يائير نتنياهو.. عاطل عن العمل برتبة دبلوماسي

في العادة تمنح وزارة الخارجية الإسرائيلية جوازات سفر دبلوماسية لأشخاص ذوي مناصب رفيعة يمثلونها في الخارج، بهدف تسهيل تنقلهم وسفرهم عبر العالم، مثل الوزراء وأعضاء الكنيست والمسؤولين في الجهاز الأمني ورؤساء السلطة القضائية وأعضاء السلك الدبلوماسي.

وفي حال تقدّم شخص ممن يساعدون في بناء علاقات لإسرائيل في الخارج بطلب للحصول على ذلك الجواز دون أن يحمل صفة رسمية مهمة، يتم تحويل طلبه إلى لجنة الاستثناءات المختصة، لدراسة أسباب الطلب مثل "الحاجة السياسية أو الأمنية"، بحسب هآرتس.

بإمكان اللجنة رفض الطلب إذا لم تكن هناك أسباب مقنعة، ولكن بإمكان مدير عام وزارة الخارجية تجاوز اللجنة وإصدار الجواز على أي حال، وهو ما تتهم الصحيفة به إيلي كوهين، بتورطه في استعمال نفوذه لإقناع مدير عام الوزارة رونان ليفي لإصدار جوازات سفر لأشخاص لا يستحقونها.

يائير نتنياهو لا يحمل صفة رسمية، وليست لديه أسباب سياسية مقنعة للحصول على جواز دبلوماسي بصفة استثنائية. لذلك، تقول هآرتس إن وزير الخارجية إيلي كوهين ومدير عام الوزارة رونين ليفي استصدرا في شهر يناير جوازا دبلوماسيا لنتنياهو الابن في مخالفة لأنظمة الوزارة.

وحسب المصدر فإن وزارة الخارجية تمنح في العادة جوازات دبلوماسية لأبناء رئيس الوزراء، فقط إذا كانوا تحت سن الثامنة عشرة، ليتمكنوا من السفر والتنقل مع والديهم دون الحاجة للمرور من بوابة مختلفة في المطارات.

لكن وزارة الخارجية تجادل بأن سبب منح يائير نتنياهو الاستثناء، بأنه حاصل على الحماية من قبل أعضاء جهاز الشاباك الأمني، الذين يحملون جوازات دبلوماسية بحكم منصبهم الحساس، لذلك قال مدير عام الوزارة بأنه من غير العملي أن يكون ليائير جواز سفر عادي يضطره إلى توديع طاقم حمايته على المنافذ الحدودية للدخول من ممر مختلف عن الشخصيات الاعتبارية.

أحد الأسباب التي تثير غضب الإسرائيليين من مسألة حصول نتنياهو الابن على جواز دبلوماسي، هو أن يائير لا توجد له وظيفة رسمية حتى اللحظة، ومع ذلك يعيش في بذخ ويجوب العالم ويصافح الرؤساء والأثرياء ويواعد الحسناوات كما لو كان ولياً للعرش، على الرغم مما يُشاع بأنه عاطل عن العمل منذ تخرجه وحتى إطلاقه بودكاست يحمل اسمه عام 2020.

يائير يُعد أكثر تطرفاً من والده في آرائه السياسية، فقد روّج في السابق آراء معادية للإسلام والعرب، دفعت فيسبوك لحذف أحد منشوراته، وينشط في أوساط اليمين المتطرف وأقصى اليمين في أوروبا وأميركا، ويعمل على ترويج نظريات المؤامرة، وشيطنة المعارضة الإسرائيلية ضد والده بمن في ذلك مسؤولون كبار في الدولة.

ففي شهر أغسطس الماضي، شارك يائير تغريدة ضد رئيس أركان وزارة الدفاع هرتسي هليفي تقول بأنه "الأكثر فشلاً وتدميراً في تاريخ الجيش الإسرائيلي". وهو ما دفع نتنياهو الأب لإصدار بيان يعبر عن دعمه لهليفي ويدين أي هجمات ضده. وقبلها في بداية العام نشر يائير تغريدة أخرى تحمل نظرية مؤامرة بأن حكومة الولايات المتحدة تمول المظاهرات الاحتجاجية ضد والده، وهو ما دفع وزارة الخارجية الأميركية لإدانة ونفي ادعاء يائير، ما تسبب لوالده في إحراج كبير.

منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، حشدت إسرائيل نحو 360,000 ضابط وجندي احتياط للمعارك، وهو ما مثل رقماً هائلاً وغير مسبوق. الإسرائيليون كباراً وصغاراً هرعوا للانضمام إلى جيشهم انصياعاً لتوجيهات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن هذه الحرب تعد حرب الاستقلال الثانية، لكن الغائب الأبرز الذي لفت الأنظار كان ابن نتنياهو نفسه، يائير. فهو لم يرتدِ الزي العسكري ولو ليوم واحد منذ السابع من أكتوبر.

بالتزامن مع تصاعد الحرب والاجتياح الإسرائيلي البري لغزة، اُلتقطت ليائير صور على شواطئ ميامي فلوريدا الدافئة وهو يستجم ويستمتع بالماء والمناظر الخلابة. وبعد تزايد الانتقادات ضده وعائلته، عاد لإسرائيل خلال أيام الهدنة المؤقتة في شهر نوفمبر والتقط لنفسه الصور كمتطوع بمركز اتصالات (كول سنتر) تابع للمنظمة التطوعية للإسعاف والطوارئ المثيرة للجدل "إيهود هتسلا".

صحيفة هآرتس نبشت وراء نتنياهو الابن، وحاورت رئيس المنظمة الذي أخبرها بأن يائير لم يقرر بعد في توقيت تلك الصورة بأي صفة وأي شكل سيتطوع مع المنظمة، وأنه من غير المؤكد إذا كان هناك اتصال فعلي على الهاتف الذي التقط يائير صورة له وهو يتظاهر بالتحدث عبره.

قبل بضعة أشهر، سرّب إيلي كوهين وزير الخارجية الإسرائيلي خبر لقائه مع وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، بصورة سرية بوساطة إيطالية، ما أثار في حينه عاصفة من الاحتجاجات في ليبيا. اندلعت كذلك احتجاجات ضد كوهين داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية وأجهزة الأمن السيادية لإفساده عملا استغرق بناؤه سنوات من أجل منفعة شخصية بحتة بأن يقدم نفسه للجمهور الإسرائيلي وزيرا ناجحا وماهرا في عمله.

يرى البعض أن طموح الوزير إيلي أكبر من مجرد وزارة، فعينه الآن على المنصب الأول في حزب الليكود، وما يعنيه ذلك من تولي رئاسة الوزراء، بعد أن حصد المركز الثاني في الحزب في الانتخابات الماضية.

صحيفة هآرتس تقول إن إيلي مشتبه في ضغطه لمنح جوازات سفر استثنائية لشخصيات نافذة في حزب الليكود بمساعدة مدير عام وزارته، على الرغم من اعتراض لجنة الاستثناءات على طلبات أولئك الأشخاص.

أحد أبرز الحاصلين على الجواز دون وجه حق هو رئيس مجلس ماتا بنيامين الإقليمي للمستوطنات يسرائيل غانتس، الذي يُعد أحد اللاعبين الأساسيين في الليكود بحسب هآرتس، بسبب تأثيره الكبير على أعضاء الحزب.

وقال المصدر إن كوهين اصطحب معه غانتس في لقاء بينه وبين عمدة مدينة نيويورك إيرك آدامز، وأن لجنة الاستثناءات لم تجد مبررا لإعطاء غانتس الجواز الدبلوماسي، ومع ذلك قام مدير عام الوزارة بتجاوزهم ومنحه تلك الميزة.

أما الثاني فهو رئيس بلدية ديمونا، بيني بيتون، الذي يعد أحد الشخصيات المؤثرة للغاية في الليكود، لدرجة أن الصحيفة تنقل عن أحد المصادر في الحزب قوله بأنه "يمكنه تحديد مصير عضو الكنيست". يُضاف إلى ذلك رئيس مجلس ميادين النقب الإقليمي وعضو الليكود، تامير عيدان، الذي حصل على الجواز الدبلوماسي بذريعة أنه يسافر إلى الخارج في كثير من الأحيان لتعزيز العلاقات بين إسرائيل ودول أخرى في مجال الزراعة على الرغم من رفض اللجنة طلبه. وتذكر الصحيفة اسم رئيس مجلس مرحافيم، شاي الحاج، من بين الحاصلين على تلك الهدية من كوهين. شاي يُوصف بأنه أحد أكبر رعاة الليكود في الجنوب إلى جانب بيتون وعيدان.