هل نسمع خطبة جمعة بالعبرية في غزة؟

أعلن نتنياهو وثيقة تضمنت 3 مراحل لما بعد الحرب. المرحلة الأولى فورية، والثانية متوسطة المدى، والأخيرة بعيدة المدى، وقالت صحيفة الشرق الأوسط، إن الوثيقة "في جوهرها لا تبشّر بشيء، ولن تجد مَن يتعاطى معها في القطاع".

لذلك فإن الانطباع السائد حولها أنها وثيقة "تصلح للتفاوض بين نتنياهو وحلفائه في الحكومة"، وليس مع أصحاب الشأن في غزة.

ورفض هذه الوثيقة كل الناطقين الفلسطينيين، وفي غزة سخروا منها وألفوا عنها النكات، خاصة أن نتنياهو قال إنه لن يسمح بإعادة إعمار غزة إلا بعد تطهيرها ونسج منهاجَيْن ديني وتعليمي جديدين.

ونقلت الصحيفة عن غزيين أنهم "تحدوا نتنياهو أن يجد أحدا في غزة يمكن أن يقبل بلعب دور العمالة الذي ينشده"، مستدلين بفشل المشروع الإسرائيلي لتشكيل "روابط القرى" في الخليل خلال السبعينات. وتساءلوا عن السبب الذي سيجعله ينجح في 2024.

وكان وزير الخارجية كاتس أوضح بعد تصريحه حول خطبة الجمعة وتحكم إسرائيل بها، أنه يقصد أن إسرائيل تريد إدارة في القطاع تتمثل بمدنيين فلسطينيين لا ينتمون إلى حماس.

لم يرق لإسرائيل ما آلت إليه الأوضاع في الضفة الغربية في السبعينيات بعد تصاعد نجم منظمة التحرير الفلسطينية.

وكان أحد الأهداف الإسرائيلية -وقتها- منع سكان المناطق المحتلة من الاشتراك في تحديد أي مستقبل سياسي، وهو ما كانت تسعى إليه منظمة التحرير وقتها، بحسب الباحث في جامعة القدس عمر بشير.

لذلك وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر في سبتمبر 1978، صاغت إسرائيل مباشرة مصطلح "روابط القرى"، وروّجت فيه "أن الفلسطينيين يحكمون أنفسهم".

و"روابط القرى" هي أن يحكم الأمور الأمنية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني شيوخ العشائر الذين كانوا على اتصال مباشر بالحاكم العسكري الإسرائيلي للمنطقة التي يعيشون فيها، وكل مسألة "أمنية" مستعصية، كانت تخرج عن تصرف شيوخ العشائر، يبت فيها الحاكم العسكري الإسرائيلي.

ركزت إسرائيل مشروع "روابط القرى" في الضفة الغربية المحتلة، في محاولة لتطبيق سياسة "الضم الزاحف"، مستثنية القدس التي ضمتها فور انتهاء حرب يونيو 1967، إذ عدّتها منطقة إسرائيلية بامتياز، وطبقت عليها القانون نفسه المقرر في إسرائيل.

بحسب بحث جامعة القدس، فإن أعمال العنف الإسرائيلية ازدادت في فترة الثمانينيات وبداية التسعينيات، وازداد معها عنف المستوطنين وسيطرتهم على الأماكن المقدسة والأراضي الفلسطينية، وكانت الضفة تشهد عمليات صُنفت "إرهابية" كان يقوم بها في الغالب متدينون يهود ضد الفلسطينيين.

إحدى أفظع المذابح التي نُفذّت بحق فلسطينيين، وكانت سببا مباشرا في انتهاء تحكم "روابط القرى" بالسكان، هي مذبحة الحرم الإبراهيمي في 25 فبراير 1994.

وقتها، دخل الطبيب المستوطن باروخ غولدشتاين إلى الحرم الإبراهيمي في الخليل وأطلق النار من سلاح رشاش على المصلين، وقتل 31 منهم، وأصاب 150 بجروح مختلفة.

وكان غولدشتاين قد وُلِد في نيويورك وهاجر إلى إسرائيل عام 1983، وخدم في جيشها طبيبا عسكريا. وكان عضوا ناشطا في الحركة العنصرية المحظورة "كاخ". وكان غولدشتاين يسكن في مستوطنة كريات أربع، المقامة على أراضي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، بحسب المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار".

مثلت هذه المذبحة الضربة القاضية في خاصرة "روابط القرى"، إذ يقول بحث جامعة القدس، إن الفلسطينيين أدركوا أنهم يدفعون الثمن كما لو كانت إسرائيل هي من تحكمهم بالفعل.