مطبخ ومغسلة ومرحاض.. أهلا بكم في مستشفى الشفاء بـ"عيون إسرائيلية"

بعد أسابيع من تحول مُجمع الشفاء إلى جزء من ساحة المعركة في عملية التوغل البري الإسرائيلية، اصطحب الجيش الإسرائيلي مجموعة من الصحافيين إلى المستشفى الذي تعرض للقصف والحصار في شمال غزة.

شاركت في الجولة حوالي ٢٠ وسيلة إعلامية، بحسب وكالة فرانس برس، إلا أنها لم تكن جولة عفوية حيث خضعت الصور ومقاطع الفيديو وحتى المقابلات للرقابة العسكرية الإسرائيلية.

داخل المُجمع بدت المباني مدمرة إلا أن ما برز في الجولة كان نفقا ضيقا قاد الضباط المراسلين عبره، حيث أكدوا أنه يمتد من المدينة إلى المستشفى.

ولكن داخل النفق الذي تزعم إسرائيل ارتباطه بشبكة أنفاق تضم مركز قيادة حركة حماس لم يعثر الصحفيون إلا على ما يظهر كمطبخ صغير، بالإضافة إلى مغسلة ومرحاض، تضمن النفق أيضا سريرين معدنيين ومكيف هواء.

وقال قائد اللواء السابع الكولونيل إيلاد تسوري الذي تواجد خلال الجولة عن علاقة حماس بهذا النفق: "عندما يحاولون الاحتماء، ينزلون ويستخدمون المستشفيات دروعا بشرية ويمكنهم البقاء هنا لفترة طويلة".

إلى جانب الأدلة التي نشرتها القوات الإسرائيلية بشكل سابق، يعتقد بعض المحللين أنهم لم يروا "دليلا دامغا" على أن حماس استخدمت المجمع الطبي كمركز قيادة، كما زعمت القوات الإسرائيلية منذ بداية نوفمبر، بحسب تقرير أعدته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

يقول الزميل غير مقيم في مركز جامعة جورج تاون للدراسات الأمنية بجامعة هادفرد، بول بيلار: "لم يظهروا أي شيء يشير إلى أن حماس كانت تستخدم تلك المباني في أي وقت قريب، ناهيك عن استخدامها لأغراض عسكرية، أو كمركز للقيادة والسيطرة".

ولكن خلال الأسبوع الجاري، أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك الجدل، عندما ذكر في مقابلة مع شبكة سي إن إن، أن شركات إسرائيلية كانت ضالعة في بناء الأنفاق المتواجدة أسفل مستشفى الشفاء. وذلك إبان احتلال القوات الإسرائيلية على قطاع غزة.

ووفقا لرئيس الوزراء الذي تحدث للمذيعة كريستيان أمانبور، فإن الغرض من بناء تلك المساحات كان توسعة المساحة التشغيلية للمستشفى.

واعتبر البعض تصريحات باراك دليلا على كذب الرواية الإسرائيلية التي تتهم حماس ببناء أنفاق تحت مُجمع الشفاء بغرض الاحتماء، حسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

بعد فترة وجيزة من السيطرة عليه، سمحت إسرائيل بجولة لصحافيين من هيئة الإذاعة البريطانية داخل المجمع الطبي، هذه المرة أيضا ظهرت للصحافين معالم الدمار جلية، فيما غاب عن المشهد المركز القيادي المزعوم، لكن القوات الإسرائيلية أطلعت الصحافين على سترات واقية من الرصاص وبعض الذخيرة وبنادق وبعض القنابل اليدوية.

من بين الأدلة التي دفعت بها القوات آنذاك جاءت كتيبات ونشرات ورقية، بالإضافة إلى خريطة يعتقد أنها تشير إلى طرق الدخول والخروج من المستشفى.

خلال تلك الجولة أيضا سطلت القوات الإسرائيلية الضوء على عثورها على "أجهزة كمبيوتر ومعدات أخرى" قالت أنها تأمل أن تتضمن معلومات حول الرهائن، إذ زعمت أنها تتضمن صور ومقاطع فيديو لهم، ولكن في الوقت ذاته لم يُسمح للصحافين بمطالعة المواد المتوفرة على تلك الأجهزة.

في جولة مشابهة ذهب صحافيون من شبكة سي إن إن إلى المجمع الطبي، وقُيدت زيارتهم أيضا بشروط إسرائيلية من بينها تقديم الصور التي التقطت في غزة أولا للجيش الإسرائيلي لمراجعتها، وفيما احتفظت الشبكة بالسيطرة النهائية على تحرير تقاريرها، إلا أنه تم الاتفاق على عدم الكشف عن المواقع الحساسة أو هويات الجنود.

وأمام الهوة التي تشكل مدخل نفق داخل المجمع الطبي وجد الصحافيون بقايا سلم وعمودا في المنتصف يعتقد أنه جزء من سلم حلزوني، إلا أن ضعف الإضاءة لم يسمح للمجموعة برؤية ما هو أبعد من ذلك.

وأكد تقرير الشبكة أن وجود النفق هو "الدليل الأكثر إقناعا" إلى الآن حول وجود شبكة أنفاق أسفل المجمع الطبي لكنه لا يُثبت في الوقت ذاته بما لا يدع مجال للشك وجود مركز قيادي بالأسفل.

وكان تحقيق للشبكة الأميركية أثبت في وقت سابق أن بعض الأسلحة التي ظهرت في مقاطع فيديو نشرها الجيش الإسرائيلي ثم العبث بها أو تحريكها، كبنادق الكلاشنكوف التي ظهرت في مقطع فيديو خلف جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي.

وظهر في المقطع الأول الذي نشره الجيش الإسرائيلي بندقية واحدة، بينما لاحقا في مقاطع فيديو أخرى صورتها شبكة فوكس وهيئة الإذاعة البريطانية أثناء جولاتهم، ظهرت بندقيتان في نفس الموقع.

في ذلك الوقت قال الجيش الإسرائيلي أن الفروق بين مقاطع الفيديو تأتي نتيجة اكتشاف المزيد من الأسلحة.

بعد أيام من حصار المجمع الطبي واقتحامه، تتزايد الضغوط على إسرائيل خاصة لدى وصف الأمم المتحدة للمستشفى بأنه تحول لـ"منطقة موت"، بينما بثت وسائل الإعلام حول العالم مقاطع فيديو لعملية نقل الأطفال الخدج، المبتسرين، من المستشفى إلى مصر، مما يدفع إسرائيل لمحاولة الحفاظ على دعم حلفائها لتحقيق هدفها طويل الأمد.

وتخضع مستشفى الشفاء للحماية بموجب القانون الدولي، وبحسب الصحيفة الأميركية يقول الأستاذ في جامعة روتجرز، عادل حق، إن الأدلة التي تطرحها إسرائيل حتى الآن، كوجود أسرى في المستشفى للعلاج أو وجود أنفاق، لا تحرم المستشفى من وضعه القانوني الخاص، فيما يفقد المستشفى الحماية فقط ما إذا تم احتجاز الأسرى داخله أو استخدمته الفصائل لحماية نفسها من الهجمات.