سياسة
.
احتجاجات من اليمين المتطرف في لندن وأعمال شغب في ليدز، عنف يعود لبريطانيا ليذكر بأيام الصيف الـ5 الساخنة التي شهدتها عاصمة المملكة المتحدة عام 2011.
ووسط هذه الاحتجاجات والشغب تشهد إنكلترا وويلز تحديدا ارتفاعا في معدلات الجريمة مقارنة بتلك التي كانت قبل نحو عقد، ولذلك طلبت سفارة دولة الإمارات من مواطنيها في المملكة المتحدة بضرورة أخذ الحيطة والحذر وتفادي مناطق التجمعات في بعض المدن، والبقاء على تواصل مع السفارة.. فماذا يحدث هناك؟
أوقفت شرطة لندن، في يوليو ٢٠٢٤، تسعة أشخاص بشبهة ضلوعهم في حوادث وقعت خلال ٣ تظاهرات، إحداها شارك فيها الآلاف تلبية لدعوة أطلقها الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون.
وقالت شرطة العاصمة لندن إنّ 4 أشخاص، يشتبه في اعتدائهم على ٤ شرطيين، أوقفوا خارج حانة.
وأشارت "لحسن الحظ، ما من أحد أصيب بجروح خطرة"، بحسب فرانس برس.
وأتى توقيف هؤلاء بعد توقيف رجلين آخرين بتهمة الاعتداء على أحد المشاركين في تظاهرة مضادة لتظاهرة اليمين المتطرف.
وأوقفت الشرطة هذا المتظاهر بعد أن اتّهمته بالاعتداء على أحد عناصرها.
وبحسب مصدر طبي فقد نقل الجريح إلى المستشفى بعد أن اشتبهت الشرطة بارتكابه جرائم أو مخالفات للنظام العام بدافع الكراهية العنصرية إثر مهاجمته العلم الفلسطيني وإدلائه بتعليقات عنصرية.
في رسالة نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت الشرطة إنّه تم اعتقال رجل للاشتباه بارتكابه جرائم ومخالفات للنظام العام بدافع الكراهية العنصرية، بعد مهاجمته العلم الفلسطيني وإدلائه بتعليق عنصري.
وأوقف شخص آخر بتهمة الاعتداء على أحد المسعفين والإخلال بالنظام العام بسبب ارتكابه أعمال كراهية عنصرية بعد أن ركل أحد عناصر الشرطة.
وحشدت الشرطة ألف عنصر للحفاظ على النظام في العاصمة البريطانية.
وذكرت الشرطة أن التظاهرة المضادة المناهضة للعنصرية نظّمتها مجموعة "الوقوف في وجه العنصرية" ودعمتها نقابات عدة.
ورُفعت خلال التظاهرات لافتات تقول "لا للعنصرية، لا للكراهية"، بالإضافة إلى لافتة "لا لتومي روبنسون"، "لا للفاشية".
وأسّس روبنسون في 2009 هذه الهيئة، وهي جماعة يمينية متطرفة تهدف إلى مكافحة ما تصفه بـ"التهديد الإسلامي" الذي قاده حتى عام 2013، وأُدين في مناسبات عدة، لا سيما بتهمة الشغب والسلوك غير المنضبط والاعتداء، وقضى أشهر عدة في السجن.
لكن اليمين المتطرف ليس وحيدا في الفوضى التي تشهدها بريطانيا، فشهدت ليدز احتجاجات في يوليو 2024 قلب فيها المتظاهرون سيارة وأشعلوا النار في حافلة، بحسب الأناضول.
واندلعت الاحتجاجات عندما أرادت مؤسسة الخدمات الاجتماعية سحب أطفال من أسرة في منطقة هيرهيلز بليدز.
وجاء في بيان صادر عن شرطة "ويست يوركشاير"، أن ضباط الشرطة أخرجوا الأطفال وموظفي مؤسسة الخدمات الاجتماعية بأمان من المنطقة قبل تصاعد العنف.
ارتفع عدد الجرائم في إنكلترا وويلز بوتيرة سريعة من أكثر من 4 ملايين في عام 2013/2014، إلى أعلى مستوى له في عام 2022/23.
وسجلت الشرطة في إنكلترا وويلز ما يقرب من 6.66 ملايين جريمة في عام 2023/24، مقارنة بنحو 6.74 ملايين جريمة في عام 2022/23 بحسب موقع ستاتيستا.
وطرح ذلك تساؤلا حول قدرة الشرطة على مواجهته بما لديها من القوى العاملة والموارد لمواجهته، لاسيما مع اتخاذها إجراءات تقشفية عام 2010.
وأدت الإجراءات التقشفية إلى خفض أعداد ضباط الشرطة بمقدار 20 ألف ضابط، قبل أن تحاول تقليل الفجوة مرة أخرى في عام 2019 بموجب برنامج يُعرف باسم رفع مستوى الشرطة، بحسب الغارديان.
إحصائية ستاتيستا حول معدلات الجريمة في إنكلترا وويلز خلال العقد الأخير
رغم ذلك اضطر 6 آلاف ضابط إلى العمل بعيدا عن الخطوط الأمامية لسد الثغرات الناجمة عن أزمة التمويل، بحسب الصحيفة في يناير ٢٠٢٤.
وقال جافين ستيفنز، رئيس مجلس رؤساء الشرطة الوطنية، إن الشرطة تعمل على خفض الجريمة لكنها تواجه ضغوطا تمويلية شديدة وعجزا نقديا قدره 3.2 مليارات جنيه إسترليني.
يأتي ذلك، رغم إعلان الحكومة البريطانية زيادة قدرها 20 ألف شرطي بالفعل بحلول مارس 2023، ليصبح إجمالي قوة الشرطة العاملة في إنكلترا وويلز ما يقرب من 150 ألفا.
أظهر تقرير مجلس شرطة لندن لشهر ديسمبر 2023 زيادة كبيرة بنسبة 20% في جرائم السرقة، وهي أكبر زيادة في إنكلترا وويلز, زيادة بنسبة 11.4%.
وبوجه عام، فقد شهد عام 2023/24، ما يقرب من 81019 جريمة سرقة أبلغت عنها الشرطة في إنكلترا وويلز، مقارنة بـ75012 في العام السابق، بحسب ستاتيستا.
يأتي ذلك في وقت ترتفع فيه نسبة الفقر في المملكة المتحدة، فتشهد أكبر زيادة في معدلات الفقر المدقع منذ 30 عاما، إذ سقط فيه مئات الآلاف من الأشخاص جراء ارتفاع الأسعار الحادة للطاقة عقب حرب أوكرانيا، بحسب بي بي سي.
ووصل عدد من يعيشون في فقر مدقع إلى ١٢ مليون شخص في عامي 2022 و2023، بزيادة قدرها 600 ألف شخص.
في أغسطس 2011، عاشت إنكلترا 5 أيام صيفية ساخنة في أعقاب مقتل مارك دوغان على يد الشرطة التي كانت تراقبه نظرا للاشتباه في بيعه السلاح، بحسب بي بي سي عام 2021.
في اليوم التالي، تعرفت عائلة دوغان على جثته، ولكن الشرطة لم تطلعهم على أسباب وفاته والتحقيق فيها بحسب ما كشف تحقيق لاحق في 2012.
في اليوم اللاحق تجمع أفراد من معارف دوغان أمام قسم شرطة توتنهام 5 ساعات قبل أن تتحول احتجاجاتهم لعنف مع عدم خروج أي من أفراد الشرطة لمعالجة مخاوفهم، وتمتد الاحتجاجات لمناطق مختلفة في لندن.
وتحول العنف إلى عمليات حرق ونهب، خرجت من نطاق لندن في اليوم الرابع بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.
ومع اليوم الخامس انتهت أعمال عنف مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وجود خطط طوارئ لاستخدام مدافع المياه مع تحذير قبلها بـ24 ساعة. وأعلنت وزارة العدل وجود أماكن كافية في السجون لاستيعاب الجميع.
وانتهت الأيام الخمسة لتسفر في مجموعها عن مقتل 5 أشخاص وتشريد العشرات من الأشخاص وإصابة أكثر من 200 شخص، أغلبهم من ضباط الشرطة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة