مجزرة المعمداني.. غياب الحفرة دليل على عدم ضلوع إسرائيل؟

تستخدم إسرائيل بعض الأسلحة "العمياء، التي ليس من الضرورة أن تخلف حفرا بالأرض"، وتشمل الكثير من الأسلحة متفجرات الفسفور الأبيض، وفق ما قال خبير الأمن الاستراتيجي، الدكتور ابراهيم عيسى العبادي، في حديث لموقع بلينكس.

"وسبق أن أرسلت إسرائيل إنذارا لهذا المستشفى بالإخلاء، ونفذت قبل ذلك ضربات صغيرة بالقرب منه، وذلك انطلاقا من قناعتها بوجود قاعدة لحماس"، ويشكل ذلك، حسب العبادي، "مؤشرات تورط إضافية بحق إسرائيل".

وشكك العبادي بالرواية الإسرائيلية، مشددا على أن "ليست جميع الأسلحة تتسبب بإنتاج حفر بالأرض، بل هناك نوع من الأسلحة التي تضرب المباني، وليس من الضرورة أن تحدث عمقا بالأرض، حتى لو قصفت من الطائرة".

العبادي أشار إلى أن إسرائيل على الأرجح استخدمت قنبلة موجهة تعرف بـMK84، أرسلتها الولايات المتحدة الأميركية إليها منذ أسبوع، حسب زعمه.

وشدد على أنه إذا كانت إسرائيل تودّ أن تنفي مسؤوليتها أمام العالم، يمكنها أن تقدم صورا من الأقمار الصناعية تبين أن هذا الصاروخ خرج من غزة وسقط باتجاه المستشفى، مؤكدا أن منطقة النزاع في غزة مراقبة بشكل تام من قبل الأقمار الصناعية، فحتى الإدارة الأميركية يمكنها إثبات ذلك.

لكن كلّ المؤشرات العسكرية والأمنية، حسب العبادي، تدلّ على أن استهداف المستشفى حصل من خلال ضربة آتية من السماء، أيّ من طائرة، وأن هذه القنبلة التي سقطت على المستشفى كان هدفها ضرب مساحة جغرافية أفقية وليست عامودية.

"لذلك فإنه ليس بالضرورة أن تحدث القنبلة حفرة داخل الأرض. فهناك أسلحة تقوم بإبادة أفقية، والهدف منها تدمير كل شيء موجود على السطح"، يوضح خبير الأمن الاستراتيجي.

سأل موقع بلينكس البنتاغون، عبر البريد الإلكتروني، حول ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية قد زودت إسرائيل بالفعل بـMK-84 منذ أسبوع، وما إذا كانت هذه الصواريخ مصممة للتقليل من الأثر الأرضي وتكوين الحفر.

وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية، في ضوء المخاوف الدولية، بوضع يسمح لها بمشاركة صور الأقمار الصناعية أو أدلة فيديو يمكنها أن تؤكد الرواية الإسرائيلية التي تبناها الرئيس الأميركي، جو بايدن.

احجم البنتاغون عن الرد على هذه المعلومات وقال لبلينكس إنه "ليس لدينا أي تفاصيل لنقدمها في الوقت الحالي بشأن ما أرسلته (الولايات المتحدة الأميركية) إلى إسرائيل أو تصور لإمكانية مشاركة هذه المعلومات".

وأشار البنتاغون، في جوابه لموقع بلينكس، إلى مجموعة من البيانات أصدرها بوقت سابق، منها تأهب ٢٠٠٠ جندي للأوضاع في الشرق الأوسط.

الرواية الإسرائيلية حملت حركة الجهاد مسؤولية القصف الذي تسبب بمقتل المئات في المستشفى، ودعمها الرئيس الأميركي، جو بايدن، بقوله إن حماس لم تجلب سوى "المعاناة" للشعب الفلسطيني، وإنه شعر "بحزن عميق وغضب شديد بسبب القصف الذي وقع في المستشفى في غزة"، مضيفا "بناء على ما رأيته يبدو أن ذلك تم من قبل الطرف الآخر وليس أنتم"، وذلك خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تل أبيب.

وأضاف "لكن هناك الكثير من الناس يشككون بالأمر وعليه يتعين علينا تجاوز الكثير من الأمور"، قبل أن يعود للتوضيح بأن اتهامه للطرف الآخر كان بناء علي تقارير أطلعه عليها البنتاغون.

لم تردّ وزارة الخارجية الأميركية على الأسئلة بشأن أي أسلحة قدمتها واشنطن لإسرائيل مؤخرا، وما إذا كانت الإدارة الأميركية مستعدة لإثبات عدم تورط إسرائيل باستهداف المستشفى من خلال صور وفيديوهات من الأقمار الصناعية.

وفي المقابل قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لموقع بلينكس إن "الفرق بين الإرهابيين ودول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل هو أننا لا نستهدف المدنيين عمدا"، وتابع "لا يتحمل المدنيون المسؤولية عن الإرهاب المروع الذي تمارسه حماس، وينبغي منحهم كل الفرص لحماية أنفسهم من القتال. ويحظى المدنيون بالحماية بموجب قوانين الحرب".

وصرّح المتحدث لموقعنا: "ليس من اختصاص الولايات المتحدة الأميركية التحدث عن الجدول الزمني أو تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية".

وشدد على أن بلاده تدعم "إسرائيل باتخاذ الإجراءات الضرورية والمتناسبة للدفاع عن نفسها وحماية شعبها من إرهابيي حماس بما يتوافق مع القوانين"، وفق وصفه.

وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية إلى إن "الهدف النهائي لإسرائيل هو سلامتها وأمن الدولة اليهودية الديمقراطية والشعب اليهودي على المدى الطويل. والتأكد من القضاء على التهديد الذي تشكله حماس على إسرائيل. وهذا هو ما تعمل عليه إسرائيل، وهو القضاء على البنية التحتية الإرهابية في غزة".

وشدد على أن "الولايات المتحدة تدعم الممر الآمن للمدنيين الذين يلتمسون الحماية في غزة والجهود المبذولة لفتح وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوفير المساعدة العاجلة المنقذة للحياة بما في ذلك المياه والغذاء والرعاية الطبية".

قنبلة MK 84 تُعرف بالـ"المطرقة" لقوتها. وصممت لتكون قنبلة ذات سقوط حر وغير موجه للأغراض العامة، وهي أكبر قنبلة ضمن سلسلة قنابل مارك 80.

وكونها قنابل غير موجهة، فيتم إسقاطها من طائرة وتهبط أينما تأخذها الجاذبية.

أكدت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة مقتل 471 شخصا في قصف المستشفى الأهلي العربي، واتهمت إسرائيل بالوقوف وراءه.

وبلغ عدد القتلى في إسرائيل منذ بدء الهجوم أكثر من 1400 قتيل، معظمهم مدنيون، وفق مسؤولين إسرائيليين. وترد إسرائيل بقصف عنيف على قطاع غزة حيث قُتل أكثر من 3 آلاف و478 فلسطينيا غالبيتهم من المدنيين، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

وصفت حماس استهداف المستشفى بـ"المذبحة المروعة"، قائلة إنه نجم عن غارة إسرائيلية.

ورفضت حركة الجهاد ادعاءات الجيش الإسرائيلي، واتهمت إسرائيل بـ"محاولة التهرب من المسؤولية عن المذبحة الوحشية التي ارتكبتها".

وأشارت الحركة إلى أمر إسرائيل بإخلاء المستشفى ثم قصفه في وقت سابق دليل على أن المستشفى كان هدفا إسرائيليا.

وأضافت أن حجم الانفجار وزاوية سقوط الصاروخ وحجم الدمار أمور تشير إلى أن الغارة إسرائيلية.