لماذا سحبت إسرائيل نفسها من المواجهة في البحر الأحمر؟

خلال الأسابيع الأخيرة، صعّد الحوثيون هجماتهم وبدأوا باستهداف السفن التجارية في محيط مضيق باب المندب في البحر الأحمر، وزعموا أنّها مملوكة لشركات إسرائيلية أو كانت متجهة إلى إسرائيل. لكنّ معظم السفن التي تعرّضت للهجوم كانت لها علاقة بعيدة أو لا علاقة لها بإسرائيل.

وشنّ الحوثيون، الخميس، هجوما آخر على سفينة مملوكة لشركة صينية. وقال المسؤولون إن المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ، الذي زار الخليج خلال الأيّام الأخيرة، طلب من نظرائه في السعودية وعمان وقطر نقل رسائل تحذير إلى الحوثيين.

وشدد ليندركينغ على أنّ الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء هجمات الحوثيين التي تهدد حرية الملاحة في المياه الدولية.

وقال المسؤولون الأميركيون، "دول عدّة في المنطقة وجّهت رسائل مماثلة للحوثيين خلال الأسبوعين الماضيين"، وأوضحت أنّ هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر أو ضدّ إسرائيل فوق أراضيها "غير مقبولة".

يعترف المسؤولون الأميركيون بأنّ هذه التحذيرات حتى الآن لم تدفع الحوثيين إلى وقف تصعيد هجماتهم. ونتيجة لهذه الهجمات، توقّف وصول السفن التجارية إلى ميناء إيلات في جنوب إسرائيل بشكل شبه كامل، حسب أكسيوس.

وتسلك السفن المتجهة إلى إسرائيل من آسيا الآن طريقا يدور حول أفريقيا، مما يجعل الرحلة أطول بـ٣ أسابيع وأكثر تكلفة.

وخلال الأسبوعين الماضيين، بدأت السفن المتجهة إلى موانئ أخرى خارج إسرائيل أيضا باستخدام الطريق الأطول للوصول إلى أوروبا كي لا يتمّ استهدافها.

وقال منسق مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للاتصالات الاستراتيجية، جون كيربي، خلال الأسبوع الماضي، إن وزارة الخارجية والبنتاغون يعملان على إقناع الدول بالمساهمة بسفن بحرية في فرقة العمل التي ستعمل تحت قيادة القوات البحرية للقيادة المركزية الأميركية.

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن قوّة العمل لن ترافق السفن في البحر الأحمر، لكن وجود المزيد من السفن البحرية في المنطقة سيجعل من السهل الردّ على التهديدات.

وأصبحت الحكومة الإسرائيلية تشعر بقلق متزايد بشأن هجمات الحوثيين، حيث قال بعض المسؤولين إنها بحاجة إلى الردّ عسكريا.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إنّ مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي قرر عدم العمل العسكري في الوقت الحالي، حتى لا يتمكن الحوثيون ومؤيدوهم الإيرانيون من صرف انتباه الجيش الإسرائيلي عن الحرب في غزة وخلق صراع أوسع في المنطقة، حسب أكسيوس.

قال ليندركينغ لرويترز إن الولايات المتحدة تريد تشكيل "أوسع تحالف بحري ممكن" لحماية السفن في البحر الأحمر وإرسال "إشارة مهمة" إلى الحوثيين بأنه لن يتم التسامح مع المزيد من الهجمات.

ويهاجم الحوثيون سفنا في الممرات الملاحية بالبحر الأحمر ويطلقون طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة قبل أكثر من شهرين مما يزيد المخاوف من صراع أوسع نطاقا في الشرق الأوسط.

وحذّرت إيران، الخميس، من أنّ مثل هذه القوة ستواجه "مشكلات استثنائية".

وفرقة العمل الحالية في البحر الأحمر وخليج عدن، والمعروفة باسم فرقة العمل المشتركة 153، هي تحالف يضم 39 دولة بقيادة نائب أميرال الأسطول الخامس الأميركي المتمركز في البحرين.

يراقب المجتمع الدولي البحر الأحمر من كثب منذ سنوات، فهذا "الطريق البحري السريع" الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي والذي تمر فيه 20 ألف سفينة تقريبا كل عام، هو منطقة جيوسياسية وتجارية رئيسية.

تمر نحو 40% من التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب الذي يفصل شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا، وفق ما تفيد أرقام رسمية.

تقول الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كامي لونس "في الوقت الحالي، ما زلنا نستطيع السيطرة على الأمور، لكنها لحظة خطرة إلى حدّ ما بالنسبة إلى استقرار هذه المنطقة الاستراتيجية".