هل يمهد الـAI الطريق إلى رئاسة أميركا؟

شهد الأسبوع الماضي، واحدة من أكثر المواقف المثيرة للجدل في الانتخابات الأميركية باستخدام الذكاء الاصطناعي، في واقعة كان بطلها الملياردير الأميركي إيلون ماسك.

ونشر ماسك تسجيلا مصورا يعتمد على "التزييف العميق"، يظهر نائب الرئيس كامالا هاريس، في صورة غير حقيقية، على حسابه الذي يضم 192 مليون متابع على منصة "إكس" التي يمتلكها.

الفيديو احتوى على صوت يُقلد صوت هاريس، وجعلها تصف حالة الرئيس جو بايدن، المنسحب من الانتخابات بـ"الخرف"، قبل أن يسخر منها شخصيا.

ماسك نشر المقطع من دون إشارة واضحة إلى أنه غير حقيقي ونتيجة لتدخل الذكاء الاصطناعي، مكتفيا فقط برمز تعبيري ضاحك "إيموشن"، وبعد انتقادات لاذعة من داعمي هاريس، أوضح إيلون أن المقطع كان بهدف السخرية فحسب.

وأعرب باحثون عن قلقهم من أن المتابعين لربما استنتجوا عن طريق الخطأ بأن هاريس تسخر من نفسها وتستهزئ ببايدن بالفعل، من دون أن ينتبهوا إلى أن المقطع غير حقيقي.

وظهر الشهر الماضي، تسجيلا مصّرا تم التلاعب به، وانتشر على "إكس"، ليظهر بايدن وهو يسب منتقديه مستخدما عبارات مناهضة لمجتمع الميم، بعدما أعلن سحب ترشيحه ودعم ترشّح هاريس.

وكشف بحث عكسي عن الصور بأن التسجيل جاء من خطاب لبايدن بثّته شبكة "بي بي إس" وندد فيه في العنف السياسي بعد محاولة اغتيال ترامب في يوليو الماضي، قبل أن يتم التلاعب به كليا.

وأفادت "بي بي إس" أن التسجيل المصوّر رُكّب بتقنية "التزييف العميق" مستخدما شعارها لخداع المشاهدين، لكن بعد كان المقطع قد انتشر بالفعل وحقق مشاهدات كبيرة.

كما انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع، للرئيس السابق دونالد ترامب، أثناء إيقافه بالقوة من طرف الشرطة، بعد إدانته بتزوير سجلات تجارية في قضية "ستورمي دانيالز".

وأوضح وقتها خبراء الأدلة الجنائية الرقمية، أن الصورة اعتمدت على تقنية التزييف العميق، وأنها غير حقيقية بالمرة، ورغم انتشارها بكثافة، فإن الحقيقة كانت واضحة للجميع نظرا لظهور بايدن بعدها أكثر من مرة.

أكد المؤسس المشارك لـ"Civ AI" لوكاس هانسن، في حديث لوكالة "فرانس برس" أن الأمثلة الأخيرة في الانتخابات الأميركية، تكشف إلى حد كبير عن الكيفية التي سيتم خلالها استخدام مثل هذه المقاطع، مستندة على التزييف العميق في السياسة من الآن فصاعدا.

ونجح الذكاء الاصطناعي في تغيير قواعد اللعبة في انتخابات 2024، مع تعزيز دور مواقع التواصل الاجتماعي، مقارنة بالدور الميداني، وعلق هانسن: "المعلومات المضللة عن طريق الذكاء الاصطناعي مصدر قلق كبير وتوتر في الانتخابات".

واستعرض هانسن الكيفية التي يمكن من خلالها لروبوت دردشة واحد يستخدم الذكاء الاصطناعي أن يؤثر على نسب مشاركة الناخبين عبر إصدار مجموعة كبيرة من التغريدات الكاذبة.

وشملت التجربة منح الروبوت معلومة بسيطة في رسالة تم تخصيصها لمنطقة ألين في تكساس جاء فيها أن مراكز الاقتراع تفرض أجرة على توقيف السيارات، كاختبار لردة فعل المتابعين.

وفي غضون ثوان، انتشرت تغريدة تبلغ المتابعين بمعلومة مضللة مفادها بأن سلطات ألين فرضت بتكتم رسما على إيقاف السيارات قدره 25 دولارا في معظم مواقع التصويت، وهو الأمر الذي يُنفر الجمهور من الحضور.

وحذر مراقبون من انتشار هذا النوع من التزييف على نطاق واسع مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، والخطر الذي يكمن في إثارة الغضب في الأوساط العامة حيال العملية الانتخابية.

وأظهر استطلاع توقع 50% من الأميركيين، أن تؤثر المعلومات المضللة والمفبركة بواسطة الذكاء الاصطناعي على نتيجة الانتخابات، وفقا لـ"أكسيوس"، وشركة "مورنينغ كونسالت" للمعلومات التجارية.

وأفاد نحو ثلث الأميركيين أن ثقتهم بالنتائج ستتراجع بسبب الذكاء الاصطناعي، وفق الاستطلاع، وذكرت شركات تكنولوجيا عملاقة عدة أنها تعمل على أنظمة تصنّف المحتوى المولّد عبر الذكاء الاصطناعي.

وفي رسالة إلى الرؤساء التنفيذيين المعنيين بالتكنولوجيا في أبريل الماضي، طالبت أكثر من 200 مجموعة بجهود عاجلة لتعزيز مكافحة الأكاذيب المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بما في ذلك حظر استخدام التزييف العميق في الإعلانات السياسية واستخدام خوارزميات لدعم المحتوى الانتخابي الواقعي.

وذكرت "فري برس" غير الربحية، وهي من بين المجموعات التي وقعت على الرسالة، أن المنصات لم تقدّم التزامات "جوهرية" في هذه الانتخابات.

وقالت المستشارة القانونية لدى "فري برس" نورا بينافيديز: "ما لدينا الآن هي بيئة سامة على الإنترنت حيث تغرق الأكاذيب بثّنا وتربك الناخبين، وهذه نقطة تحوّل في انتخاباتنا".