واحة السلام.. قرية عرب ويهود بين تل أبيب والقدس

تم تأسيس واحة السلام/نيفي شالوم على يد الأب برونو هوسار انطلاقا من تصوره لقرية يعيش فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون معًا، وفقا لمقال نشرته مجلة أكاديمية للحياة والفكر اليهودي.

ولد برونو هوسار في مصر عام 1911 لأبوين مجريين يهوديين علمانيين، وانتقل في أوائل العشرينات للدراسة في فرنسا حيث تحول إلى الكاثوليكية.

طوال منتصف الخمسينيات والستينيات، سافر الأب برونو وعاش في إسرائيل حيث أعاد الاتصال بجذوره اليهودية وعمل على بناء علاقات أفضل بين المجتمعات المسيحية واليهودية والمسلمة. وفي عام 1972، أقنع منتجا للنبيذ أن يؤجر له قطعة من أراضيه، فكان له تل مطل على وادي أيلون.

خيم ما سيصبح مؤسسا لواحة السلام/نيفي شالوم على هذا التل في صندوق شحن كبير بدون ماء أو كهرباء في انتظار انضمام الآخرين إليه. وبعد 6 سنوات من العيش في هذه الظروف وبدون نجاح يذكر في إقناع الآخرين بمشاركته حلمه، بدأ الأب برونو يستعد للاستسلام.

بعد شهرين، وصلت العائلة الأولى لتعيش معه على التل وتوصل بدعم مالي من رجل ألماني مكنه من بناء مدرسة للتعليم ومن إيصال نظام الماء والكهرباء. وبذلك، بدأ حلمه يتحقق وصارت واحة السلام/نيفي شالوم حقيقة أمام أعينه.

يقطن بالواحة حاليا 40 عائلة فلسطينية و40 عائلة يهودية، مشكلة مجتمعا من 350 شخصا مزدوج اللغة والثقافة.

في مدخل القرية، توجد لوحة مكتوب عليها واحة السلام/نيفي شالوم بكل من اللغتين العربية والعبرية.

تركز الحياة في القرية على مبدأ "المساواة والاحترام المتبادل وكذلك على التعليم كركيزة للتفاهم بين الجانبين"، وفقا لما ذكرته إذاعة دويتشه فيله.

لتعليم الناشئة الصغيرة، أسس أعضاء القرية روضا للأطفال الإسرائيليين والفلسطينيين يجلسون في فصولهم جنبا إلى جنب، مع توفير معلمة إسرائيلية وأخرى فلسطينية تمكنهم من تعلم اللغتين العربية والعبرية.

ويدرس الأطفال معًا حتى نهاية المرحلة الابتدائية في برنامج ثنائي اللغة في مدرسة ترحب أيضًا بالطلاب من القرى الفلسطينية في الضفة الغربية واليهود من إسرائيل. وبعد ذلك، ينتقلون إلى مدارس إعدادية خارج القرية.

يفيد الموقع الرسمي لواحة السلام/نيفي شالوم، الذي يوفر معلومات عن الحياة فيها وكذلك عن زيارتها، أن السكان "يلتزمون بالأهداف الجماعية المتمثلة في المساواة والديمقراطية والسلام"، كما "يحكم سكان القرية معا ويعملون معًا ويلعبون معًا ويجدون يوميًا روابط عبر اللغة والثقافة والدين والسياسة".

بعد هجوم 7 أكتوبر، اضطر السكان إغلاق مدخل القرية لحماية أنفسهم من عناصر حركة حماس وكذلك من اليهود المتطرفين، وفقا لصحيفة البايس الإسبانية.

كما يقوم سكان القرية بدوريات ليلية، اعتادوا عليها حتى في الأوقات الأكثر هدوءا، إذ تعرضت القرية سابقا للتخريب من طرف اليهود المتطرفين الذين يعارضون فكرة التعايش السلمي، حسب ما ورد في صحيفة التلغراف.

وبحسب الصحيفة، استأنف سكان القرية، بعد أسبوع من هجمات 7 أكتوبر، اجتماعاتهم المسائية للحديث عما يقلقهم وكذلك للتنفيس عن أنفسهم .

الفلسطيني نديم تالي، 23 عاما، قال إنه تلقى خبر هجمات حركة حماس على مواقع إسرائيلية بصعوبة لأن له أصدقاء يهود. وما كان أصعب بالنسبة له هو تجنيد صديق قريب.

يعاني السكان بين الفينة والأخرى مما تسميه نافا سونينشاين "المعضلة"، في إشارة إلى الخدمة العسكرية الإجبارية للرجال والنساء في سن 18، حسب ما ذكرته صحيفة الباييس.

في أوقات الحرب، يختل النظام الذي تقوم عليه القرية حيث يرسل إجباريا اليهود الذين نشأوا في هذا المجتمع السلمي لقصف غزة أو إلى وحدات المخابرات للاستفادة من خبراتهم اللغوية والثقافية.

وعلى الرغم من التجنيد الإجباري الذي يفرضه القانون الإسرائيلي، يوجد مجندون لا يرغبون في الانضمام إلى الجيش في المستقبل. نقلت صحيفة التلغراف عن أحدهم قوله: "أتعهد بعدم ارتداء الزي العسكري مرة أخرى أبدًا. أريد أن أكون مجرد شخص من واحة السلام/نيفيه شالوم، وأن أكتفي بهذه الهوية فقط".