نتنياهو يخشى "جيوب" قادة جيشه

في شهر نوفمبر الماضي، اقترح نتنياهو مسودة قانون البوليغراف أو جهاز كشف الكذب لمنع وزرائه ومستشاريه من تسريب تفاصيل اجتماعات الكابينت للإعلام. وتنص تلك المسودة على إعطاء جهاز الشاباك الأمني الإسرائيلي قوة خاصة لإخضاع المشاركين في اجتماعات الحكومة العليا لجهاز كشف الكذب.

هذه لم تكن المرة الأولى، ففي العام الماضي، أخضع نتنياهو طاقم مستشاريه في حزب الليكود لجهاز كشف الكذب لمعرفة المسؤولين عن تسريب أسرار وكواليس إدارة نتنياهو للحزب وقوائمه الانتخابية.

متحدث باسم الليكود أكد تلك المعلومة وقال إن جميع من خاضوا الاختبار نجحوا فيه. بينما تساءل أمين مظالم الحزب عن مصدر الأموال التي استخدمت في تمويل تلك العملية.

وفي عام 2012، قام نتنياهو بشكل مفاجئ بتأجيل النصف الثاني من اجتماع للكابينت بعد أن قام أحد الحضور بتسريب معلومات من الاجتماع الذي استمر نحو سبع ساعات. وذكر الإعلام الإسرائيلي أن نتنياهو كان يدرس إخضاع أعضاء الكابينت الوزاري لجهاز كشف الكذب وأن رئيس جهاز الشاباك آنذاك اجتمع مع المدعي العام للحكومة لدراسة قانونية مثل تلك الخطوة.

هوس نتنياهو بأجهزة كشف الكذب غير مقتصر عليه، ففي عام 2017، تطوعت زوجته سارة للخضوع لذلك الجهاز عندما واجهت اتهامات بالاختلاس. وقالت حينها صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن نتائج اختبار البوليغراف تعتبر غير حاسمة ولا يؤخذ بها قانونياً في المحاكم الإسرائيلية.

منذ هجوم السابع من أكتوبر واندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، يخشى رئيس الوزراء الإسرائيلي من تحميله المسؤولية عن أكبر فشل استخباراتي وميداني في إسرائيل منذ عقود، وهو ما يعني إنهاء مستقبله السياسي والإطاحة به من منصبه.

لذلك، حاول نتنياهو إلقاء اللوم على جنرالات الجيش وقادة الأجهزة الأمنية فيما حدث والقول إنهم من فشلوا في أداء عملهم وأنهم لم يقوموا بإيصال المعلومات الاستخباراتية الضرورية له لمنع الهجوم. وشن أنصار نتنياهو حرباً على ويكيبيديا وحذفوا المراجع التي تلوم رئيس الوزراء في الموسوعة.

وقالت صحيفة هآرتس إن نتنياهو يعمل على جمع والتلاعب بأدلة تدعم روايته ولإلقاء اللوم على الجيش. وأضافت الصحيفة عن مصادر قريبة من رئيس الوزراء أن زوجته سارة طلبت منه جمع جميع الاتصالات والمحاضر السرية من اجتماعات مجلس الوزراء الأمني والمناقشات حول قضايا الدفاع، وأن يجمع أيضاً كل الخطابات والآراء التي أدلى بها كبار مسؤولي الدفاع السابقين والحاليين والتي تعكس تقييمات استخباراتية خاطئة فيما يتعلق بقدرات حماس ونواياها.

في سابقة هي الأولى من نوعها، قام نتنياهو بتعيين متحدث رسمي باسمه للشؤون العسكرية على الرغم من أن هناك طاقم متحدثين عسكريين في وزارة الدفاع والجيش. وظيفة المتحدث الجديد هي التواصل والارتباط مع المراسلين العسكريين في الصحف المختلفة لإعطائهم رواية ترضي نتنياهو وتبيض صورته.

المتحدث الذي اختاره نتنياهو هو إيلي فيلدشتاين الذي عمل سابقاً كمتحدث باسم فرقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية) التابعة للجيش الإسرائيلي، وعمل فيما بعد كمتحدث باسم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.

ويعد إيلي من اليهود الحريديم شديدي التدين أو الألترا أرثوذكس. لذلك يبدو أن نتنياهو اختاره لتوجهاته اليمينية ليكون ستراً له.

عدم نجاح نتنياهو في اخماد التسريبات المحرجة والتغطية الإعلامية السلبية ضده دفعه للجوء لحيلة جديد، وهي محاولة منع صدور أخبار تمس صورته أمام الرأي العام بحجة أن ذلك يمس بأمن إسرائيل القومي والسلم العام والنظام المجتمعي.

بحسب صحيفة هآرتس، يمارس نتنياهو ضغوطاً مكثفة على الرقيب العسكري الإسرائيلي لمنع نشر أخبار تتعلق به وزوجته سارة وبأسلوب إدارته المتردد للمعركة في غزة، وهدد الرقيب بالعزل من منصبه.

الرقيب العسكري باستطاعته منع تداول أي معلومات تحت بند الأمن القومي والسلم العام، ويحظر مكتب الرقيب في كل عام نشر حوالي 2240 مقال صحفي جزئياً أو كلياً، ويقوم بتحديد قائمة طويلة بالمواضيع المحددة التي يجب عرضها على طاقم مكتبه قبل نشرها للجمهور.

نتنياهو طالب الرقيب العسكري مؤخراً بتشديد سياسة الرقابة وقائمة الأخبار التي يجب تقديمها بشكل مسبق للموافقة. وأرسل نتنياهو للرقيب عدة طلبات بحظر النشر دون أن يكون هناك أي سبب أمني مقنع وراءها.