"، ويضيف: "يتعلق الأمر أيضا بحجم القوة والاستراتيجية وعنصر المفاجأة. لا يمكنكم الدخول فحسب".

وكان تدمير الطرق أسلوبا معتادا في التمهيد للهجوميين الإسرائيليين البريين السابقين على غزة، بالإضافة إلى تشويش الاتصالات وعرقلة حركة حماس وجماعات مسلحة أخرى، ويقول سكان إنه عند دخول إسرائيل، فإن جرافات قواتها غالبا ما تعبد مسارات جديدة لتتفادى مركباتها الألغام الأرضية في الطرق الحالية.

لكن إرسال القوات إلى بيئة حضرية مكتظة بالسكان ليس بالخيار السهل، على الرغم من توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "بانتقام ساحق"، ردا على حصيلة القتلى الضخمة التي أنزلها مقاتلو حماس بإسرائيل في أسوأ اختراق لدفاعاتها المنيعة منذ حرب أكتوبر 1973 أمام مصر وسوريا.

وقال جيورا إيلاند المستشار السابق للأمن القومي الاسرائيلي إن الضربات الجوية على غزة "بدت مماثلة للغاية للعمليات الإسرائيلية السابقة"، لكن هذه الأساليب لم تردع حماس في الماضي، كما ذكر أن الهجوم البري قد يكون أكثر فعالية في قتل مسلحي حماس وتدمير سلسلة قيادتهم.

أضاف: "ما تزال الحكومة مترددة في اتخاذ هذه المبادرة، لأنها قد تنطوي على سقوط قتلى إسرائيليين أكثر بكثير".

تقوض الحرب في المدن تفوق إسرائيل العسكري، إذ تضعها في مواجهة حركة متمرسة في المعارك، بسبب خوضها صراعات سابقة، كما أنها جيدة التسليح بدعم من إيران.

واستغرقت الحركة، التي سيطرت على غزة في 2007، سنوات أيضا لبناء شبكة من الأنفاق التي تساعد المقاتلين في التواري عن الأنظار، وأحيانا ما تطلق القوات الإسرائيلية على شبكة الأنفاق اسم "مترو غزة".

في 2008، فقدت إسرائيل تسعة جنود خلال توغلها في غزة، وفي 2014، زاد عدد القتلى إلى 66.

لكن حماس في هذه المرة احتجزت أيضا العشرات من الرهائن خلال عملية السابع من أكتوبر، ويمثل ذلك تحديا ضخما لأمة عقيدتها عدم التخلي عن أحد، ففي 2011 وافقت إسرائيل على مبادلة المئات من الأسرى الفلسطينيين مقابل جندي إسرائيلي وحيد هو جلعاد شاليط الذي ظل محتجزا 5 سنوات.

قال طلال عوكل المحلل المقيم في غزة: "إسرائيل تعلم مدى حجم الاستعداد لدى فصائل المقاومة وقدرتها على التعامل مع مثل التوغلات البرية".

وأضاف: "هي تريد أن تُدفع غزة الثمن ولكني لا أعتقد أنها جاهزة لدفع أثمان إضافية إذا ما دخلت غزة".

وحتى مع حشد إسرائيل قوات على حدود القطاع وتعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط، لم تقل الحكومة إذا ما كانت سترسل قوات أم لا.

قال الميجور عمير دينار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "نهاجم بنية حماس التحتية وسنهاجم بقوة وسنستمر في الهجوم"، ولكن عند سؤاله عن اجتياح بري محتمل، لم يخض في التفاصيل، كما رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الخارجية التعليق.

وقال دافيد تسور، الرئيس السابق لشرطة الحدود الإسرائيلية الذي قاد أيضا وحدة "يمام" الخاصة لمكافحة الإرهاب: "انهارت اتصالات الجنوب وقيادته ولم تكن ثمة اتصالات. استغرق فهم الصورة الكاملة وقتا".

لكنه قال إن القوات تعافت الآن، وأضاف: "بمجرد تأهب جميع القوات، سيكون ثمة رد فعل ناجز".

وقال مسؤول من أحد فصائل المقاومة طلب عدم ذكر اسمه: "نحن دائما على جاهزية تامة، وإذا ما دفعت إسرائيل بمزيد من الجنود فمصيرهم سيكون إما جثثا أو رهائن".

وأثبتت حماس بالفعل أنها قوة أشرس وأكثر قدرة مما توقعت إسرائيل بشنها هجوم السابع من أكتوبر، وتمثل العملية الفلسطينية إخفاقا مخابراتيا ذريعا لإسرائيل التي تتفاخر بقدرتها على اختراق صفوف المسلحين ومراقبتهم، وتكشف العملية أيضا ضعف القيادة الجنوبية في إسرائيل.