بحر غزة.. متنفس الفلسطينيين يُغضب إسرائيل

الأجواء لا تُشبه مثيلتها التقليدية بالصيف، فلا مناشف ولا ملابس سباحة، أو أطعمة ومشروبات شهية.

إلا أن البهجة حاضرة على الرغم من ذلك، إذ بدأ الآلاف من أهالي غزة التوافد على شواطئ دير البلح، بعضهم فضّل النزول للسباحة، والبعض الآخر بقي على الشاطئ، في حين اصطحب بعض الشبان حصانا وجملا للتنزه بهما.

ومن بين الأسر التي لجأت إلى شاطئ البحر عائلة ناجي أبو وسيم، الذي يسعى فقط لإخراج أطفاله من أجواء الحرب والدمار والقتل.

يقول أبو وسيم لوكالة فرانس برس: "أمضيت مع أسرتي 6 ساعات، الأطفال كانوا فرحين".

تلك الساعات الـ6 منحت الأطفال فاصلا، بحسب أبيهم، من سماع أصوات الانفجارات في كل لحظة، والطائرات التي تجوب الأجواء.

وأضاف الأب: "إن شاء الله تنتهي هذه الحرب ونرجع إلى مدينة غزة، حتى لو على الركام".

بالنسبة إلى أهالي غزة النازحين، لم يتبق للمعيشة والمبيت سوى خيام متواضعة أبعد ما تكون عن منازلهم السابقة التي دمّرها القصف أو اضطروا إلى الرحيل عنها.

لم تحجب تلك الخيام عن النازحين برد ليالي الشتاء، كما أنها لا تقيهم حرارة الصيف، إذ يصف محمود الخطيب، وهو نازح عشريني من مدينة غزة، خيمته بأنها أشبه بـ"الفرن"، نظرا إلى الحر الشديد.

وقال: "اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي.. أفضل من الخيمة".

على الرغم من أن أزمة القيظ حُلت بصورة مؤقتة فإن الخطيب يخشى مما هو آت، إذ يعتقد أن غزة مقبلة على فصل صيف حار وقال: "درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب".

وأضاف: "يكفي 7 أشهر من الحرب، لم يبق شيء، لا بيوت ولا مال ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم".

نزح يونس أبو رمضان مع عائلته المكونة من 20 شخصا من شمال قطاع غزة.

الآن يقيم الأب وأطفاله وزوجته في خيمة نزوح بدير البلح ويقول: "لا مفر أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان".

أما زوجته أم رمضان فقالت عن خيم النزوح: "مثل علبة السردين، تكدس وازدحام. لا نعرف الراحة ولا الهدوء، الطيران من جانب وقلق الأطفال من جهة ثانية".

وأضافت: "البحر متنفسنا... شاهدنا كل الناس الموجودة في الخيم وقد نزلوا إلى البحر مثلنا، لأن الجو حار جدا".

ولكن يبقى هاجس آخر أمام أم رمضان، وهو تعرض الشواطئ ذاتها لهجوم إسرائيلي، فتقول: "نحن خائفون أن نُقصف من البحر أيضا، الزوارق الحربية الإسرائيلية قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب ونعود إلى منازلنا".

ليلة 17 أبريل، حظيت غزة بفاصل آخر من اللحظات التي تُشبه الحياة العادية، إذ اجتمعت مجموعات من الشباب النازحين لمتابعة مباراة كرة قدم على شاشة صغيرة.

وتابع الشبان إحدى مباريات دوري أبطال أوروبا، ما بين مانشستر سيتي وريال مدريد، وعلت أصوات التشجيع والهتاف مع تأهل ريال مدريد بضربات الترجيح.

بينما يأخذ أهالي غزة قسطا من الراحة بعد 6 أشهر من القصف المستمر، أعلن إسرائيليون غضبهم من مشاهد الشواطئ المزدحمة بالهاربين من قيظ الخيام.

فعلى حسابه على منصة إكس، قال الصحافي الإسرائيلي، ألموج بوكر، عن الصور الملتقطة لأهالي غزة على ساحل البحر: "هذه الصورة تجعل جسدي يؤلمني. بينما شاطئ زيكيم، أُعلن منطقة عسكرية مغلقة ولا يمكننا نحن السكان الاقتراب منه دون حراسة عسكرية، على الجانب الآخر، يقضي سكان غزة وقتهم على الشاطئ ويستحمون في البحر كما لو لم تكن هناك حرب".

وما اعتبره سكان غزة مهربا لا مفر منه من قيظ الخيام المزدحمة، عدته صحف إسرائيلية "فرصة للتنزه".

فقال تقرير لموقع والا الإسرائيلي: "بينما شاطئ زيكيم مغلق، رُصد المواطنون في قطاع غزة يستغلون الجو المشمس ويستحمون في شواطئ دير البلح".

وزعم تقرير لقناة 12 الإسرائيلية أن مشاهد أهالي غزة على ساحل دير البلح تطرح مثالا على ما عدته "تجدد الحياة الروتينية" في قطاع غزة، مؤكدا أن تلك المشاهد أثارت "ضجة كبيرة".

وأضاف التقرير أن سكان غزة "يخرجون من متاعب الأشهر الماضية ويعودون إلى الأسواق المليئة بالبضائع".

وزعم تقرير آخر أن السلع والخضراوات تملأ الأسواق، فيما انخفض سعر جوال الطحين من 1800 شيكل إلى 95، مقارنة بانعدام قدرة السكان الشرائية بسبب انخفاض الدخول و"قلة التدفق النقدي".