سياسة
.
"غير مؤكد".. كلمتان أجاب بهما الرئيس الأميركي جو بايدن عن سؤال طالما دار في الأذهان، حول موقف إدارته مما تفعله إسرائيل في غزة والاتهامات الموجهة إليها بارتكاب جرائم حرب.
الموازنة السياسية هي العنوان العريض لما تفعله إدارة بايدن في التعامل مع إسرائيل، فتارة تصدر تقارير تُبعد عن تل أبيب الوصول للخط الأحمر ولا تدينها أمام المؤسسات الدولية، وتارة أخرى يصدر مسؤولوها تصريحا غامضا.. فكيف تتعمّد واشنطن عدم الحسم؟
في حوار مع مجلة تايم الأميركية، كانت إجابة الرئيس الأميركي جو بايدن حول ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب في غزة بـ"أمر غير مؤكد"، لتبدأ الانتقادات.
تعليق بايدن يتسق مع تقييم أعلنته إدارته يفيد بأن "من المعقول" أن إسرائيل استخدمت الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة بطرق "تتعارض" مع القانون الدولي.
وتوصلت الخارجية الأميركية في تقريرها إلى ذلك رغبة في الحفاظ على سياسة مرنة، بحسب بريان فينوكين، المحامي السابق بوزارة الخارجية لبوليتيكو.
ويبرر ذلك أن أي قرار حول سلوك إسرائيل خلال حرب غزة سيمنح المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية المزيد من الأدلة ويضع إدارة بايدن في مأزق.
وقد تكون هذه هي القاعدة في المستقبل، لأن الاستنتاجات القانونية السلبية قد تحد من مجال المناورة لدى الإدارة، ويتوقع فيونكين التزام واشنطن بهذه العموميات.
في مارس 2024، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة أجرتها معه شبكة "إم إس إن بي سي"، إن التهديد الإسرائيلي باجتياح مدينة رفح في جنوب قطاع غزة سيكون "خطا أحمر"، لكنه تراجع عن ذلك قائلا إنه لا يوجد خط أحمر، ومضيفا "لن أتخلى عن إسرائيل أبدا".
ثم عاد في التاسع من مايو 2024، ليرسم خطا أحمر لإسرائيل، بتحذيرها من التوقف عن تسليم أسلحة إلى حليفته، لا سيّما بعض الأنواع المحدّدة من القنابل وقذائف المدفعية، حال شن إسرائيل هجوما بريا واسع النطاق على رفح.
لم يمر الشهر، حتى أجرى البيت الأبيض تقييما للخط الأحمر الذي وضعه بايدن في أعقاب الهجوم على النازحين في رفح، بحسب أكسيوس، وتوصل حينها إلى أن الرئيس الأميركي لا يعتزم تغيير سياسته تجاه إسرائيل.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، إن واشنطن لا تعتقد أن أفعال إسرائيل في رفح ترقى إلى عملية واسعة النطاق من شأنها أن تتخطى "الخطوط الحمراء" التي حدّدها بايدن الذي "لا يغض الطرف" عن معاناة المدنيين الفلسطينيين.
وقال لاري لويس، المستشار السابق في البنتاغون ووزارة الخارجية، الذي كتب عدة تقارير فيدرالية عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين، إنه يبدو كما لو أن الجيش الإسرائيلي اتخذ في هذه خطوات لتخفيف الخطر على المدنيين، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
لكنه قال إنه منزعج، لأنه في لقطات المراقبة التي نشرها الجيش الإسرائيلي، ظهر 4 أشخاص خارج المباني المستهدفة قبل الغارة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان الجيش الإسرائيلي "علم وقبل بوجود خسائر بشرية محتملة" أو فشل في ملاحظة الناس، ما يشير إلى مشكلات محتملة في إجراءاته الاحترازية.
خلال أشهر الحرب استقال 4 موظفين في الخارجية الأميركية، آخرهم ستايسي غيلبرت، التي عملت في مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع للوزارة، بحسب واشنطن بوست.
وقدمت غيلبرت استقالتها بعد خلاف حول تقرير ادعى أن إسرائيل لا تعرقل المساعدات الإنسانية لغزة، حسبما قال مسؤولان للصحيفة.
وقالت غيلبرت، في بريد إلكتروني تشرح فيه أسباب استقالتها، إن هناك خطأ في استنتاج وزارة الخارجية الأميركية حول هذا الأمر، وتشير الصحيفة إلى أن هذه الاستقالة تشير إلى وجود معارضة داخل الإدارة الأميركية لتقرير اعتمدت عليه إدارة بايدن لاستمرار إرسال أسلحة بمليارات الدولارات إلى إسرائيل.
سبقتها في الاستقالة هالة راريت التي عملت متحدثة باللغة العربية باسم وزارة الخارجية الأميركية، مبررة قرارها بأنها لا تستطيع الدفاع عن سياسة إدارة بايدن في غزة، في تصريحات نقلتها صحيفة واشنطن بوست، الثلاثاء 30 أبريل 2024.
كما استقال موظفان آخران من موظفي وزارة الخارجية احتجاجًا على سياسة الإدارة من الحرب في غزة. البداية كانت مع جوش بول، وهو موظف حكومي عمل في مجال المساعدات العسكرية الخارجية.
وبعدها، جاءت استقالة أنيل شيلين، التي عملت لمدة عام مسؤولة للشؤون الخارجية في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكشفت أنها كانت ستستقيل بهدوء لكنّ زملاءها طلبوا منها الحديث نيابة عنهم.
موجة الاستقالات بدأت بجوش بول الذي فسّر قراره في مقابلة خاصة، ديسمبر 2023، مع شبكة سي إن إن قال فيها: "لا توجد طريقة لإنجاح السياسة الإسرائيلية في حرب غزة. المعاناة التي نشهدها على الأرض تعكس ذلك، لا أتذكّر أنني رأيت مثل هذا التباين بين قيمنا وأفعالنا، أو بين وجهات نظر قيادتنا السياسية والحقائق على الأرض".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة